الشك في حجيّة فتوى غير الأعلم 

الكتاب : التنقيح في شرح العروة الوثقى-الجزء الاول:التقليد   ||   القسم : الفقه   ||   القرّاء : 8658


    الشك في حجية فتوى غير الأعلم

   إذا أثبتنا حجية فتوى غير الأعلم عند العلم بالمخالفة بينه وبين الأعلم في الفتوى أو أثبتنا عدم حجيتها فلا كلام ، وأما لو شككنا في حجيتها وعدمها فهل الأصل يقتضي التخيير بينهما أو أنه يقتضي الأخذ بما يحتمل تعينه وهو فتوى الأعلم ؟ وهذا بعد الفراغ عن أن العامّي غير مكلف بالاحتياط لعدم قدرته عليه أو لاستلزامه سدّ باب التقليد بالكلّية ، فالكلام إنما هو بعد العلم بعدم وجوب الاحتياط على العامّي .

   فقد يقال : إن الأصل عند دوران الأمر بين الحجية التعيينية والتخييرية يقتضي التخيير ، فإن حاله حال دوران الأمر بينهما في الأحكام فكما أن الأمر لو دار بين كون صلاة الجمعة مثلاً واجبة تعيينية وبين أن تكون واجبة تخييرية بأن يكون المكلف مخيراً بين صلاتي الجمعة والظهر ، دفعنا احتمال التعين في الجمعة بالبراءة إذ الالزام بالجامع معلوم والشك في اعتبار الخصوصية الزائدة عليه أعني خصوصية الجمعة وحيث إنه تقييد وكلفة زائدة فيدفع وجوبها بالبراءة، فكذلك الحال في المقام فإن

ــ[120]ــ

أصل الحجية الجامعة بين التعيينية والتخييرية معلوم وخصوصية إحداهما مشكوك فيها والبراءة تقتضي عدمها . إذن النتيجة أن الحجية تخييرية وللمكلف أن يرجع إلى فتوى الأعلم أو يرجع إلى فتوى غير الأعلم .

   والصحيح أن الأصل عند دوران الأمر بين الحجية التعيينية والحجية التخييرية يقتضي الأخذ بما يحتمل تعينه ، ولا وجه لقياسه بما لو دار الأمر بين التعيين والتخيير في الأحكام لأنه مع الفارق ، وتوضيح ذلك : أن الحجية قد يراد بها تنجز الواقع فحسب كما إذا لم يكن الواقع منجّزاً على المكلف لو لا الحجة الواصلة إليه ، فإن المورد لولا تلك الحجة مورد لأصالة الاباحة أو الطهارة أو غيرهما ، ولم يتنجز الواقع على المكلف إلاّ بما قامت عنده من الحجة فلم يترتب عليها سوى تنجز الواقع فحسب .

   وقد يراد بها التعذير فقط كما إذا كان الواقع منجّزاً على المكلف مع قطع النظر عن قيام الحجة عنده ، إما بالعلم الاجمالي الكبير لأنه يعلم أن في الشريعة المقدسة أحكاماً إلزامية يجب الخروج عن عهدتها ، وإما بالعلم الاجمالي الصغير المتحقق في بعض الموارد كالعلم الاجمالي بوجوب صلاة الجمعة أو الظهر يوم الجمعة ، فإن الواقع منجّز عليه قبل الحجة الواصلة إليه ، فلا يراد منها إلاّ التعذير على تقدير الخلاف .

    فهناك مقامان للكلام :

   المقام الأوّل : ما إذا كان الواقع غير منجز على المكلف ، لأن المورد تجري فيه الاُصول النافية للتكليف ، وإنما يتنجز بالحجة الواصلة إليه وقد دار الأمر فيه بين الحجية التعيينية والتخييرية ، والتحقيق أن الأصل يقتضي التخيير حينئذ وذلك لأن حال المقام حال الدوران بين التعيين والتخيير في الأحكام ، وقد ذكرنا في محلّه أنه مورد للتخيير وذلك للعلم بالالزام بالجامع بين الشيئين أو الأشياء والشك في مدخلية الخصوصية في الواجب وعدمها ، وهو على ما ذكرناه في محلّه من الشك في الاطلاق والاشتراط ومعه تجري البراءة عن التقييد لأنه كلفة زائدة وضيق ، وحيث إن التقييد بالخصوصية مشكوك فيه للمكلف فيدفع بالبراءة ، فإن العقاب على المجهول حينئذ عقاب بلا بيان . وفي المقام التكليف بالجامع بينهما أعني أحدهما لا بعينه معلوم لا شك
 

ــ[121]ــ

فيه ، وإنما الشك في أن خصوصية هذا أو ذاك هل لها مدخلية في متعلق الوجوب أو لا مدخلية لها ، ولا شبهة في أن اعتبار الخصوصية كلفة زائدة وموجب للضيق على المكلف فمقتضى أصالة البراءة أن الخصوصية غير معتبرة في متعلق الوجوب . وعلى الجملة أن دوران الأمر بين التعيين والتخيير من الشك في الاطلاق والتقييد بعينه . إذا عرفت هذا فنقول :

