ــ[410]ــ
[ 2844 ] مسألة 9 : الغائب عن عياله الذين في نفقته يجوز أن يخرج عنهم ، بل يجب ، إلاّ إذا وكّلهم أن يخرجوا من ماله ((1)) الذي تركه عندهم ، أو أذن لهم في التبرّع عنه .
[ 2845 ] مسألة 10 : المملوك المشترك بين مالكين زكاته عليهما بالنسبة إذا كان في عيالهما معاً وكانا موسرين (1) ، ومع إعسار أحدهما تسقط وتبقى حصّة الآخر ، ومع إعسارهما تسقط عنهما ، وإن كان في عيال أحدهما وجبت عليه مع يساره ، وتسقط عنه وعن الآخر مع إعساره وإن كان الآخر موسراً، لكن الأحوط إخراج حصّته ، وإن لم يكن في عيال واحد منهما سقطت عنهما أيضاً ، ولكن الأحوط الإخراج مع اليسار كما عرفت مراراً .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) قد يكون المملوك المشترك بين مالكين عيالاً لهما، واُخرى لأحدهما، وثالثة لا لهذا ولا لذاك .
أمّا في الأخير فلا تجب الفطرة على أيّ منهما ، لعدم العيلولة ، ولا عبرة بمجرّد الملكيّة كما تقدّم .
نعم ، الأحوط ذلك ، لاحتمال الاكتفاء بها ، وحينئذ فإن كان عيالاً لثالث وجبت عليه ، وإلاّ فلا تجب على أحد أبداً : لا نفسه ، لفقد الحرّيّة ، ولا غيره لفقد العيلولة .
وأمّا إذا كان عيالاً لأحدهما دون الآخر وجبت على المعيل إن كان موسراً، وإلاّ سقطت عنه وعن الآخر وإن كان موسراً ، لعسر المعيل وعدم عيلولة الموسر ، وإن كان الأحوط له الإخراج ، لاحتمال كفاية الملكيّة كما تقدّم .
ــــــــــــــــــــــــــــ
(1) هذا فيما إذا كان واثقاً بأ نّهم يؤدّون عنه .
ــ[411]ــ
وأمّا إذا كان عيالاً لهما معاً : فإن كانا معسرين سقط الوجوب عنهما كما هو واضح ، وإن كانا موسرين وجب عليهما بالنسبة ، عملاً بإطلاق قوله (عليه السلام): «الفطرة على كلّ من يعول» الشامل لصورتي وحدة من يعول وتعذّره، إذ لا قصور في الإطلاق عن الشمول لفرض التعدّد ، ومتى شمل لزم منه التقسيط بطبيعة الحال ، الذي مرجعه إلى أنّ النصف على هذا والنصف الآخر على المعيل الآخر ، فالتقسيط والتوزيع لازم قهري ، للإطلاق المزبور ، فهو مطابق لمقتضى القاعدة من غير حاجة إلى إلتماس دليل بالخصوص .
وتعضده مكاتبة محمّد بن القاسم بن الفضيل إلى أبي الحسن الرضا (عليه السلام) يسأله عن المملوك يموت عنه مولاه وهو غائب في بلدة اُخرى وفي يده مال لمولاه ويحضر الفطرة ، أيزكّي عن نفسه من مال مولاه وقد صار لليتامى ؟ «قال : نعم» (1) .
بناءً على استظهار موت المولى قبل هلال شوّال كما تقدّم ليصحّ بها الاستدلال ، وإلاّ فمع الحمل على الموت ما بعد الهلال ـ كما صنعه صاحب الوسائل ـ تكون أجنبيّة عن محلّ الكلام ، لكون المملوك عندئذ ملكاً لمولاه لدى تعلّق الوجوب ، لا لليتامى ليتحقّق الاشتراك ، عدا أ نّها ضعيفة السند كما تقدّم .
نعم ، ربّما يستدلّ لعدم الوجوب بما رواه الصدوق بإسناده عن محمّد بن مسعود العيّاشي ، عن محمّد بن نصير ، عن سهل بن زياد ، عن منصور بن العبّاس ، عن إسماعيل بن سهل ، عن حمّاد بن عيسى ، عن حريز ، عن زرارة ، عن أبي عبدالله (عليه السلام) ، قال : قلت له : عبد بين قوم ، عليهم فيه زكاة الفطرة ؟ «قال : إذا كان لكلّ إنسان رأس فعليه أن يؤدّي عنه فطرته ، وإذا كان
ــــــــــــــــــــــــــــ
(1) الوسائل 9 : 326 / أبواب زكاة الفطرة ب 4 ح 3 .
