ــ[449]ــ
[ 2860 ] مسألة 5 : المدار قيمة وقت الإخراج (1) لا وقت الوجـوب ، والمعتبر قيمة بلد الإخراج لا وطنه ولا بلد آخر ، فلو كان له مال في بلد آخر غير بلده وأراد الإخراج منه كان المناط قيمة ذلك البلد لا قيمة بلده الذي هو فيه .
[ 2861 ] مسألة 6 : لا يشترط اتّحاد الجنس الذي يخرج عن نفسه مع الذي يخرج عن عياله(2) ، ولا اتّحاد المخرج عنهم بعضهم مع بعض ، فيجوز أن يخرج عن نفسه الحنطة وعن عياله الشعير ، أو بالاختلاف بينهم ، أو يدفع عن نفسه أو عن بعضهم من أحد الأجناس وعن آخر منهم القيمة ، أو العكس .
[ 2862 ] مسألة 7 : الواجب في القدر الصاع عن كلّ رأس (3) ، من جميع الأجناس حتّى اللبن على الأصحّ .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) لاحظ شرح هذه المسألة في ص 456 .
(2) كلّ ذلك لإطلاق الأدلّة بعد عدم ورود دليل على اعتبار الاتّحاد من غير خلاف فيه ولا إشكال .
(3) إجماعاً كما عن غير واحد ، بل في الجواهر الإجماع بقسميه وقال (قدس سره) : إنّه يمكن دعوى تواتر الأخبار (1) .
ولكن الظاهر أنّ دعوى التواتر لا أساس لها ، فإنّ الوارد في المقام روايات معدودة وأكثرها مخدوشة سنداً وإن كان فيها الصحاح أيضاً . وكيفما كان ، فلا ينبغي الإشكال في أنّ الواجب إنّما هو مقدار الصاع في كافّة الأجناس ، وقد
ــــــــــــــــــــــــــــ
(1) الجواهر 15 : 522 .
ــ[450]ــ
دلّت عليه جملة من الأخبار :
منها : صحيحة سعد بن سعد الأشعري عن أبي الحسن الرضا (عليه السلام) ، قال : سـألته عن الفطرة ، كم يدفع عن كلّ رأس من الحنطة والشعير والتمر والزبيب ؟ «قال : صاع بصاع النبيّ (صلّى الله عليه وآله) » (1) .
وصحيحة معاوية بن عمّار عن أبي عبدالله (عليه السلام) «قال : يعطى أصحاب الإبل والغنم والبقر في الفطرة من الأقط صاعاً» (2) .
وصحيحة محمّد بن عيسى : « ... عليك أن تخرج عن نفسك صاعاً بصاع النبيّ (صلّى الله عليه وآله) ، وعن عيالك أيضاً» (3) ، ونحوها غيرها .
ولكن بإزائها عدّة من الأخبار ، وفيها المعتبرة ، وهي على طائفتين :
الاُولى : ما دلّت على كفاية نصف الصاع في خصوص الحنطة :
كصحيحة الحلبي ، قال : سألت أبا عبدالله (عليه السلام) عن صدقة الفطرة «فقال : على كلّ من يعول الرجل ، على الحرّ والعبد ، والصغير والكبير ، صاع من تمر ، أو نصف صاع من برّ ، والصاع أربعة أمدار»، ونحوها صحيحة عبدالله بن سنان، غير أ نّه زاد: «أو صاع من شعير»(4).
وصحيحة منصور بن حازم عن أبي عبدالله (عليه السلام) ، قال : سألته عن صدقة الفطرة «قال : صاع من تمر ، أو نصف صاع من حنطة ، أو صاع من شعير ، والتمر أحبّ إليّ» (5) .
ــــــــــــــــــــــــــــ
(1) الوسائل 9 : 332 / أبواب زكاة الفطرة ب 6 ح 1 .
(2) الوسائل 9 : 333 / أبواب زكاة الفطرة ب 6 ح 2 .
(3) الوسائل 9 : 334 / أبواب زكاة الفطرة ب 6 ح 6 .
(4) الوسائل 9 : 336 / أبواب زكاة الفطرة ب 6 ح 12 .
(5) الوسائل 9 : 337 / أبواب زكاة الفطرة ب 6 ح 15 .
ــ[451]ــ
وكأ نّه يظهر منها أنّ في الحنطة خصوصيّة يكتفى فيها بنصف الصاع .