   إن الحجية في مفروض الكلام لما كانت بمعنى التنجيز فقط ، ودار أمرها بين التعيينية والتخييرية كان ما أدّت إليه إحدى الفتويين لا على التعيين منجّزاً على المكلف بحيث لو تركهما معاً إستحق العقاب عليه ، لأنه ترك للواجب المنجّز على الفرض وأما ما أدّت إليه إحداهما المعينة فلا علم بتنجّزه بحيث لو تركه المكلف يستحق العقاب عليه ولو مع الاتيان بما أدّت إليه فتوى الآخر ، فحيث إن المكلف يعلم بتنجز ما أدّت إليه إحدى الفتويين غير المعينة ويشك في تنجّز ما أدّت إليه إحداهما المعينة وهو تكليف زائد مشكوك فيه ، فمقتضى أصالة البراءة عدم توجه التكليف بالخصوصية الزائدة المشكوك فيها فإن العقاب عليها عقاب بلا بيان . ومعه يتخيّر المكلف بين أن يأخذ بهذا أو بذاك ، ولا يمكنه ترك العمل على طبقهما معاً . وأما ترك العمل بهذا بخصوصه أو ذاك كذلك فهو مرخص فيه حسبما تقتضيه أصالة البراءة عن التقييد . فالأصل في دوران الأمر بين التعيين والتخيير في الحجية بمعنى المنجّز يقتضي التخيير كما هو الحال في التكاليف الشرعية .

   المقام الثاني : ما إذا كان الواقع منجّزاً على المكلف بالعلم الاجمالي الكبير أو العلم الاجمالي المتحقق في بعض الموارد ، ولم يترتب على حجية الحجة سوى التعذير على تقدير الخلاف ، ودار الأمر بين الحجية التعيينية والتخييرية والأصل حينئذ يقتضي الأخذ بما يحتمل تعينه ، وذلك لأن الواقع منجّز على المكلف ولا مناص من أن يخرج عن عهدته ، ولا إشكال في أن العمل على طبق ما يحتمل تعينه في الحجية معذّر قطعاً لأنه إما حجة معينة أو أنه أحد فردي الحجة التخييرية . وأما العمل بما يحتمل أن يكون حجة تخييرية فلم يحرز كونه معذّراً ، إذ نحتمل أن لا تكون حجة أصلاً فلا يؤمن من العقاب بالاعتماد عليه ، والعقل قد استقل بلزوم دفع الضرر المحتمل بمعنى

ــ[122]ــ

العقاب وهذا هو الّذي يقال : الشك في الحجية يساوق القطع بعدمها. وحيث إنّا بيّنا في أوائل الكتاب(1) أن الأحكام الواقعية متنجّزة على كل مكلف بالعلم الاجمالي الكبير للعلم بأن في الشريعة أحكاماً إلزامية وجوبية أو تحريمية ، فتكون حجية الحجج الّتي منها فتوى الفقيه معذّرة فحسب ، وقد عرفت أن دوران الأمر بين الحجة التعيينية والتخييرية بهذا المعنى مورد لقاعدة الاشتغال والأصل فيه يقتضي التعيين .

   ومن هنا يتّضح أن وجوب تقليد الأعلم على هذا التقدير إنما هو من باب الاحتياط ، لا أنه مستند إلى الأدلّة الاجتهادية فإن مفروضنا أن الأدلة لم يستفد منها وجوب تقليد الأعلم وعدمه وانتهت النوبة إلى الشك ، وإنما أخذنا بفتوى الأعلم لأن العمل على طبقها معذّر على كل حال فهو أخذ إحتياطي تحصيلاً للقطع بالفراغ لا أن فتواه حجة واقعية ، هذا .

   وربما يقال : الاستصحاب قد يقتضي جواز الرجوع إلى فتوى غير الأعلم فيكون الاستصحاب هو المعذّر على تقدير المخالفة ، وذلك كما في المجتهدين المتساويين في الفضيلة فإن المكلف مخيّر بينهما، فلو قلّد أحدهما تخييراً ثمّ تجدّدت الأعلمية للآخر فإنه إذا شكّ في جواز تقليد غير الأعلم فمقتضى الاستصحاب هو الجواز وبقاء فتوى غير الأعلم على حجيتها ، وبذلك نلتزم بجواز تقليده مطلقاً لأنه لو ثبت جواز تقليد غير الأعلم وحجية فتواه في مورد ثبتت في بقية الموارد لعدم القول بالفصل ، إذ لا يحتمل أن تكون فتوى غير الأعلم حجة في بعض الموارد وغير حجة في بعضها حيث إنها لو كانت قابلة للحجية فهي كذلك في جميع الموارد ، ولو لم تكن كذلك فليست بحجة في الجميع .