ــ[412]ــ
عدّة العبيد وعدّة الموالي سواء وكانوا جميعاً فيهم سواء أدّوا زكاتهم لكلّ واحد منهم على قدر حصّـته ، وإن كان لكلّ إنسان منهم أقلّ من رأس فلا شيء عليهم» (1) .
وفيه أوّلاً : أ نّها ضعيفة السند من جهات ، فإنّ طريق الصدوق إلى العيّاشي فيه مظفّر بن جعفر العلوي شيخ الصدوق ولم يوثّق ، ومجرّد الشيخوخة لا تكفي في الوثاقة كما مرّ مراراً، مضافاً إلى اشتمال السند على عدّة من الضعفاء والمجاهيل كسهل بن زياد ومنصور بن العبّاس وإسماعيل بن سهل .
وأمّا محمد بن نصير فهو وإن كان مردّداً بين النميري الغير الموثّق ، بل الكذّاب الذي لم يسمح بعض وكلاء الإمام (عليه السلام) بالدخول عليه ، وبين الكشّي الثقة ، وقد استظهر الأردبيلي أ نّه الأوّل ، ولكن الظاهر أ نّه الثاني ، لأنّ الكشّي يقول في أوّل رجاله هكذا : 9 ـ محمّد بن مسعود العيّاشي وأبو عمرو بن عبدالعزيز قالا حدّثنا محمّد بن نصير (2) . فالكشّي هو بنفسه والعياشي يرويان معاً عن محمّد بن نصير ، وبما أنّ الكشّي المزبور لا يروي إلاّ عن محمّد بن نصير الكشّي فيظهر من ذلك أنّ العيّاشي أيضاً يروي عنه لا عن النميري كما لا يخفى . فلا نناقش في الرواية من هذه الجهة ، وإنّما الخدش من جهات اُخرى حسبما عرفت .
وثانياً : بأ نّها أخصّ من المدّعى ، إذ مفادها عدم الوجوب فيما إذا كان لهم أقلّ من رأس كامل ، لا ما إذا كان بقدر رأس أو أزيد، كما لو كان عبيد ثلاثة بين اثنين ، فإنّ لكلّ واحد عبد ونصف ، فيزيد على الرأس ، فيجب الفـطرة حينئذ ، فلا تدلّ على عدم الوجوب مطلقاً .
ــــــــــــــــــــــــــــ
(1) الوسائل 9 : 365 / أبواب زكاة الفطرة ب 18 ح 1 .
(2) رجال الكشي : 5 / 9 .
ــ[413]ــ
ولا فرق ـ في كونه عليهما مع العيلولة لهما ـ بين صورة المهاياة(1) وغيرها ، وإن كان حصول((1)) وقت الوجوب في نوبة أحدهما ، فإنّ المناط العيلولة المشتركة بينهما بالفرض .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
وإن كان أحدهما موسراً دون الآخر وجبت عليه بمقدار حصّته ، فإنّ ذلك مقتضى التقسيط المستفاد من الوجوب على المجموع حسبما عرفت في الصورة السابقة ـ أعني: فرض يسار المعيلين ـ ضرورة عدم احتمال كون الوجوب المتعلّق بأحدهما منوطاً بتعلّق التكليف بالآخر أو مشروطاً بامتثاله ، ومن ثمّ لو لم يخرج الآخر عصياناً أو نسياناً لم يسقط التكليف عن هذا في حصّته قطعاً .
وعلى الجملة : المعيل المتعدّد محكوم بالإخراج عن العيال كالواحد بمقتضى الإطلاق ، ومرجعه إلى جعل الوجوب على المجموع ، وبما أنّ كلاًّ منهما نصف المجموع فهو محكوم بإخراج نصف الصاع من غير أن يكون هذا التكليف منوطاً بتكليف الآخر أو امتثاله ، فإذا سقط عن الآخر لمكان العسر لم يسقط عن هذا .
وهذا نظير باب الضمانات ، فلو غصب المال شخصان مجتمعاً فبطبيعة الحال يكون كلّ واحد منهما ضامناً للنصف من غير أن يكون مشروطاً لا بضمان الآخر للنصف الآخر ولا بأدائه ، فإنّ ذلك نتيجة التقسيط المتحصّل من تعلّق الضمان بالمجموع .
(1) أي المقاسمة بين المالكين في خدمة العبد بأن يكون شهراً ـ مثلاً ـ عند هذا وشهراً عند الآخر أو أقلّ أو أكثر حسبما اتّفقا عليه .
هذا ، وقد تقدّم في الضيف أنّ العبرة في وجوب الزكاة بصدق العيلولة في
ــــــــــــــــــــــــــــ
(1) لا يبعد الوجوب على من حصل في نوبته .
|