ــ[16]ــ
وإن كان في زمن الغيبة فالأحوط إخراج خمسها من حيث الغنيمة (1) ،
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
حيث يظهر منها عدم اعتبار الإذن في التخميس ، وقد حملها في الجواهر على أنّ ذلك تحليلٌ منه (عليه السلام) بعد الخمس وإن كانت الغنيمة كلّها له بمقتضى عدم الاستئذان (1) .
ولكنّه كما ترى ، لظهورها في أنّ ذلك حكم شرعي لا تحليل شخصي كما لا يخفى ، فتكون المعارضة على حالها .
والصحيح أنّ النظر في الصحيح غير معطوف إلى حيثيّة الإذن ، ولعلّها كانت مفروغاً عنه ، لما ثبت من إمضائهم (عليهم السلام) ما كان يصدر من السلاطين وحكّام الجور في عصرهم من الغزو والجهاد مع الكفّار وإذنهم العام في ذلك .
وإنّما ترتكز وجهة السؤال على أساس أنّ المقاتل يكون في لوائهم ـ أي لواء بني العبّاس ـ ومن البيّن أنّ حكّام الجور لم تكن تخضع للخمس ولا تعتقد بهذه الفريضة ، فيسأل عن حكم الغنيمة التي يصيبها المقاتل ويستلمها ممّن لا يرى وجوب الخمس وأ نّه ما هو موقفه تجاه هذه الفريضة .
وهم (عليهم السلام) وإن أباحوها وحلّلوها لشيعتهم ليطيب منكحهم ومسكنهم كما نطق به غير واحد من الأخبار، إلاّ أ نّه (عليه السلام) في خصوص المقام وبنحو القضيّة الخارجيّة لم يسمح إلاّ بأربعة أخماس الغنيمة ، لعلّة هو (عليه السلام) أدرى بها .
وكيفما كان ، فلا دلالة لها بوجه على عدم اعتبار الإذن لكي تتحقّق المعارضة بينها وبين ما سبق ، فلاحظ .
(1) لإطلاق الغنيمة في الآية المباركة ، الشامل لزماني الحضور والغيبة ،
ــــــــــــــــــــــــــــ
(1) الجواهر 16 : 11 ـ 12 .
ــ[17]ــ
خصوصاً إذا كان للدعاء إلى الإسلام(1)، فما يأخذه السلاطين في هذه الأزمنة
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
وليس بإزائه إلاّ ما دلّ على اشتراط إذن الإمام ، غير الصالح للتقييد .
إذ هو إمّا الإجماع وهو دليل لبّي يقتصر على المقدار المتيقّن منه وهو فرض الحضور والتمكّن من الاستئذان .
أو مرسل الورّاق المتقدِّم وهو بعد تسليم الإطلاق والشمول لصورتي الغيبة والحضور غير قابل للاستناد، لأجل الضعف غير المنجبر عندنا بالعمل كما تقدّم .
أو صحيحة معاوية بن وهب المتقدّمة ، وهي العمدة ، حيث تضمّنت كما عرفت تقييد القتال بالإذن ، إلاّ أنّ هذا القيد لم يكن له مفهوم بالمعنى المصطلح ، وإنّما عوّلنا عليه حذراً عن اللّغوية ، ويكفي في الخروج عنها نكتة التأكّد ممّا افترضه السائل وأنّ لهذا القيد مدخلاً في الحكم بالتخميس كما مرّ . وأمّا أنّ هذا الدخل هل هو على سبيل الإطلاق أو في خصوص حال الحضور والتمكّن من الاستئذان ؟ فلا دلالة فيها على ذلك بوجه لو لم تكن ظاهرة في الثاني ، كما هو مقتضى فرض بعث السريّة من قِبَل الإمام وتصدّيه (عليه السلام) لتأمير الأمير .
إذن فلا تدلّ الصحيحة على اشتراط الإذن حتى في زمن الغيبة ليتقيّد بها إطلاق الآية المباركة بالإضافة إلى هذا الزمان .
فتحصّل : أنّ إطلاقات الغنيمة في الكتاب والسنّة القاضية بلزوم التخميس في كلّ غنيمة سواء أكان القتال في زمن الحضور أم الغيبة هي المحكّم بعد سلامتها عمّا يصلح للتقييد ، من غير فرق بين ما إذا كان للدعاء إلى الإسلام أم لغيره بمقتضى الإطلاق .
(1) وجه التخصيص : التنصيص عليه في رواية أبي بصير المتقدّمة : «كلّ
ــ[18]ــ
من الكفّار بالمقاتلة معهم من المنقول وغيره ((1)) يجب فيه الخمس على الأحوط وإن كان قصدهم زيادة الملك لا الدُّعاء إلى الإسلام .
ومن الغنائم التي يجب فيها الخمس : الفِداء (1) الذي يؤخذ من أهل الحرب ، بل الجزية المبذولة لتلك السريّة بخلاف سائر أفراد الجزية .
ومنها أيضاً : ما صولحوا عليه ، وكذا ما يؤخذ منهم عند الدفاع معهم(2) إذا هجموا على المسلمين في أمكنتهم ولو في زمن الغيبة ، فيجب إخراج الخمس من جميع ذلك قليلاً كان أو كثيراً من غير ملاحظة خروج مؤونة السنة على ما يأتي في أرباح المكاسب وسائر الفوائد .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
شيء قـوتل عليه على شهادة أن لا إله إلاّ الله» إلخ (2) ، أي على الدعوة إلى الإسلام ، إلاّ أ نّها ـ من أجل ضعف السند بعلي بن أبي حمزة البطائني كما مرّ ـ لا تصلح إلاّ للتأييد ، وأنّ الحكم في هذا الفرض آكد من غير أن يتقيّد بها إطلاقات الغنيمة في الكتاب والسنّة حسبما عرفت .
(1) فإنّ الفداء المأخوذ بدلاً عن الأسير وكذا الجزية المبذولة في تلك السريّة عن الرؤوس وكذا ما صولحوا عليه كلّها تعدّ من غنائم أهل الحرب ، الشاملة لما يؤخذ منهم بالغلبة أم بدونها ، فتكون مشمولة لإطلاق الآية المباركة بعد صدق الغنيمة عليها .
(2) لما عرفت أيضاً من إطلاق الآية المباركة ، الشامل للغنائم المأخوذة منهم دفاعاً كالمأخوذة هجوماً وجهاداً بعد صدق الغنيمة على الكلّ بمناط واحد ،
ــــــــــــــــــــــــــــ
(1) تقدّم الكلام فيه [ في التعليقة السابقة ] .
(2) الوسائل 9 : 487 / أبواب ما يجب فيه الخمس ب 2 ح 5 .
|