   والجواب عن ذلك بوجوه :

   أما أوّلاً : فلأن استصحاب الحجية لفتوى غير الأعلم أو جواز تقليده من الاستصحابات الجارية في الأحكام ، وقد بيّنا غير مرة أن الشبهات الحكمية والأحكام الكلّية الإلهية ليست مورداً للاستصحاب .

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) راجع ص 6  .

ــ[123]ــ

   وأما ثانياً : فلأن الاستصحاب على تقدير جريانه في الشبهات الحكمية ليست له حالة سابقة في المقام فإن التخيير بين المجتهدين المتساويين لم يثبت بدليل ، بل مقتضى القاعدة في المتعارضين هو التساقط على ما مرّ غير مرة . فالحجية التخييرية غير ثابتة من الابتداء .

   وأما ثالثاً : فلأنا لو بنينا على جريان الاستصحاب في الشبهات الحكمية وعلى ثبوت التخيير في المجتهدين المتساويين أيضاً ، لم يمكننا استصحاب التخيير بوجه وذلك لأنه من إسراء حكم من موضوع إلى موضوع آخر ، وسرّه أن موضوع الحكم بالتخيير إنما هو تساوي المجتهدين في الفضيلة ، ومع تجدد الأعلمية لأحدهما لا  موضوع للتخيير لنستصحبه ، لأن التخيير لم يثبت لفتوى المجتهدين في ذاتها وإنما ثبت لفتواهما بما أنهما متساويان ، ومع التبدل وزوال موضوعه لا معنى لاستصحاب التخيير بوجه .

   وأما رابعاً : فلأن استصحاب التخيير ـ مع الغض عن جميع المناقشات المتقدمة ـ معارض باستصحاب وجوب تقليد الأعلم تعييناً في بعض الموارد ، كما إذا فرضنا شخصين أحدهما متمكن من الاستنباط ومجتهد في الأحكام دون الآخر فقلّد العامّي المجتهد منهما لوجوبه عليه تعييناً ثمّ بعد ذلك تجدد للآخر الاجتهاد ، إلاّ أن الأول أعلم منه فإنه إذا شكّ حينئذ في جواز الرجوع إلى من تجدد له الاجتهاد أو تعيّن البقاء على تقليد الأول لأعلميته ، كان مقتضى الاستصحاب تعيّن البقاء على فتوى الأعلم لا  محالة لأنه الحالة السابقة على الفرض، فإذا وجب تقليد الأعلم في مورد واحد وجب في جميع الموارد لعدم القول بالفصل ، فالاستصحابان متعارضان ومعه لا يمكن الاعتماد على شيء من الاستصحابين ، ومقتضى قاعدة الاشتغال تعيّن تقليد الأعلم وقتئذ .

   وأما خامساً : فلأن استصحاب الحجية في بعض الموارد غير صالح لأن تثبت به حجية فتوى غير الأعلم مطلقاً ، والوجه في ذلك أن المثبت لحجية فتوى غير الأعلم في بعض الموارد إنما يمكن أن يثبت به حجيتها مطلقاً وفي جميع الموارد ، فيما إذا كان من الأدلة الاجتهادية كالخبر الواحد مثلاً للملازمة الواقعية بين كونها حجة في بعض

ــ[124]ــ

الموارد وكونها حجة مطلقاً المستكشفة بعدم القول بالفصل ، فإن الأدلة الاجتهادية كما أنها معتبرة في مداليلها المطابقية كذلك تعتبر في مداليلها الالتزامية على ما بيّناه في محلّه . وأما إذا كان المثبت لحجيتها هو الأصل العملي كالاستصحاب ، فلا يترتب عليه سوى حجية فتوى غير الأعلم في مورد جريانه فحسب ، وذلك لتقوّمه باليقين السابق والشك اللاّحق ، ولا معنى للتمسك به فيما ليس هناك يقين سابق وشك لاحق . أللّهمّ إلاّ أن نقول بالأصل المثبت فإنه باستصحاب حجية فتوى غير الأعلم في بعض الموارد يثبت حجيتها مطلقاً للملازمة الثابتة بينهما بعدم القول بالفصل .

   وقد يفصّل في المقام بين ما إذا كانت الأمارات الشرعية الّتي منها فتوى الفقيه حجة من باب الكاشفية والطريقية ، فيلتزم بالأخذ بما يحتمل تعيّنه عند دوران الأمر بين التعيين والتخيير كما قررنا تقريبه ، وبين ما إذا قلنا باعتبارها من باب السببية والموضوعية فيقال إن القاعدة تقتضي التخيير وقتئذ ، وذلك لأن الحجية الثابتة لفتوى غير الأعلم كالحجية الثابتة لفتوى الأعلم بناء على السببية وإن كانت مشتملة على المصلحة والملاك ، إذ الحجية حسبما يستفاد من الآيات والأخبار مترتبة على فتوى الفقيه وهو ينطبق على كلا المجتهدين ، إلاّ أن الحجية لفتوى غير الأعلم ليست بفعلية بالوجدان ، فإن فتوى الأعلم مانعة عن الحجية الفعلية لغيرها .

