مصرف خمس المال المختلط هل هو للفقراء ؟ 

الكتاب : المستند في شرح العروة الوثقى-الجزء 15:الخُمس   ||   القسم : الفقه   ||   القرّاء : 4336


ــ[127]ــ

   ومنها : ما رواه الكليني بسنده عن السكوني عن أبي عبدالله (عليه السلام) «قال : أتى رجل أمير المؤمنين (عليه السلام) فقال : إنِّي كسبت مالاً أغمضت في مطالبه حلالاً وحراماً ، وقد أردت التوبة ولا أدري الحلال منه والحرام وقد اختلط عليّ ، فقال أمير المؤمنين (عليه السلام) : تصدّق بخمس مالك ، فإنّ الله قد رضي من الأشياء بالخمس ، وسائر المال لك حلال» (1) .

   وهي معتبرة سنداً دلّت على لزوم إخراج الخمس ، ولكن المذكور فيها عنوان الصدقة على خلاف المذكور في المعتبرة الاُولى ، أعني : رواية عمار بن مروان .

   ومن ثمّ وقع الإشكال في أنّ مصرف هذا الخمس هل هو للفقراء كما هو ظاهر لفظ التصدّق على ما يشير إليه قوله تعالى : (إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَـرَاءِ)إلخ (2) ، أو أنّ مصرفه مصرف سائر أقسام الخمس من المعادن والغنائم وغيرها كما هو مقتضى المعتبرة الاُولى الظاهرة في اتّحاد المصرف في الجميع ، ومنهم من حكم بالتخيير بين المصرفين كما ستعرف ؟

   والظاهر أنّ ما ذهب إليه المشهور من اتّحاد هذا المصرف مع سائر أقسام الخمس هو الصحيح .

   ووجهه : أنّ معتبرة عمّار بن مروان واضحة الدلالة على ذلك ، لقوّة ظهورها بحسب الفهم العرفي ، بل كادت تكون صريحة في أنّ المال المخلوط يصرف خمسه فيما يصرف فيه خمس الغنائم ونحوها ، المشار إليه بقوله تعالى : (فَإِنَّ للهِِ خُمْسَهُ وَلِلرَّسُولِ) إلخ (3) . فقوّة هذا الظهور ممّا لا ينبغي الإشكال فيها .

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) الوسائل 9 : 506 /  أبواب ما يجب فيه الخمس ب 10 ح 4 ، الكافي 5 : 125 / 5 .

(2) التوبة 9 : 60 .

(3) الأنفال 8 : 41 .

ــ[128]ــ

   وأمّا رواية السكوني فلو سلّمنا أنّ لفظ الصدقة ظاهر في الإنفاق على الفقراء ، ولم نقل بأ نّه موضوع للمعنى الجامع ، وهو كلّ عمل أو مال يتقرّب به إلى الله تعالى الشامل للخمس المصطلح ، بل قد ذكر شيخنا الأنصاري على ما حكاه عنه المحقّق الهمداني (قدس سره) أنّ لفظ الصدقة قد اُطلق على الخمس في كثير من الأخبار على ما قيل (1) ، وإن لم تحضرنا من ذلك ولا رواية واحدة .

   وكيفما كان ، فلو سلّمنا الظهور المزبور فلا ينبغي الشّك في لزوم رفع اليد عنه تجاه الرواية الاُولى ، لأقوائيّة ظهورها بحيث كادت تلحقه بالصراحة كما عرفت .

   وبالجملة : الأمر دائر بين رفع اليد عن أحد الظهورين ، ولا ينبغي الريب في أنّ الأوّل أقوى ، فتحمل الصدقة على المعنى اللغوي العام الشامل لمصرف الخمس أيضاً .

   والذي يؤكِّده ذيل هذه الرواية، حيث قال (عليه السلام): «فإنّ الله قد رضي من الأشياء بالخمس»، فإنّا لم نعهد مورداً أوجب الله فيه الخمس ما عدا هذه الموارد المعهودة من الغنائم والكنوز والمعادن ونحوها، فكأ نّه (عليه السلام) أراد تطبيق كبرى الخمس على هذا المورد أيضاً ، فيكون المراد من الخمس هنا ذاك الخمس المقرّر المجعول في الشريعة المقدّسة الذي رضي الله به في موارده الخاصّة ، فهذا الذيل قرينة واضحة على استظهار إرادة الخمس المصطلح ، ولا أقلّ من صلوحه للقرينيّة بحيث ينثلم معه ظهور لفظ الصدقة ، ولأجله تصبح الرواية الاُولى بلا معارض ، فيكون الخمس هنا كالخمس في بقيّة الأقسام كما عليه المشهور ، وإن كان كلام جماعة من القدماء خالياً عن ذلك ، ولأجله احتمل بعض المتأخّرين أ نّهم لم يلتزموا بذلك ، ومنهم صاحب المدارك ، حيث

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) مصباح الفقيه 14 : 154 ، وهو في كتاب الخمس : 258 .

ــ[129]ــ

إنّه قوّى عدم الخمس والتزم بالصدقة (1) ، عملاً بما دلّ على التصدّق بمجهول المالك في عدّة من الأخبار ، ولكن الرواية الاُولى السليمة عمّا يصلح للمعارضة صريحة فيما ذكرناه حسبما عرفت ، فلا محيص عن الالتزام به وصرف الرواية الثانية ـ أعني : رواية السكوني ـ عن ظاهرها .

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) المدارك 5 : 388 .




 
 


أقسام المكتبة :

  • الفقه
  • الأصول
  • الرجال
  • التفسير
  • الكتب الفتوائية
  • موسوعة الإمام الخوئي - PDF
  • كتب - PDF
     البحث في :


  

  

  

خدمات :

  • الصفحة الرئيسية للمكتبة
  • أضف موقع المؤسسة للمفضلة
  • إجعل الموقع رئيسية المتصفح

الرئيسية   ||   السيد الخوئي : < السيرة الذاتية - الإستفتاءات - الدروس الصوتية >   ||   المؤسسة والمركز   ||   النصوص والمقالات   ||   إستفتاءات السيد السيستاني   ||   الصوتيات العامة   ||   أرسل إستفتاء   ||   السجل

تصميم، برمجة وإستضافة :  
 
الأنوار الخمسة @ Anwar5.Net