ــ[45]ــ
ولا يعتبر في الإخراج أن يكون دفعةً ((1)) (1) ، فلو أخرج دفعات وكان المجموع نصاباً وجب إخراج خمس المجموع ،
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
فمتى بلغ المجموع حدّ النصاب وجب الخمس فيما بقي بعد الاستثناء بلغ ما بلغ وإن كان الباقي ديناراً واحداً أو أقلّ ، عملاً بإطلاق البلوغ في صحيح البزنطي حسبما عرفت .
ثمّ لا يخفى أنّ المدار في النصاب على ما يتبادر من النصّ إنّما هو قيمة عشرين ديناراً وقت الإخراج ، لا القيمة القديمة في صدر الإسلام المعادلة لمائتي درهم كما قيل ، فإنّ ظاهر الدليل أنّ لهذا العنوان ـ أعني : عشرين ديناراً ـ خصوصيّة وموضوعيّة في تشخيص النصاب ، فلا جرم يدور مدار القيمة الفعليّة التي تختلف باختلاف الأزمنة والأمكنة ، فالعبرة بملاحظة الدينار الذهبي المساوي للمثقال الشرعي الذي هو ثلاثة أرباع المثقال الصيرفي ، أي المعادل لثمانية عشر حمّصة ، فالماليّة الفعليّة لهذا المقدار هو المدار في تقدير النصاب ، سواء أطابق المائتي درهم أم خالفها .
فمتى بلغت ماليّة المخرج هذا الحدّ وجب الخمس بعنوان المعدن ، وإلاّ لم يجب بهذا العنوان وإن وجب بعنوان مطلق الفائدة مشروطاً بعدم الصرف في مؤونة السنة ، وإلاّ فلا شيء عليه ، كما هو الشأن في عامّة أرباح المكاسب على ما سيأتي في محلّه إن شاء الله .
(1) لا ريب في وجوب الخمس إذا بلغ المخرَج النصاب بإخراج واحد ، سواء أكانت الوحدة حقيقيّة أم حكميّة ، أي المشتمل على دفعات لا تضرّ بصدق الوحدة العرفيّة ، كما في إخراج النفط بالدلاء ، فإنّ المجموع يعدّ عرفاً إخراجاً
ــــــــــــــــــــــــــــ
(1) لا يبعد اعتبار الوحدة العرفيّة .
ــ[46]ــ
واحداً وإن كان متعدّداً بحسب الدقّة ، وهذا ظاهر ، فإنّه القدر المتيقّن من النصّ المتضمّن لاعتبار النصاب .
وإنّما الكلام فيما لو تعدّد الإخراج حتى عرفاً، لما بينهما من فاصل زماني بمقدار معتدّ به ، كما لو أخرج في هذا اليوم كمِّيّة دون النصاب ، ثمّ أخرج في اليوم الآتي أو في الاُسبوع أو الشهر الآتي كمِّيّة اُخرى يبلغ المجموع منهما حدّ النصاب ، فهل ينضمّ اللاّحق إلى السابق ليشكل النصاب ويجب الخمس ، أو يلاحظ كلّ إخراج بحياله فلا يجب في شيء منهما ؟
فيه خلاف بين الأعلام :
وقد ذهب جمع ـ وفيهم بعض المحقّقين ـ إلى الانضمام ، أخذاً بإطلاق البلوغ الوارد في الصحيح .
ولكن الأقوى تبعاً لجمع آخرين عدم الانضمام ، نظراً إلى أنّ المنسبق من النصّ بحسب الفهم العرفي في أمثال المقام كون الحكم انحلاليّاً ومجعولاً على سبيل القضيّة الحقيقيّة ، فيلاحظ كلّ إخراج بانفراده واستقلاله بعد انعزاله عن الإخراج الآخر كما هو المفروض ، فهو بنفسه موضوع مستقلّ بالإضافة إلى ملاحظة النصاب في مقابل الفرد الآخر من الإخراج ، نظير ما لو علّق حكم على الشراء ـ مثلاً ـ فقيل : إنّه متى اشتريت منّاً من الحنطة فتصدّق بكذا ، فاشترى نصف من ثمّ اشترى ثانياً نصف من آخر ، فإنّ شيئاً من الشراءين غير مشمول للدليل ، لعدم صدق المنّ وإن صدق على المجموع ، وليس ذلك إلاّ لأجل لزوم ملاحظة كلّ فرد بحياله واستقلاله ، نظراً إلى الانحلال والتعدّد وعدم الانضمام كما عرفت .
والذي يكشف عن ذلك بوضوح أ نّه لو أخرج ما دون النصاب بانياً على الاكتفاء به فصرفه وأتلفه من غير تخميسه لعدم وجوبه حينئذ على الفرض ، ثمّ
ــ[47]ــ
وإن أخرج أقلّ من النصاب فأعرض(1) ثمّ عاد وبلغ المجموع نصاباً فكذلك على الأحوط . وإذا اشترك جماعة في الإخراج(2) ولم يبلغ حصّة كلّ واحدة منهم النصاب ولكن بلغ المجموع نصاباً فالظاهر وجوب خمسه .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
بدا له فأخرج الباقي ، فإنّ هذا الإخراج الثانوي لا يحدث وجوباً بالإضافة إلى السابق التالف بلا إشكال ، لظهور النصّ في عروض الوجوب مقارناً للإخراج ، لا في آونة اُخرى بعد ذلك كما لا يخفى ، فإذا تمّ ذلك في صورة التلف تمّ في صورة وجوده أيضاً ، لوحدة المناط ، وهو ظهور النصّ في المقارنة .
(1) يظهر حكم ذلك ممّا قدّمناه آنفاً .
ولا خصوصيّة للإعراض ، فإنّ العود بعدما أعرض إن كان متّصلاً بسابقه بحيث عدّ عرفاً متمّماً ومكمّلاً له والمجموع عمل واحد ، نظير المسافر الذي يعرض أثناء السير عن السفر ثمّ يعود ويستمرّ بلا فصل معتدّ به ـ بناءً على عدم قدحه ـ أو المصلّي أو الخطيب الذي يعرضه الإعراض عن الإتمام ثمّ يعود إلى ما كان عليه مسترسلاً، حكم حينئذ بالانضمام ولوحظ النصاب في المجموع .
وإن كان منفصلاً عنه بمثابة يعدّ في نظر العرف عملاً مستقلاًّ وإخراجاً ثانياً مغايراً للأوّل لم يحكم حينئذ بالانضمام .
وعلى الجملة : لا أثر للإعراض ، والمدار على الصدق العرفي في تشخيص الوحدة والتعدّد ، ونتيجته التفصيل حسبما عرفت .
(2) فهل يلاحظ النصاب في المجموع ، أو في حصّة كلّ واحد منهم ؟
نسب الثاني إلى المشهور . ولكنّه غير واضح ، فإنّ مقتضى إطلاق صحيح البزنطي أنّ العبرة بالإخراج لا بالمخرج وأنّ المدار ببلوغ ما أخرجه المعدن حدّ النصاب سواء أكان المخرج واحداً أم متعدّداً .
|