   وسرّه أن الحجية الفعلية في كلتا الفتويين أمر غير معقول ، ولا نحتمل أن تكون الأعلمية مانعة عن الفعلية في فتوى الأعلم . إذن يتعيّن أن تكون الأعلمية مانعة عن الفعلية في فتوى غير الأعلم ، وعلى الجملة أن حجية فتوى غير الأعلم ليست بفعلية بالوجدان وأما الحجية بالإضافة إلى فتوى الأعلم فيحتمل أن تكون فتوى غير الأعلم مانعة عن فعليتها كما يحتمل فعليتها . إذن تكون فعلية الحجية في فتوى الأعلم مشكوكة ومقتضى قاعدة قبح العقاب بلا بيان عدم وجوب اتباعها ، والنتيجة أن الحجية بالإضافة إلى كلتا الفتويين ليست بفعلية وغاية الأمر أن عدم الفعلية في إحداهما بالوجدان وفي الاُخرى بالأصل فلا يجب اتباع هذه ولا تلك . وحيث إن العقل مستقل بعدم جواز ترك العمل على كلتيهما لأن المتعذر إنما هو استيفاء كلتا المصلحتين ، وأما استيفاء إحداهما فهو ميسور للمكلف فلا يرخّص العقل في تركهما

ــ[125]ــ

معاً لأنه تفويت اختياري بلا سبب ، فلا مناص من اتباع إحدى الفتويين تخييراً .

   والكلام في الجواب عن ذلك يقع في جهات :

   الاُولى : أن السببية هل يمكن الالتزام بها في حجية الطرق والأمارات أو أنها باطلة بأقسامها ؟ وقد قرّرنا في محلّه (1) أن السببية بجميع أقسامها حتى السببية المنسوبة إلى بعض العدلية أعني بها الالتزام بالمصلحة في السلوك ، باطلة ولا نطيل الكلام باعادته .

   الثانية : أن القاعدة في موارد دوران الأمر بين التعيين والتخيير على القول بالسببية ، هل تقتضي التساقط أو أنها تقتضي التخيير ؟ وقد قدّمنا الكلام في ذلك أيضاً في محلّه وقلنا إن القاعدة تقتضي التساقط في المتعارضين حتى على القول بالسببية وحيث إن حجية فتوى الأعلم وغير الأعلم من باب التعارض ، لعدم إمكان جعل الحجية لكلتا الفتويين لاستلزامه الجمع بين الضدين أو النقيضين ، فدليل الحجية في كل منهما ينفي الحجية عن الاُخرى بالالتزام ، فهما متعارضان ولا مناص من الحكم بتساقطهما .

   وليس المقام من باب التزاحم وعدم قدرة المكلف على امتثالهما معاً ، بل هما متنافيان بحسب الجعل فإذا سقطت الفتويان عن الحجية لم تبق هناك أية مصلحة حتى يستقل العقل بلزوم استيفاء إحدى المصلحتين ووجوب اتباع إحدى الفتويين تخييراً ومن الظاهر أن الأمر بالاتباع إنما هو فيما ثبتت حجيته من الطرق ولا يمكن التفوّه بأن المصلحة قائمة بذواتها وإن لم تكن حجة شرعاً ، لأنه أي مصلحة في اتباع فتوى من لم يحكم بحجيتها لكفره أو فسقه أو لغيرهما من الجهات .

   الثالثة : أ نّا لو بنينا على أن المقام من صغريات باب التزاحم ، فهل تقتضي القاعدة التخيير في المتزاحمين أو أنها تقتضي الأخذ بما يحتمل أهميته ، وحيث إن المصلحة القائمة بالعمل على فتوى الأعلم تحتمل أهميتها فيتعيّن الرجوع إليه عند دوران الأمر بين تقليده وتقليد غير الأعلم ؟

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) مصباح الاُصول 2 : 95 .

ــ[126]ــ

   ذكرنا في محلّه (1) أن المتزاحمين إذا علمنا أهمية أحدهما لم يكن أي مسوّغ لرفع اليد عن الآخر المهم بالكلّية ، بل اللاّزم أن يرفع اليد عن إطلاقه فحسب ، فإن الضرورات تتقدر بقدرها ، والتنافي بينهما يرتفع بتقييد إطلاق المهم بما إذا ترك الاتيان بالأهم فلا مقتضي لرفع اليد عن المهم رأساً ، ومن هنا ذكرنا أن الترتب أمر ممكن وأنه على طبق القاعدة ، إذ لا منافاة بين الأمر بالأهم على نحو الاطلاق وبين الأمر بالمهم على تقدير ترك الأهم ، هذا إذا علمنا أهمية أحدهما معيناً .

