ــ[214]ــ
والمال الموصى به (1) ونحوها ، بل لا يخلو عن قوّة .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
منها فلا يعتمد عليها لا سيّما وأنّ في بعضها كطريقه إلى أبان بن عثمان شيء لا يمكن تصديقه ، ولكن خصوص طريقه إلى محمّد بن علي بن محبوب صحيح ، لأ نّه إنّما يرويه عمّا رآه من خطّ الشيخ ، وطريق الشيخ إلى ابن محبوب صحيح . وقد روى هذه الرواية من طريق ابن محبوب .
وأمّا أحمد بن هلال فهو وإن كان فاسقاً ينسب إلى الغلو مرّةً وإلى النصب اُخرى ، بل عن شيخنا الأنصاري (قدس سره) : أنّ مثله لم يكن يتديّن بدين ، لما بين النسبتين من بعد المشرقين (1) .
ولكن الظاهر أ نّه ثقة في نقله وإن كان فاسداً في عقيدته ، حيث توقّف على أبي جعفر ولم يقبل نيابته عن الإمام ، لأ نّه كان يرى نفسه أحقّ بالنيابة ، إذ لا ينافي ذلك ما نصّ عليه النجاشي من كونه صالح الرواية (2) كما لا يخفى .
وهناك طائفة اُخرى من الروايات دلّت على الوجوب أعرضنا عن ذكرها لما في أسانيدها من الضعف ، وفيما ذكرناه غنىً وكفاية .
فتحصّل : أنّ الأظهر وجوب الخمس في الهديّة ، سواء أكان هو المشهور أم كان المشهور خلافه .
(1) ومنها : المال الموصى به ، والظاهر وجوب الخمس فيه أيضاً ، فإنّ الوصيّة إن كانت عهديّة ـ بأن عهد إلى وصيّه أن يعطي زيداً بعد وفاته كذا ـ فالحال فيها كما في الهبة ، إذ المال حينئذ يعطى له كهديّة يتسلّمها ، فيجري فيه ما مرّ فيها .
ــــــــــــــــــــــــــــ
(1) لاحظ كتاب الخمس : 86 ، 193 .
(2) رجال النجاشي : 83 / 199 .
ــ[215]ــ
نعم ، لا خمس في الميراث (1) إلاّ في الذي ملكه من حيث لا يحتسب ، فلا يترك الاحتياط فيه ،
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
وإن كانت تمليكيّة ـ كأن قال : ثلث مالي لزيد بعد وفاتي ـ فبناءً على المشهور من اعتبار القبول من الموصى له كان حاله حال الهبة أيضاً ، فإنّها جائزة من الميّت يهديها بعد وفاته ، فيجري فيها ما مرّ ، إذ لا يعتبر في الجائزة أن تكون من الحيّ .
وأمّا بناءً على أنّ الوصيّة التمليكيّة إنشاءٌ محض ولا يحتاج إلى القبول ـ كما هو الأظهر ـ غايته أ نّه ثبت بالإجماع أنّ له حقّ الردّ ، ومن ثمّ لو مات الموصى له قبل أن يصله الخبر انتقل المال إلى ورثته كما دلّت عليه الروايات .
فعلى هذا المبنى لا يستلزم القول بالوجوب في الهبة القول به هنا ، لإمكان الفرق بإدخال الهبة في التكسّب من أجل الحاجة إلى القبول كما مرّ ، بخلاف المقام المتضمّن للتملّك القهري بعد عدم الحاجة إليه كما هو المفروض .
ولكنّ الظاهر أ نّه مع ذلك يجب فيه الخمس ، لدخوله في عنوان الفائدة ، فتشمله الآية والروايات الدالّة على وجوب الخمس في مطلق الغنائم والفوائد حسبما عرفت .
(1) ومنها : الميراث ، والأقوال في المسألة ثلاثة :
عدم وجوب الخمس مطلقاً ، ولعلّه المشهور .
والوجوب مطلقاً ، وقد نسبه ابن إدريس إلى الحلبي مستغرباً قائلاً : إنّه لو كان ثابتاً لنقل بالتواتر كما تقدّم (1) .
ــــــــــــــــــــــــــــ
(1) في ص 211 .
ــ[216]ــ
وقول بالتفصيل بين المحتسب وغيره ، واختصاص الوجوب بالثاني .
أمّا الوجوب المطلق فمع أ نّه لا مقتضي له ـ لانصراف كلمة الغنيمة والفائدة عن مثل الإرث كما لا يخفى ـ يردّه ما أشار إليه ابن إدريس (1) من أنّ مسألة الميراث عامّة البلوى ومحلّ لابتلاء المسلمين في كلّ زمان ومكان ، بل يتّفق في كلّ يوم . فلو كان الخمس ثابتاً فيه لظهر وبان وكان من الواضحات ، مع أ نّه لم يتعرّض له أحد من الفقهاء غير أبي الصلاح ، فهو إذن غير محتمل في نفسه .
وأمّا التفصيل المزبور فلا بأس به ، وقد دلّت عليه صريحاً صحيحة علي بن مهزيار الطويلة ، ولا موجب لرفع اليد عنها بعد صحّة السند وصراحة الدلالة .
وما ذكر آنفاً من أ نّه لو كان ثابتاً لنقل بالتواتر ، لا يجري في هذا القسم من الإرث ، لندرته وشذوذه وخروجه عن محلّ ابتلاء العموم ، فعدم التعرّض له في كلمات المتقدّمين من الفقهاء لا يدلّ على عدم التزامهم بالوجوب بوجه ، فلا موجب لطرح الرواية إلاّ أن يدّعى الإجماع على خلافها ، ولم يثبت قطعاً .
ودعوى وهنها بإعراض المشهور عنها في هذه الفقرة .
يدفعها : منع الصغرى أوّلاً ، غايته أ نّهم لم يتعرّضوا لا أ نّهم أعرضوا .
ومنع الكبرى ثانياً ، لعدم سقوط الصحيح بالإعراض عن الحجّيّة ، إلاّ أن نقطع بخلافه عن المعصوم (عليه السلام) ، ولا قطع بالضرورة .
فالقول بثبوت الخمس في غير المحتسب من الإرث غير بعيد ، ولا يخلوّ عن قوّة .
ــــــــــــــــــــــــــــ
(1) السرائر 1 : 490 ، وهو في (الكافي في الفقه) : 170 .
|