ــ[381]ــ
[ 2831 ] مسألة 2 : لا يشترط في وجوبها الإسلام، فتجب على الكافر((1))(1) لكن لا يصحّ أداؤها منه .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
المأخوذ في الموضوع إنّما هو الغنى الملحوظ في حدّ نفسه ـ أي الغنى مع قطع النظر عن تعلّق الحكم ـ لا حتّى بلحاظه وهو متحقّق في المقام حسب الفرض .
هذا ، وعن المبسوط والدروس التفصيل في المقام بين من كان واجداً لتمام مؤونة السنة بالفعل وبين الغنى بالقوّة الذي يستوفي في مؤونته يوماً فيوماً كالعامل ، فتجب الفطرة في الأوّل ، لعدم المحذور بعد تحقّق الموضوع ، بخلاف الثاني، لوجوب الصرف في النفقة ، والمفروض امتناع الجمع ولا دليل على تقديم الفطرة عليها ولا على الاستدانة لها كما لا يخفى (2) .
ويندفع بلزوم الاستدانة مقدّمةً لأداء الواجب بعد تحقّق موضوعه ، إلاّ إذا كان متعذّراً أو متعسّراً ، فيسقط التكليف حينئذ لهذه العلّة . على أ نّه أخصّ من المدّعى لجواز القوت من ناحية اُخرى من عزيمة ونحوها ، فلا يطّرد الفرض .
فتحصّل : أنّ الأقوى ما عليه المشهور من وجوب الفطرة مطلقاً ، عملاً بإطلاقات الأدلّة من غير أيّ محذور فيه حسبما عرفت .
(1) بناءً على المشهور من تكليفه بالفروع كالاُصول ، غايته أنّ أدائها لا يصح منه ، لأ نّها عبادة لا يصحّ صدورها من الكافر ، كما أ نّها تسقط عنه لو أسلم بعد الهلال كما في زكاة المال وغيرها ، لحديث الجبّ (3) والإجماع ، مضافاً إلى صحيحة معاوية بن عمّار الواردة في المقام ، قال : وسألته عن يهودي أسلم
ــــــــــــــــــــــــــــ
(1) على إشكال فيه بل منع كما في زكاة المال .
(2) الجواهر 15 : 491 ـ 492 .
(3) غوالي اللئالي 2 : 54 .
ــ[382]ــ
ليلة الفطر ، عليه فطرة ؟ «قال (عليه السلام) : لا» (1) .
هذا ، ولكن في وجوب الفطرة على الكافر تأمّل وإشكال كما تقدّم في زكاة المال(2) ، أمّا بناءً على عدم تكليف الكفّار بالفروع ـ كما هو الصحيح ـ فظاهر، وأمّا بناءً على تكليفهم بها فلما تقدّم في مباحث القضاء من كتاب الصلاة (3) من الإشكال الذي تعرّض إليه صاحب المدارك ـ وهو أوّل من تنبّه إليه ـ من امتناع تكليف الكافر بالقضاء وأنّ هذا الفرع مستثنى من بقيّة الفروع ، نظراً إلى أنّ توجيه الخطاب إليه بالأداء ممكن ، لجواز اختياره الإسلام فيصلّي ، فالصلاة مقدورة له وقتئذ بالقدرة على مقدّمتها ، فإنّ المقدور بالواسطة مقدور .
وأمّا تكليفه بالقضاء بعد خروج الوقت فمتعذّر بتاتاً ، لخروجها عن تحت القدرة بالكلّيّة ، إذ هي حال الكفر باطلة ، لفقد النيّة المعتبرة في العبادة ، وحال الإسلام ساقطة ، للإجماع ولحديث الجبّ ، فهي غير مقدورة له ولا تصحّ منه في شيء من الأدوار ، إمّا لوجدان المانع أو لفقدان الأمر ، ولأجل ذلك لا يعقل توجيه الخطاب إليه بالقضاء ، لشرطيّة القدرة في متعلّق التكاليف بأسرها .
وقد اُجيب عن هذا الإشكال بأجوبة لا يرجع شيء منها إلى محصّل كما أشرنا إليها في ذلك المبحث ، وأوعزنا إلى أنّ الإشكال وجيه جدّاً لا مدفع عنه ولا محيص عن الالتزام به .
وعلى ضوء ذلك ينسحب الإشكال إلى المقام أيضاً بمناط واحد ، فيقال بامتناع خطاب الكافر بأداء الفطرة ، لأ نّه في حال كفره لا تصح منه ، وإذا اسلم بعد الهلال سقط عنه ، للإجماع وحديث الجبّ وخصوص صحيح معاوية بن
ــــــــــــــــــــــــــــ
(1) الوسائل 9 : 352 / أبواب زكاة الفطرة ب 11 ح 2 .
(2) شرح العروة 23 : 119 .
(3) شرح العروة (كتاب الصلاة 5 / 1) : 115 ـ 118 .
ــ[383]ــ
وإذا أسلم بعد الهلال سقط عنه ، وأمّا المخالف إذا استبصر بعد الهلال فلا تسقط عنه (1) . ــــــــــــــــــــــ
عمار كما تقدّم ، فهي منه إمّا باطلة أو ساقطة ، فلم تكن مقدورة .
فتحصّل : أنّ وجوب الفطرة على الكافر حتّى على المسلك المشهور من تكليف الكفّار بالفروع كالاُصول مشكل ، بل محلّ منع ، وعلى المبنى الآخر فالأمر أوضح حسبما عرفت .
(1) لعدم الموجب للسقوط بوجه ، أمّا إذا لم يؤدّها فظاهر ، لعدم ورود دليل يقتضي السقوط بالاستبصار كما ورد مثل ذلك في الإسلام . وأما إذا أدّاها فللنصوص التي تقدّمت في زكاة المال التي تضمّنت تعليل عدم السقوط بأ نّه وضعها في غير أهلها (1) . ـــــــــــــ
(1) في ص 133 .
|