   وأما إذا كانا متساويين فلا مناص من رفع اليد عن الاطلاق في كليهما وتقييده بما إذا لم يأت بالآخر ، إذ بذلك يرتفع التنافي بينهما وهو الترتب من الجانبين وتكون النتيجة أن المكلف مخيّر بينهما .

   وأما إذا احتملنا الأهمية في أحدهما المعيّن دون الآخر فاطلاق ما لا يحتمل أهميته مقيّد لا محالة . وأما إطلاق ما نحتمل أهميته فلا علم لنا بتقييده ، لأنه على تقدير كونه أهم يبقى إطلاقه بحاله كما أنه يقيد إذا كان مساوياً مع الآخر ، فإذا شككنا في ذلك فلا مانع من التمسك باطلاقه لعدم العلم بورود التقييد عليه ، هذا كلّه في كبرى المسألة .

   وأما تطبيقها على محل الكلام فلا شبهة في أن الأهمية غير محرزة في فتوى الأعلم وإلاّ لتعيّن الرجوع إليه ، إذ الكلام فيما إذا لم نعلم بذلك وشككنا في تعيّنه إلاّ أن احتمال الأهمية موجود بالوجدان وهذا بخلاف فتوى غير الأعلم إذ لا يحتمل فيها الأهمية بوجه . إذن لا مانع من التمسك باطلاق الأدلة المتقدمة القائمة على حجية فتوى الفقيه لعدم العلم بتقييدها بالإضافة إلى فتوى الأعلم ، كما علمنا بتقييدها بالإضافة إلى فتوى غير الأعلم ، ومع وجود الدليل الاجتهادي والاطلاق لا تصل النوبة إلى الأصل العملي حتى يقال : إن احتمال فعلية الأمر باتباع فتوى الأعلم مندفع بالبراءة لقبح العقاب من دون بيان .

   مضافاً إلى أن البراءة غير جارية في نفسها ، وذلك لأن العقل كما أنه يستقل بقبح مخالفة التكليف وعصيانه كذلك يستقل بقبح تفويت الملاك ، وقد فرضنا أن اتباع كل

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) محاضرات في اُصول الفقه 3 : 120 .

ــ[127]ــ

من الفتويين يشتمل على المصلحة الملزمة ، إلاّ أن المكلف لو عمل بفتوى الأعلم فهو معذور في تركه التصدي لاستيفاء المصلحة القائمة بفتوى غير الأعلم ، وذلك لاستناده إلى العجز ، فإن المصلحة في اتباع فتوى الأعلم إما أنها مساوية للمصلحة في اتباع فتوى غير الأعلم أو أنها راجحة عليها .

   وأما لو عكس ذلك واتبع فتوى غير الأعلم ، فلا معذّر له عن عدم اتباعه لفتوى الأعلم لأن المصلحة في كلتا الفتويين وإن كان يحتمل تساويها فلا يكون اتباعه لأحدهما مفوّتاً لشيء ، إلاّ أن من المحتمل أن تكون مصلحة الاتباع لفتوى الأعلم أزيد من المصلحة القائمة باتباع فتوى غيره ، فيكون اختياره لغير الأعلم مفوّتاً للمصلحة الزائدة من غير عجز أو معذّر آخر لدى العقل وهو قبيح ، فحيث إنه يحتمل العقاب في اتباعه لفتوى غير الأعلم فالعقل مستقل بلزوم دفعه ، وحينئذ يتعيّن العمل على طبق فتوى الأعلم كما ذكرناه ، فالمقام ليس من موارد التمسك بالبراءة ومن هنا قلنا إن احتمال العجز عن امتثال أي تكليف غير مسوّغ لتركه وسرّه ما ذكرناه من استقلال العقل بلزوم تحصيل الملاكات الملزمة على كل حال ، ومع الشك في القدرة يحتمل العقاب لاحتمال أنه قادر على الامتثال واقعاً وأنه مكلف بالتحصيل ومعه لا بدّ له من أن يتصدى للامتثال ليقطع بتمكنه أو عجزه .

   وعلى الجملة لا مجال للبراءة في تلك المقامات لأن فيها احتمال العقاب والعقل مستقل بلزوم دفعه ، فلا يكتفى بالشك في القدرة وعدمها .

   فتلخص : أن تقليد الأعلم عند العلم بمخالفته لغير الأعلم في الفتوى هو المتعيّن هذا إذا كانت فتواه موافقة للاحتياط أو كان كل من الفتويين موافقاً للاحتياط من جهة ومخالفاً له من جهة .