هذا ، ولو كنّا نحن وهذه الروايات من غير قرينة خارجيّة لأمكن الجمع بالحمل على الأفضـليّة وأنّ الواجب في الحنطة نصف الصاع وأفضله الصاع الكامل وإن كان وارداً في مقام التحديد، نظير ما ورد في بعض الكفّارات، حيث ورد تارةً أ نّها مدّ واُخرى أ نّها مدّان ، فجمع بينهما بالحمل على الاستحباب .
ولكن بالقرينة الخارجيّة علمنا أنّ نصوص النصف خرجت مخرج التقيّة ، وهي الروايات الكثيرة المعتبرة المتضمّنة أنّ هذه الاُحدوثة من فعل عثمان وهو الذي بدّل وغيّر ، وتبعه على ذلك معاوية بعد أن عاد الحقّ إلى مقرّه في زمن خلافة مولانا أمير المؤمنين صلوات الله وسلامه عليه وعلى أولاده الطاهرين ، ومن ثمّ نُسب ذلك في الأخبار تارةً إلى عثمان واُخرى إلى طاغوت عصره معاوية، باعتبار أ نّه جدّد ما أحدثه عثمان بعد عود الحقّ إلى مقرّه ، وإليك بعضها :
فمنها : صحيحة معاوية بن وهب ، قال : سمعتُ أبا عبدالله (عليه السلام) يقول في الفطرة : «جرت السنّة بصاع من تمر ، أو صاع من زبيب ، أو صاع من شعير ، فلمّا كان زمن عثمان وكثرت الحنطة قدّمه الناس فقال : نصف صاع من برّ بصاع من شعير» (1) .
ومنها : معتبرة ياسر القمّي خادم الرضا (عليه السلام) ـ الذي هو موثّق عندنا ، لوجوده في إسناد تفسير علي بن إبراهيم ـ عن أبي الحسن الرضا (عليه السلام) «قال: الفطرة صاع من حنطة، وصاع من شعير، وصاع من تمر، وصاع من زبيب ، وإنّما خفّف الحنطة معاوية»(2) ، ونحوها رواية الحذّاء المتضمّنة
ــــــــــــــــــــــــــــ
(1) الوسائل 9 : 335 / أبواب زكاة الفطرة ب 6 ح 8 .
(2) الوسائل 9 : 334 / أبواب زكاة الفطرة ب 6 ح 5 .
ــ[452]ــ
لإسناد ذلك إلى معاوية أيضاً (1) ، وقد عرفت عدم التنافي بين الإسناد إليه تارةً وإلى عثمان اُخرى .
الطائفة الثانية : ما تضمّنت أ نّه نصف الصاع في غير الحنطة أيضاً ، إمّا هي مع الشعير أو سائر الأجناس ما عدا التمر والزبيب .
فمن الأوّل : صحيحة الفضلاء عن أبي جعفر وأبي عبدالله (عليهما السلام) ـ في حديث ـ «قالا : فإن أعطى تمراً فصاع لكلّ رأس ، وإن لم يعط تمراً فنصف صاع لكلّ رأس من حنطة أو شعير ، والحنطة والشعير سواء» (2) .
وصحيحة الحلبي عن أبي عبدالله (عليه السلام) «قال : صدقة الفطرة على كلّ رأس من أهلك ـ إلى أن قال : ـ عن كلّ إنسان نصف صاع من حنطة أو شعير ، أو صاع من تمر أو زبيب لفقراء المسلمين» (3) .
ومن الثاني : صحيحة محمّد بن مسلم ، قال : سمعت أبا عبدالله (عليه السلام) يقول : «الصدقة لمن لا يجد الحنطة والشعير يجزئ عنه القمح والعدس والسلت والذرة ، نصف صاع من ذلك كلّه ، أو صاع من تمر أو زبيب» (4) .
وقد حمل الشيخ (قدس سره) هذه الروايات بأجمعها على التقيّة (5) .
ولم يظهر له أيّ وجه ، إذ لم ينقل قول من العامّة بكفاية نصف الصاع في غير الحنطة ، وإنّما خلافهم معنا فيها فقط تبعاً منهم لمعاوية وعثمان كما سمعته من النصوص المتقدّمة ، فلم يكن مضمونها موافقاً للعامّة كي تحمل على التقيّة .
ــــــــــــــــــــــــــــ
(1) الوسائل 9 : 335 / أبواب زكاة الفطرة ب 6 ح 10 .
(2) الوسائل 9 : 337 / أبواب زكاة الفطرة ب 6 ح 14 .
(3) الوسائل 9 : 336 / أبواب زكاة الفطرة ب 6 ح 11 .
(4) الوسائل 9 : 337 / أبواب زكاة الفطرة ب 6 ح 13 .
(5) التهذيب 4 : 82 .
|