ــ[75]ــ
سواء كان من الذهب أو الفضّة المسكوكين أو غير المسكوكين ((1)) أو غيرهما من الجواهر (1) ،
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
بحسب الصدق العرفي ، فلا تشمله الأدلّة ، بل هي في حكم اللقطة .
وأمّا ما عدا ذلك فيتناوله اللفظ وتشمله الإطلاقات، ولا خصوصيّة للمكان كما مال إليه في الجواهر(2)، بل لاينبغي التأمّل في ذلك ، والعبرة بالصدق العرفي حسبما عرفت .
(1) الجهة الثالثة : في الجنس المخرج .
لا ينبغي التأمّل في صدق الكنز على كلّ مال مذخور في الأرض ، سواء أكان من الذهب والفضّة أم غيرهما من الجواهر والأحجار الكريمة ونحوها من النفائس الثمينة ، بل هو الظاهر من كلّ من فسّره بالمال المذخور ، لصدق المال على جميع تلك الأجناس بمناط واحد .
فما يظهر من بعض من التخصيص بالأولَين ، بل ربّما ينسب إلى ظاهر الأكثر، لا يمكن المساعدة عليه بوجه ، بل المستفاد من كلمات غير واحد من الفقهاء واللغويّين المطابق للمرتكز العرفي هو الأوّل حسبما عرفت .
نعم ، الظاهر اختصاص الخمس بعنوان الكنز بصنف خاصّ منه ، أعني : الذهب والفضّة المسكوكين المعبّر عنهما بالنقدين ، فلا خمس في غيرهما بهذا العنوان وإن ثبت بعنوان مطلق الفائدة ، وذلك من أجل النصّ الخاصّ ، وهي صحيحة البزنطي الظاهرة في الاختصاص ، وبها ترفع اليد عن الإطلاق الوارد
ــــــــــــــــــــــــــــ
(1) وجوب الخمس في غير المسكوك من الذهب أو الفضّة سواء كان من الذهب أو الفضّة أو من غيرهما مبني على الاحتياط .
(2) الجواهر 16 : 25 ـ 26 .
ــ[76]ــ
في سائر الأدلّة ، التي منها صحيحة زرارة المتضمّنة للركاز ، عملاً بصناعة الإطلاق والتقييد .
روى الصدوق في الصحيح عن البزنطي عن أبي الحسن الرضا (عليه السلام) ، قال : سألته عمّا يجب فيه الخمس من الكنز ؟ «فقال : ما يجب الزكاة في مثله ففيه الخمس» (1) .
فإنّ السؤال بقوله : عمّا ، إلخ ، ظاهرٌ في السؤال عن الجنس والماهيّة ، لا عن المقدار والكمِّيّة . وعليه ، فالمماثلة ظاهرة في التماثل من حيث الجنس الذي هو المسؤول عنه لا في شيء آخر ، فإنّه خلاف المنسبق أو المنصرف من إطلاق المماثلة كما لا يخفى ، وبما أنّ الجنس المستخرج من الكنز الذي يكون في الجنس المتسانخ والمماثل له الزكاة منحصرٌ في النقدين فطبعاً يختصّ الخمس أيضاً بهما .
هذا، ولكن صاحب الرياض أسند إلى الأصحاب أ نّهم فهموا منها المماثلة في المقـدار والماليّة ، نظير صحيحته الاُخرى الواردة في المعدن ، قال : سألت أبا الحسن (عليه السلام) عمّا أخرج المعـدن من قليل أو كثير ، هل فيه شيء ؟ «قال : ليس فيه شيء حتى يبلغ ما يكون في مثله الزكاة عشرين ديناراً» (2) ، فإنّ الجواب فيهما واحد ، وهو اعتبار النصاب المقدّر بعشرين ديناراً في تلك الصحيحة ، وأمّا في هذه فحيث لم يقدّر فتحمل على أ نّه إن كان ذهباً فعشرون ديناراً ، وإن كان فضّة فمائتا درهم ، وإن كان غيرهما فأقلّ النصب الزكويّة (3) .
ولكنّه كما ترى ، فإنّ الصحيحة الاُولى ظاهرة في السؤال عن الجنس كما عرفت ، فلا وجه للحمل على الكمّ . وأمّا الثانية فهي بالعكس من ذلك ، لمكان
ــــــــــــــــــــــــــــ
(1) الوسائل 9 : 495 / أبواب ما يجب فيه الخمس ب 5 ح 3 ، الفقيه 2 : 21 / 75 .
(2) الوسائل 9 : 494 / أبواب ما يجب فيه الخمس ب 4 ح 1 .
(3) رياض المسائل 5 : 249 ـ 250 .
ــ[77]ــ
وسواء كان في بلاد الكفّار الحربيّين أو غيرهم أو في بلاد الإسلام (1) ، في الأرض الموات أو الأرض الخَرِبة التي لم يكن لها مالك أو في أرض مملوكة له بالإحياء أو بالابتياع مع العلم بعدم كونه ملكاً للبائعين ، وسواء كان عليه أثر الإسلام أم لا ، ففي جميع هذه يكون ملكاً لواجده وعليه الخمس .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
التعبير بقوله : من قليل أو كثير ، وقوله : «حتّى يبلغ» فإنّ ذلك يجعلها كالصريح في تعلّق السؤال بالكمّ والمقدار ، فبين السؤالين بونٌ بعيد ، ولا وجه لقياس أحدهما بالآخر كما هو ظاهر جدّاً .
أضف إلى ذلك أنّ هذه الصحيحة ـ الواردة في المعدن ـ لو حملت على الجنس ليراد به الذهب والفضّة اللذين يكون في مثلهما الزكاة يلزم منه الحمل على الفرد النادر جدّاً ، ضرورة أنّ التصدِّي لاستخراج غيرهما من سائر المعادن كالملح والأحجار الكريمـة ونحوها يمكن من شخص واحد . وأمّا استخراج الذهب والفضّة من معدنهما فهو صعب مستعصب لا يمكن عادةً أن يقوم به إلاّ جماعة كثيرون مجهّزون بآلات الاستخراج ، وفي الأغلب يكون المتصدِّي لها أعضاء الدول والحكومات دون آحاد الناس العاديّين .
فهي إذن محمولة على الكمّ والمقدار وناظرة إلى النصاب حسبما عرفت ، بخلاف الاُولى ، فإنّها ظاهرة في السؤال عن جنس المستخرج وماهيّته لا مقداره وكمّيّته ، فإنّ حمل المماثلة على التقدير في الماليّة بعيدٌ عن سياقها غايته كما عرفت .
فتحصّل : أنّ الأظهر اختصاص الخمس من الكنوز بما كان الخارج من النقدين اللذين فيهما الزكاة دون غيرهما من الذهب والفضّة غير المسكوكين فضلاً عن غير الذهب والفضّة .
(1) الجهة الرابعة : في المكان الذي يوجد فيه الكنز .
ــ[78]ــ
لا إشكال كما لا خلاف في أنّ الكنز إذا وجد في دار الحرب أو في دار الإسلام ولم يكن عليه أثر الإسلام بأن لم تكن السكّة إسلاميّة ـ مثلاً ـ فهو ملك لواجده وعليه خمسه ، وقد ادّعى عليه الإجماع في كلمات غير واحد .
|