   وأما إذا كانت فتوى غير الأعلم موافقة للاحتياط دون فتوى الأعلم ، فالعقل وإن كان يرخّص في اتباعها وقتئذ ، إلاّ أنه من جهة كونه محصّلاً للعلم بالامتثال لأنه معنى الاحتياط والاتيان بالعمل رجاءً ، لا أنه مستند إلى حجية فتوى غير الأعلم بحيث يجوز إسنادها إلى الله سبحانه ، وذلك لما قد عرفت من تعيّن الرجوع إلى فتوى الأعلم عند العلم بالمخالفة بينه وبين غير الأعلم في الفتوى ، هذا كلّه في الصورة الثانية .

ــ[128]ــ

   وأما الصورة الثالثة : وهي ما إذا لم تحرز المخالفة بين فتوى الأعلم وفتوى غير الأعلم فهل يجوز الرجوع إلى فتوى غير الأعلم أو يجب تقليد الأعلم حتى في هذه الصورة ، كما في صورة العلم بالمخالفة بينهما ؟ الكلام في هذه الصورة يقع من جهتين :

   الاُولى : فيما يقتضيه الأصل العملي في المسألة .

   الثانية : فيما تقتضيه الأدلة الاجتهادية .

   أما الجهة الاُولى : فلا ينبغي الاشكال في أن الأصل يقتضي تعيّن الرجوع إلى فتوى الأعلم لما مرّ من أن الأحكام الواقعية منجزة على المكلفين بالعلم الاجمالي بوجودها ، والعمل بفتوى المجتهد إنما هو للتعذير عن المخالفة للواقع ، والعمل بفتوى الأعلم معذّر قطعاً ومعذرية العمل بفتوى غير الأعلم مشكوك فيها . ومع دوران الأمر بين التعيين والتخيير الأصل يقتضي التعيين كما مرّ في الصورة الثانية ، إلاّ أن الأصل لا يعارض الدليل فلا مناص من ملاحظة الأدلة الاجتهادية لنرى أنها تدلّنا على جواز الرجوع إلى غير الأعلم أو لا تدل .

   أما الجهة الثانية : فيقع الكلام فيها أولاً فيما يستدل به على عدم جواز الرجوع إلى فتوى غير الأعلم عند الشك في مخالفتها لفتوى الأعلم وتعيّن الرجوع إلى تقليد الأعلم ، وثانياً فيما استدل به على جواز تقليده .

   وقد استدلّوا على عدم الجواز في هذه الصورة بما استدلوا به على عدم جوازه في صورة العلم بالمخالفة بينهما في الفتوى ، من أن الأدلة غير شاملة لفتوى غير الأعلم وكذا الاجماع ، والأقربية ، ومقبولة عمر بن حنظلة ، وعهد أمير المؤمنين (عليه السّلام) إلى مالك الأشتر وغيرها .

   ويرد على الجميع : أن شيئاً من ذلك لم تتم دلالته على وجوب تقليد الأعلم عند العلم بالمخالفة بينه وبين غير الأعلم ، فضلاً عن أن تدل على تعينه عند عدم العلم بالمخالفة بينهما . ونزيده : أن الاستدلال بعدم شمول الأدلة لفتوى غير الأعلم ، والأقربية والمقبولة لو تمّ فإنما يختص بصورة العلم بالمخالفة ، وأما مع الشك في المخالفة واحتمال موافقتهما فلا تعارض لئلاّ تشملها الأدلة كما لا معنى للأقربية وقتئذ ، وكذا المقبولة موردها فرض العلم بالمخالفة ، فالاستدلال بها على تعيّن الرجوع إلى الأعلم في صورة

ــ[129]ــ

عدم العلم بالمخالفة مما لا وجه له ، هذا .

   وأما ما استدل به على جواز الرجوع إلى فتوى غير الأعلم ، إذا لم يعلم المخالفة بينه وبين الأعلم فهو اُمور :

   الأوّل : إطلاقات الأدلة القائمة على حجية فتوى الفقيه من الآية والأخبار المتقدمتين وقد خرجنا عنها في صورة العلم بالمخالفة وبقيت صورة العلم بالموافقة بينهما وكذا صورة الشك في المخالفة مشمولة لاطلاقها ، حيث دلت على جواز تقليد الفقيه من غير تقييده بما إذا كان أعلم .

   وقد يناقش في الاستدلال بالمطلقات بأن صورة العلم بالمخالفة قد خرجت عنها كما عرفت ، ومع الشك في الموافقة والمخالفة لا مجال للتمسك باطلاقها ، لأنه من التمسك بالعموم والاطلاق في الشبهات المصداقية وذلك لاحتمال مخالفتهما في الفتوى واقعاً .

   واُجيب عن ذلك بأن التمسك بالعموم في الشبهات المصداقية وإن لم يجز إذا كان المخصص لفظياً ، إلاّ أنه في المخصصات اللبية مما لا مانع عن التمسك به ، والأمر في المقام كذلك فإن صورة العلم بالمخالفة إنما خرجت عن المطلقات من جهة أن شمول أدلة الحجية للمتعارضين يستلزم الجمع بين الضدين أو النقيضين ، ومع كون المخصص لبياً لا مانع من التمسك بالعموم .

