وهناك روايات اُخرى استدلّ بها على المطلوب :
منها : رواية الحسن بن زياد عن أبي عبدالله (عليه السلام) «قال : إنّ رجلاً أتى أميرالمؤمنين (عليه السلام) فقال: يا أميرالمؤمنين، إنِّي أصبت مالاً لا أعرف حلاله من حرامه ، فقال له : أخرج الخمس من ذلك المال ، فإنّ الله عزّ وجلّ قد رضي من ذلك المال بالخمس ، واجتنب ما كان صاحبه يُعلم» (3) .
ـــــــــــــ (3) الوسائل 9 : 505 / أبواب ما يجب فيه الخمس ب 10 ح 1 .
ــ[126]ــ
والظاهر أنّ مورد هذه الرواية المال المختلط بالحرام قبل الانتقال إليه بإرث أو هبة ونحوهما من أسباب النقل ، فكان مخلوطاً عند المنتقل عنه ، لا أ نّه اختلط بعد ذلك ، فموردها المال المنتقل من الغير لا مطلقاً .
على أنّ السند ضعيف بالحكم بن بهلول ، فإنّه مجهول .
ومنها : معتبرة عمّار عن أبي عبدالله (عليه السلام) : أ نّه سُئل عن عمل السلطان، يخرج فيه الرجل؟ «قال: لا، إلاّ أن لا يقدر على شيء يأكل ولا يشرب ولا يقدر على حيلة ، فإن فعل فصار في يده شيء فليبعث بخمسـه إلى أهل البيت» (1) .
ولكنّ الظاهر أنّ هذه الرواية خارجة عن محلّ الكلام ، إذ لم يفرض فيها الاختلاط بالحرام بوجه ، لجواز أن يكون المال الواصل إليه من السلطان كلّه حلالاً وإن كان العمل له في نفسه حراماً .
وعليه ، فلا يبعد أن يكون المراد من الخمس هنا الخمس بعنوان الغنيمة والفائدة ، وأ نّه إذا عمل له عملاً فاستفاد فهو من مصاديق مطلق الفائدة ، يسوّغ التصرّف فيها بعد دفع خمسها وإن لم يكن العمل في نفسه مشروعاً كما عرفت .
ومنها : ما رواه الصدوق مرسلاً ، قال : جاء رجل إلى أمير المؤمنين (عليه السلام) فقال : يا أمير المؤمنين ، أصبت مالاً أغمضت فيه ، أفلي توبة ؟ «قال : ائتني خمسه» فأتاه بخمسه «فقال: هو لك، إنّ الرجل إذا تاب تاب ماله معه» (2) .
ولكنّها مرسلة لا يعوّل عليها .
ــــــــــــــــــــــــــــ
(1) الوسائل 9 : 506 / أبواب ما يجب فيه الخمس ب 10 ح 2 .
(2) الوسائل 9 : 506 / أبواب ما يجب فيه الخمس ب 10 ح 3 ، الفقيه 2 : 22 / 83 .
|