لو زاد ما اشتراه وادّخره للمؤونة - لو مات المكتسب في أثناء الحول بعد حصوله على الربح 

الكتاب : المستند في شرح العروة الوثقى-الجزء 15:الخُمس   ||   القسم : الفقه   ||   القرّاء : 3785


ــ[260]ــ

   [ 2943 ] مسألة 67 : لو زاد ما اشتراه وادّخره للمؤونة من مثل الحنطة والشعير والفحم ونحوها ممّا يصرف عينه فيها يجب إخراج خمسه عند تمام الحول (1) ، وأمّا ما كان مبناه على بقاء عينه والانتفاع به مثل الفرش والأواني والألبسة والعبد والفرس والكتب ونحوها فالأقوى عدم الخمس فيها . نعم ، لو فرض الاستغناء عنها فالأحوط ((1)) إخراج الخمس منها ، وكذا في حليّ النسوان إذا جاز وقت لبسهنّ لها .

 ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

الدليل عليه ، بل ظاهر الأدلّة أنّ مبدأها ظهور الربح مطلقاً فيجوز صرفه في المؤونة . وأمّا إخراج مقدار المؤونة المصروفة سابقاً ووضعه من الربح المتأخّر فلا دليل عليه بوجه .

   نعم ، قد يتحمّل في بعض الموارد مصارف في سبيل تحصيل الربح ، كالسفر إلى بلاد بعيدة ، كما لو اشترى بضاعة من بغداد بمائة دينار ـ مثلاً ـ وذهب إلى لندن فباعها بخمسمائة ، فإنّ ذلك يتكلّف بطبيعة الحال مصارف مأكله ومسكنه واُجور الطائرة ونحو ذلك . فإنّ هذا كلّه يخرج عن الربح المتأخّر قطعاً ، بل لا ربح حقيقةً إلاّ فيما عداه .

   ولكن هذا خارج عن محلّ الكلام كما مرّ ، فإنّ الكلام في مؤونة الشخص وعائلته ، لا في مؤونة الربح والتجارة ، فإنّه لا كلام في استثنائها ، بل لا يصدق الربح إلاّ بعد إخراجها كما عرفت .

   (1) فإنّ الزائد على ما استهلكه خلال السنة غير معدود من المؤونة ، فلا وجه لاستثنائه ، فتشمله إطلاقات الخمس في كلّ فائدة .

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) لا بأس بتركه ، نعم لو باعها وربح فيه تعلّق الخمس بالربح ، وكذا الحال في حليّ النسوان .

 
 

ــ[261]ــ

   وأمّا ما كان مبناه على الانتفاع به مع بقاء عينه إذا كان بحيث لا يستهلك في سنة واحدة بل يبقى سنين وقد يبقى طول العمر كبعض أنواع الفرش والألبسة والدور والأواني المعدنيّة ونحو ذلك من الأمتعة الباقية أكثر من سنة واحدة بطبيعة الحال، فقد حكم في المتن بعدم الخمس فيها إلاّ إذا فرض الاستغناء عنها فاحتاط بوجوب الخمس حينئذ . وكذا الحال في حليّ النِّساء إذا جاز وقت لبسهنّ لها للخروج حينئذ عن عنوان المؤونة ، والمرجع بعد ذلك إطلاقات الخمس السليمة عن التقييد .

   ولكن الظاهر عدم وجوب الخمس من غير فرق بين صورتي الاستغناء وعدمه .

   بيان ذلك : إنّا قد ذكرنا في محلّه في الاُصول (1) : أ نّه إذا كان هناك عامّ أو مطلق وقد ورد عليه مخصّص زماني : فإن كان الزمان ملحوظاً فيه بنحو المفرديّة بحيث كان له عموم أو إطلاق أزماني وأفرادي فلوحظ كلّ زمان فرداً مستقلاًّ للعامّ في قبال الزمان الآخر كان المرجع فيما عدا المقدار المتيقّن من التخصيص هو عموم العامّ حتى إذا كان استصحاب المخصّص جارياً في نفسه ـ  مع أ نّه لا يجري ، لتعدّد الموضوع  ـ لتقدّم الأصل اللفظي ـ أعني : أصالة العموم أو الإطلاق ـ على الاستصحاب الذي هو أصل عملي .

   وإن كان ملحوظاً ظرفاً لا قيداً فكان الثابت على كلّ فرد من العامّ حكماً واحداً مستمرّاً لا أحكاماً عديدة انحـلاليّة ، فلا مجال حينئذ للتمسّك بالعـامّ حتى إذا لم يكن الاستصحاب جارياً في نفسه ، إذ لم يلزم من استدامة الخروج تخصيص آخر زائداً على ما ثبت أوّلاً ، ولا دليل على دخول الفرد بعد خروجه عن العامّ ، بل مقتضى الأصل البراءة عنه .

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) مصباح الاُصول 3 : 217 وما بعدها .

ــ[262]ــ

   ولكن هذا كلّه مخصوص بما إذا كان التخصيص أزمانيّاً بأن تكفّل دليل المخصّص للإخراج في زمان خاصّ .