   ويرد على هذا الجواب : ما قررناه في محلّه (1) من أنه لا فرق في عدم جواز التمسك بالعموم في الشبهات المصداقية بين أن يكون المخصص لفظياً أو لبياً ، فإن التقييد والتخصيص يعنونان العام بعنوان ما لا محالة ، لاستحالة الاهمال في مقام الثبوت كاستحالة الاطلاق بعد العلم بالتقييد ، إذن يتعيّن أن يكون المطلق أو العام مقيداً بغير عنوان المخصص ، ولم يحرز أن العنوان المقيد صادق على المورد المشكوك فيه ، ومع عدم إحرازه لا مجال للتمسك بالاطلاق أو العموم .

   والصحيح في الجواب أن يقال : إن المناقشة غير واردة في نفسها وذلك لأن الشبهة وإن كانت مصداقية كما مرّ إلاّ أن هناك أصلاً موضوعياً يحرز به أن المورد المشتبه من

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) محاضرات في اُصول الفقه 5 : 196 .

ــ[130]ــ

الأفراد الباقية تحت العموم ، وذلك لأن إحراز فردية الفرد قد يكون وجدانياً وقد يكون بالتعبّد، ومن هنا قلنا في محله إن المرأة المشكوكة قرشيتها ببركة أصالة عدم القرشية داخلة تحت الأدلة الدالة على أن المرأة تحيض إلى خمسين ، وفي المقام أيضاً نقول : إن المخالفة بين المجتهدين أمر حادث مسبوق بالعدم ، ومع الشك في تحققها يبنى على عدمها بمقتضى استصحاب العدم الأزلي ، لأن الأصل عدم تحقق المخالفة بينهما فببركة هذا الأصل يمكننا إحراز أن المشتبه من الأفراد الباقية تحت العموم . بل إحراز ذلك بالاستصحاب النعتي أيضاً ممكن في المقام لأن المجتهدين كانا في زمان ولم يكونا مخالفين في الفتوى ولو من جهة عدم بلوغهما مرتبة الاجتهاد ، ومقتضى الأصل أنهما الآن كما كانا سابقاً .

   وربما يورد على هذا الاستدلال بأن التمسك بالمطلقات يشترط فيها الفحص عن المقيد والمعارض والجامع مطلق ما ينافي إطلاق الدليل ولا يجوز التمسك بها من دون فحص ،وحيث إن فتوى الأعلم يحتمل أن تكون مخالفة لفتوى غير الأعلم فلا مناص من أن يفحص ليظهر أنهما متخالفتان حتى لا تشملهما المطلقات أو أنهما متوافقتان فعلى الأوّل لا يجوز الرجوع إلى غير الأعلم وعلى الثاني يجوز .

   ويدفعه : أن التمسك بالاطلاق وإن كان يعتبر فيه الفحص عن مقيداته ومعارضاته بل عن مطلق ما ينافي الدليل بحكومة ونحوها ، إلاّ أنه خاص بالشبهات الحكمية ، فلا يسوغ التمسك بعموم الدليل قبل الفحص عن مخصصه ، ولا يعتبر ذلك في الشبهات الموضوعية بوجه ، مثلاً إذا قامت بينة على ملكية دار لزيد لم يعتبر في حجيتها الفحص عمّا يعارضها من البينات ولو مع العلم بوجود عدول يحتمل شهادتهم بأن الدار ليست لزيد . ومقامنا هذا من هذا القبيل ، لأنه من الشبهات الموضوعية لأن مفروض الكلام العلم بعدم اعتبار فتوى غير الأعلم في فرض المخالفة وإنما نشك في أنهما متخالفان أو متوافقان فالشبهة موضوعية .

   والوجه في عدم وجوب الفحص في الشبهات الموضوعية هو أن ما يقتضي لزوم الفحص في الشبهات الحكمية عن المنافيات أحد أمرين على سبيل منع الخلو :

   أحدهما : أن ديدن الأئمة (عليهم السّلام) جرى على التدرج في بيان الأحكام

ــ[131]ــ

الشرعية وما اعتبر فيها من القيود والشروط، ولم يبيّنوها بقيودها وخصوصياتها في مجلس واحد مراعاة للتقية ومحافظة على أنفسهم وتابعيهم عن القتل أو غيره من الأذى أو لغير ذلك من المصالح ، ومن هنا ترى أن العام يصدر من إمام والمخصص من إمام آخر ، أو أن حكماً يصدر من أحدهم (عليهم السّلام) فيصدر منه نفسه أو من إمام آخر خلافه ، ومع العلم بحال المتكلم وديدنه لا تجري في كلامه أصالة عدم القرينة قبل الفحص ، أو أنها لو جرت وانعقد لكلامه ظهور في نفسه لم تجر فيه أصالة حجية الظهور الّتي هي أصل عقلائي لاختصاصها بما إذا لم تجر عادة المتكلم على التدرج في بيان مراداته ومقاصده ، ومع عدم جريانها لا يعتمد على ظواهر كلامه لعدم حجيتها حينئذ .

