[ 2871 ] مسألة 3 : الأحوط أن لا يدفع ((1)) للفقير أقلّ من صاع إلاّ إذا اجتمع جماعة لا تسعهم ذلك (2) .
ــــــــــــــــــــــــــ (2) لا إشكال في جواز إعطاء الصاع الواحد للفقير الواحد ، وإنّما الكلام في
ــــــــــــــــ
(1) لا يبعد الجواز .
ــ[486]ــ
دفع الأقلّ له أو الأكثر .
فالمعروف والمشهور عدم جواز دفع الأقلّ إلاّ إذا اجتمع جماعة لم تسعهم إلاّ بدفع الأقلّ ، كما لو كانوا عشرين والفطرة عشرة أصوع .
ويستدلّ لهم بمرسلة الحسين بن سعيد عن أبي عبدالله (عليه السلام) «قال : لا تعط أحداً أقلّ من رأس» (1) .
ومرسلة الصدوق قال : وفي خبر آخر قال : «لا بأس بأن تدفع عن نفسك وعمّن تعول إلى واحد ، ولا يجوز أن تدفع ما يلزم واحداً إلى نفسين» (2) .
بناءً على أن يكون قوله «ولا يجوز» جزءاً من الرواية لا من كلام الصدوق نفسه كما فهمه الوافي واستظهره في الحدائق (3) .
وعلى أيّ حال، فهي على الأوّل مرسلة كما قبلها ، فلا تصلح للاستدلال إلاّ على مسلك الانجبار بعمل المشهور ، ولكن استفادة الوجوب لا تلتئم مع ما صرّحوا به من الاستثناء في صورة الاجتماع ، معلّلين له بتعميم النفع والتوسّع في الخير ، ولئلاّ يتأذّى البعض منهم بالمنع ، فإنّ هذا النوع من التعليل إنّما يناسب الاستحباب الذي يختلف باختلاف الجهات وملاحظة المزاحمات ، دون الحكم الوجوبي الذي لا يكاد يتغيّر بمثل ذلك كما لا يخفى .
هذا ، وقد تعارَض المرسلتان بصحيح صفوان عن إسحاق بن المبارك ، قال : سألت أبا إبراهيم (عليه السلام) عن صدقة الفـطرة ، يعطيها رجلاً واحداً أو اثنين ؟ «قال : يفرّقها أحبّ إليّ» قلت : اُعطي الرجل الواحد ثلاثة أصيع وأربعة أصيع ؟ «قال : نعم» (4) .
ــــــــــــــــــــــــــــ
(1) الوسائل 9 : 362 / أبواب زكاة الفطرة ب 16 ح 2 .
(2) الوسائل 9 : 363 / أبواب زكاة الفطرة ب 16 ح 4 ، الفقيه 2 : 116 / 499 .
(3) الوافي 10 : 271 / 9576 ، الحدائق 12 : 314 .
(4) الوسائل 9 : 362 / أبواب زكاة الفطرة ب 16 ح 1 .
ــ[487]ــ
ولكن الرواية ضعيفة السند ، لجهالة إسحاق ، ولا يغني كون الراوي عنه صفوان الذي هو من أصحاب الإجماع وممّن لا يروي إلاّ عن ثقة ، لعدم استقامة هذه الكلّيّة كما مرّ مراراً .
على أنّ الدلالة قاصرة ، وهي أجنبيّة عمّا نحن بصدده ، إذ ليس السؤال عن الفطرة الواحدة التي هي محلّ الكلام ، بل عن جنس الفطرة الذي يكون في الغالب ـ سيّما في صاحب العوائل ـ عن أكثر من الواحد ، فيُسأل عن أ نّه هل يعطى الجميع لشخص واحد ؟ أم يفرّق ؟ فأجاب (عليه السلام) باختيار الثاني وأ نّه أحبّ إليه ، تكثيراً للخير وتعميماً للفائدة .
ويشهد لذلك سؤاله الثاني بقوله : قلت : اُعطي أي أنّ التفريق الذي هو أحبّ إليك هل يتحقّق بدفع الرجـل الواحد منهم ثلاثة أو أربعة وهكذا ؟ أم اللاّزم التوزيع بدفع كلّ واحد منهم صاعاً ؟ فأجاب (عليه السلام) بكفاية ذلك أيضاً . فإنّ هذا يكشف بوضوح عن أنّ الفطرة المفروضة في السؤال أكثر من صاع واحد .
فيكون مساق هذه الرواية في كون السؤال عن الجنس مساق موثّقة إسحاق ابن عمّار : عن الفطرة ، يعطيها رجلاً واحداً مسلماً ؟ «قال : لا بأس به»(1) .
بل هي أوضح دلالة ، إذ لا يحتمل أن يكون السؤال عن دفع فطرة شخص واحد لرجل واحد ، فإنّ جوازه من البديهيّات لا تكاد تخفى سيّما على مثل ابن عمّار ليحتاج إلى السؤال، بل السؤال عن الجنس الشامل للنفس والعيال غالبا .
وكيف ما كان ، فقد تحصّل: أ نّه لم ينهض دليل على التحديد من ناحية القلّة، لضعف المرسلة أو المرسلتين في نفسيهما وإن سلمتا عن المعارض ، فإطلاق الأدلّة مثل قوله تعالى : (إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ) الشامل لنصف الصاع كالصاع هو
ــــــــــــــــــــــــــــ
(1) الوسائل 9 : 363 / أبواب زكاة الفطرة ب 16 ح 6 .
ــ[488]ــ
[ 2872 ] مسألة 4 : يجوز أن (1) يعطى فقـير واحد أو أزيَد من صاع ، بل إلى حدّ الغنى . ـــــــــــــــــــــــ
المحكّم بعد سلامته عمّا يصلح للتقييد .
(1) وأمّا من ناحية الزيادة على الصاع فلا إشكال في الجواز ، للإطلاقات والنصوص المتظافرة التي منها : موثّقة علي بن بلال ، قال : كتبتُ إلى الطيِّب العسكري (عليه السلام): هل يجوز أن يعطى الفطرة عن عيال الرجل وهم عشرة، أقلّ أو أكثر، رجلاً محتاجاً موافقاً ؟ فكتب (عليه السلام) : «نعم ، افعل ذلك»(1) . ــــــــــــ
(1) الوسائل 9 : 363 / أبواب زكاة الفطرة ب 16 ح 5 .
|