   وأمّا إذا كان أفراديّاً بأن أخرج فرداً ـ عرضيّاً ـ من أفراد العامّ ، كخروج زيد عن عموم وجوب إكرام العلماء ، فلا يجري فيه حينئذ ذاك الكلام ، فإنّه خارج عن موضوع ذلك البحث ، فإذا خرج زيد ولو في زمان واحد يؤخذ بإطلاق دليل المخصّص المقدّم على عموم العامّ ، لعدم كون زيد فردين للعامّ كما لا يخفى . فسواء أكان الزمان مفرداً أم لا لا مجال للتمسّك فيه بأصالة العموم ، بل المرجع أصالة البراءة عن تعلّق الحكم به ثانياً .

   وعليه ، فنقول : المستفاد من قوله (عليه السلام) : «الخمس بعد المؤونة» ـ  الذي هو بمـثابة المخصّص لعموم ما دلّ على وجوب الخمس في كلّ غنيمة وفائدة من الكتاب والسنّة ـ أنّ هذا الفرد من الربح وهو ما يحتاج إليه خلال السنة المعبّر عنه بالمؤونة خارجٌ عن عموم الدليل ، والظاهر منه أنّ الخروج لم يكن بلحاظ الزمان ، بل هو متعلّق بنفس هذا الفرد من الربح بالذات كما عرفت ، فهو من قبيل التخصيص الأفرادي لا الأزماني .

   كما أ نّه لم يكن مقيّداً بعدم كونه مؤونة في السنة الآتية ولا بعدم الاستغناء عنه في السنين القادمة فيشمل كلّ ذلك بمقتضى الإطلاق . فهذا الفرد بعد خروجه لم يكن مشمولاً لإطلاقات الخمس فيحتاج شمولها له ثانياً إلى الدليل ومقتضى الأصل البراءة ، فلا موجب للاحتياط إلاّ استحباباً .

   ومع التنازل عن هذا البيان وتسليم كون الخروج بلحاظ الزمان فلا ينبغي التأمّل في عدم مفرديّة الزمان في عموم الخمس المتعلّق بالأرباح ليلزم الانحلال، بل هو ظرف محض ، فلكلّ فرد من الربح حكم وحداني مستمرّ من الخمس تكليفاً ووضعاً ، فإذا سقط الحكم عن فرد في زمان بدليل التخصيص احتاج

ــ[263]ــ

   [ 2944 ] مسألة 68 : إذا مات المكتسب في أثناء الحول بعد حصوله الربح سقط اعتبار المؤونة في باقيه ، فلا يوضع من الربح مقدارها على فرض الحياة (1) .
ــــــــــــــــــــــــــ

عوده إلى دليل آخر ، بعد وضوح أنّ أصالة العموم لا تقتضيه ، لعدم استلزام التخصيص الزائد .

   وبالجملة : فعلى التقديرين ـ أي سواء أكان التخصيص فرديّاً كما هو الظاهر أم زمانيّاً ـ لم يجب الخمس بعد الاستغناء ، إذ الموجب له كونه غنيمة ، والمفروض أنّ هذا الفرد حال كونه غنيمة لم يجب خمسه ، لكونه من المؤونة ، فعروض الوجوب ثانياً وخروج الخمس عن الملك يحتاج إلى الدليل، ولا دليل.

   بل المرجع حينئذ إطلاق دليل المخصّص أو استصحابه لا عموم العامّ ، وتكفينا أصالة البراءة عن وجوب الخمس ثانياً ، بعد وضوح عدم كون المؤونة في السنة اللاّحقة أو بعد الاستغناء مصداقاً جديداً للربح ليشمله عموم وجوب الخمس في كلّ فائدة .

   (1) لما تقدّم من أنّ الاعتبار في الاستثناء بالمؤونة الفعليّة لا التقديريّة ، فلا يوضع عن الربح إلاّ المقدار الذي صرفه خارجاً ، ويرجع فيما عداه إلى عموم وجوب الخمس ، إذ لا مؤونة بعد الموت ، فإنّها سالبة بانتفاء الموضوع .




 
 


أقسام المكتبة :

  • الفقه
  • الأصول
  • الرجال
  • التفسير
  • الكتب الفتوائية
  • موسوعة الإمام الخوئي - PDF
  • كتب - PDF
     البحث في :


  

  

  

خدمات :

  • الصفحة الرئيسية للمكتبة
  • أضف موقع المؤسسة للمفضلة
  • إجعل الموقع رئيسية المتصفح

الرئيسية   ||   السيد الخوئي : < السيرة الذاتية - الإستفتاءات - الدروس الصوتية >   ||   المؤسسة والمركز   ||   النصوص والمقالات   ||   إستفتاءات السيد السيستاني   ||   الصوتيات العامة   ||   أرسل إستفتاء   ||   السجل

تصميم، برمجة وإستضافة :  
 
الأنوار الخمسة @ Anwar5.Net