   ثانيهما : العلم الاجمالي بأن العمومات والمطلقات الواردتين في الكتاب والسنّة قد ورد عليهما مقيدات ومخصصات كثيرة ، حتى ادعي أن الكتاب لا يوجد فيه عام لم يرد عليه تخصيص ، فلأجل ذلك وجب الفحص عن المنافيات حتى يخرج المورد عن الطرفية للعلم الاجمالي بالتخصيص والتقييد .

   وهذان الوجهان كما ترى لا يأتي شيء منهما في المقام : أما مسألة جريان عادة المتكلم على عدم بيان القيود والخصوصيات الدخيلة في حكمه في مجلس واحد فلأجل أنه لا موضوع لها في المقام ، حيث إن فتوى أحد المجتهدين ليست مبينة ومقيدة أو حاكمة على فتوى المجتهد الآخر بل فتوى كل منهما تصدر عن اجتهاده ونظره ولا ربط لاحداهما إلى الاُخرى بوجه .

   وأما العلم الاجمالي بالتقييد ، فلأنه ليس هناك أي علم إجمالي بالمخالفة في الفتوى بين المجتهدين لاحتمال موافقتهما بل قد يقطع بها كما في أكثر العوام لاعتقادهم أن الشريعة واحدة فلا اختلاف في أحكامها وفتاوى المجتهدين ، أو لو فرضنا أن الخواص قد علموا بينهما بالمخالفة ولو على سبيل الاجمال وفي بعض الموارد ، فليس لهم علم بالمخالفة في المسائل الّتي هي مورد الابتلاء ، والمراد بالمخالفة ما قدّمناه وهو أن يكون فتواهما متنافيتين مع كون فتوى غير الأعلم مخالفة للاحتياط وهي مما لا علم به ولو إجمالاً ومع عدم جريان شيء من الوجهين في المقام لا مقتضي لوجوب الفحص

ــ[132]ــ

ويجب الفحص عنه (1) .

 ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

بوجه ، فلا مانع من التمسك بالاطلاق من غير فحص عمّا يخالفه .

   الثاني : أن الأئمة (عليهم السّلام) قد أرجعوا عوام الشيعة إلى أصحابهم كزكريا بن آدم ، ويونس بن عبدالرحمان وأضرابهما وهم على تقدير كونهم متساوين في الفضيلة فلا أقل من أن بينهم الإمام (عليه السّلام) الّذي لا يحتمل فيه الخطأ ، فإذا جاز تقليد غير الأعلم مع وجود من لا يحتمل فيه الخطأ والاشتباه عند عدم العلم بالمخالفة بينهما جاز تقليد غير الأعلم مع وجود الأعلم المحتمل فيه الخطأ والاشتباه ، لأنه لا سبيل له إلاّ إلى الأحكام الظاهرية المحتملة المخالفة للواقع بطريق أولى .

   الثالث : السيرة العقلائية الجارية على الرجوع إلى غير الأعلم في جميع الحِرف والصنايع عند عدم العلم بمخالفته لمن هو أعلم منه، لعدم التزامهم بالرجوع إلى الأعلم مطلقاً حتى يبقى غير الأعلم عاطلاً . وهذا أمر نشاهده في مراجعاتهم إلى الأطباء والمهندسين وغيرهم من أرباب العلوم والفنون ، وحيث لم يردع عنها في الشريعة المقدسة ، فنستكشف أنها ممضاة عند الشارع . نعم ، عند العلم بالمخالفة لا بدّ من الرجوع إلى الأعلم كما مرّ ، هذا كلّه في وجوب تقليد الأعلم .

   والمتحصل : أنه لا دليل على وجوب تقليده في هذه الصورة وإن كان ظاهر عبارة الماتن وجوب تقليد الأعلم مطلقاً ولو في صورة عدم العلم بالمخالفة .




 
 


أقسام المكتبة :

  • الفقه
  • الأصول
  • الرجال
  • التفسير
  • الكتب الفتوائية
  • موسوعة الإمام الخوئي - PDF
  • كتب - PDF
     البحث في :


  

  

  

خدمات :

  • الصفحة الرئيسية للمكتبة
  • أضف موقع المؤسسة للمفضلة
  • إجعل الموقع رئيسية المتصفح

الرئيسية   ||   السيد الخوئي : < السيرة الذاتية - الإستفتاءات - الدروس الصوتية >   ||   المؤسسة والمركز   ||   النصوص والمقالات   ||   إستفتاءات السيد السيستاني   ||   الصوتيات العامة   ||   أرسل إستفتاء   ||   السجل

تصميم، برمجة وإستضافة :  
 
الأنوار الخمسة @ Anwar5.Net