ومنها : سيف البحار ، أي ساحلها . ذكره المحقّق في الشرائع (3) وغيره ، ولم يرد فيه أيّ نصّ ، ولكنّه لا يحتاج إلى الدليل ، لأ نّها إمّا من الأراضي المحياة بالأصالة كساحل نيل مصر ، أو موات كسواحل البحار المرّة ، وعلى التقديرين
ــــــــــــ (3) الشرائع 1 : 211 .
ــ[367]ــ
فهي مندرجة في عموم قوله (عليه السلام) : «وكل أرض لا ربّ لها» .
ومنها : رؤوس الجبال والآجام وبطون الأودية .
أمّا الأولان فلم يردا في رواية معتبرة فيندرجان في الأراضي الموات ، أو فقل في الأراضي التي لا ربّ لها ، ولا خصوصيّة لهما .
نعم ، وردا في روايات ضـعاف ، وهي على القول بالانجـبار بالعمل تصبح معتبرة .
وأمّا بطون الأودية فقد وردت في روايتين معتبرتين ، وهما صحيحتا حفص ابن البختري (1) ومحمّد بن مسلم (2) .
وقد وقع الكلام في أ نّها هل هي بعنوانها من الأنفال كما هو مقتضى المقابلة مع الأرض الخربة في هاتين الصحيحتين ، أو أ نّها قسم منها ، والعطف من قبيل عطف الخاصّ على العامّ كما في قوله تعالى : (فِيهِمَا فَاكِهَةٌ وَنَخْلٌ وَرُمّانٌ) (3) على ما ذكره بعضهم ؟
وتظهر الثمرة فيما إذا كانت بطون الأودية عامرة حال الفتح :
فعلى الأوّل : كانت من الأنفال ، نظراً إلى أنّ إطلاق البطون يشمل الموات والمحياة ، ويكون ذلك بمنزلة الاستثناء ممّا دلّ على ملكيّة المسلمين للأراضي الخراجيّة .
وعلى الثاني : تختصّ البطون بالخربة ولا تعمّ العامرة ، فتبقى على ملكيّة المسلمين على ما هو الشأن في سائر الأراضي الخراجيّة المفتوحة عَنوةً .
ــــــــــــــــــــــــــــ
(1) الوسائل 9 : 523 / أبواب الأنفال ب 1 ح 1 .
(2) الوسائل 9 : 526 / أبواب الأنفال ب 1 ح 10 .
(3) الرّحمن 55 : 68 .
ــ[368]ــ
والأوّل غير بعيد ، جموداً على ظاهر المقابلة حسبما عرفت .
وهل يختصّ الحكم بما كان بطناً للوادي بحسب طبعه ، أو يعمّ ما إذا انقلب إليه بعد ما كان ملكاً شخصيّاً لأحد بمثل زلزلة أو سيل ونحوهما ؟ وهكذا الحال في رؤوس الجبال والآجام .
واحتمل التعميم جماعة ، وناقش فيه ابن إدريس وتبعه في المدارك (1) ، نظراً إلى انصراف النصّ عن مثل ذلك .
ومحلّ الكلام فعلاً ما لو كانت الملكيّة مستندة إلى شراء ونحوه .
وأمّا المستندة إلى الإحياء ففيه كلام لا يخصّ بطون الأودية ، وهو أ نّه لو ملك شخص بالإحياء ثمّ خربت فهل ترجع إلى الإمام (عليه السلام) ، أو تبقى في ملك المحيي ؟
فيه بحث مذكور في كتاب الإحياء ، ولعلّ الأظهر هو الرجوع إلى الإمام (عليه السلام) . وكيفما كان ، فهو خارج عن محلّ الكلام ، والبحث فعلاً متمحّض فيما لو ملك بغير الإحياء .
والظاهر أ نّه لا يرجع إلى الإمام ، وإن احتمل بعضهم أنّ عنوان بطن الوادي عنوان مستقلّ فيشمل بمقتضى إطلاقه ما لو كان منقلباً عن الملك الشخصي بزلزلة ونحوها ، ولكنّه لا يتمّ .
والوجه فيه : أنّ مورد هاتين الروايتين هي الأموال التي تنتقل من الكفّار إلى المسلمين ، كما يشهد به صدرهما من فرض المصالحة وعدم القتال وأ نّه لم يوجف عليها بخيل ولا ركاب ، فذكر البطون في هذا السياق يكشف عن كون النظر مقصوراً على ما يتسلّمه المسلمون من الكفّار ، فلا تشمل الأرض التي
ــــــــــــــــــــــــــــ
(1) السرائر 1 : 497 ، المدارك 5 : 416 .
ــ[369]ــ
هي ملك شخصي لمسلم ثمّ صارت بطن الوادي بزلزلة ونحوها ، فليست هي في مقام بيان أنّ كل شيء صدق عليه بطن الوادي فهو من الأنفال ليعمّ المقام ، فالمقتضي قاصر ، لعدم انعقاد الإطلاق من أصله . وإن أبيت فلا ينبغي الشكّ في أ نّه منصرف عن مثل المقام قطعاً ، فتدبّر جيّداً .
|