ــ[46]ــ
[ 3258 ] مسألة 1 : لا تصحّ الإجارة إذا كان المؤجّر أو المستأجر مكرهاً عليها (1) ، إلاّ مع الإجازة اللاحقة (2) ، بل الأحوط عدم الاكتفاء بها ، بل تجديد العقد إذا رضيا .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) لا لحديث رفع التسعة (1) التي منها : ما استكرهوا عليه ، لضعف سنده وإن وصفه شيخنا الأنصاري في الرسالة بالصحّة (2) ، نظراً إلى أنّ أحمد بن محمّد ابن يحيى ـ الذي هو شيخ الصدوق ويروي عنه ـ لم يوثّق .
نعم ، في الخصال رواها عن محمّد بن يحيى (3) نفسه بلا وساطة ولده أحمد ، ولكن فيه سقطاً جزماً ، لعدم إمكان رواية الصدوق عنه ، فإنّ ابن يحيى هو شيخ الكليني ، والفصل بينه وبين الصدوق كثير بمثابة لا يمكن روايته عنه بلا واسطة ، فهو يروي عنه بواسطة ابنه أحمد ، وقد عرفت أ نّه لم يوثق .
بل لروايات اُخرى معتبرة (4) دلّت على رفع ما استكرهوا عليه ، ومقتضاها أنّ العقد الواقع عن كره لا أثر له وفي حكم العدم ، فلا جرم يحكم ببطلانه .
(2) لا ريب في لزوم حصول بعض الشرائط حال العقد كمعلوميّة العوضين ، فلا يكفي ارتفاع الجهالة بعده ، فهل الرضا أيضاً كذلك ، أو أ نّه يكتفى بالإجازة
ــــــــــــــــــــــــــــ
(1) الوسائل 15 : 369 / أبواب جهاد النفس ب 56 ح 1 .
(2) فرائد الاُصول 2 : 27 .
(3) الخصال : 417 / 9 .
(4) الوسائل 23 : 237 / أبواب الأيمان ب 16 ح 3 ، 4 ، 5 ، 6 .
ووجه الاعتبار : أنّ كتاب نوادر أحمد بن محمّد بن عيسى ـ الذي هو مصدر هذه الأحاديث ـ من الكتب المعتمدة ، كما نصّ عليه صاحب الوسائل في ج30 ص 162 / 19 .
ــ[47]ــ
اللاحقة ؟
تبتني هذه المسألة على التكلّم في كبرى كلّيّة ، وهي أنّ صحّة الفضولي هل هي على طبق القاعدة من غير حاجة إلى قيام دليل عليها بالخصوص ، أو أ نّها مخالفة لها يقتصر على مقدار قيام الدليل ؟
فعلى الأوّل يحكم بالصحّة في الإجارة أيضاً، بخلافه على الثاني، لاختصاص الأدلّة بالبيع ، فتحتاج صحّة الإجارة إلى عقد جديد .
هذا ، وقد ذكرنا في محلّه أنّ الأظهر هو الأوّل ، نظراً إلى أنّ الرضا لا يقاس بسائر الشروط ، إذ هو كما يتعلّق بالأمر الحالي كذلك يتعلّق بالاستقبالي والأمر الماضي بنمط واحد ، ولا يعتبر في صحّة العقد ما عدا وجوده وكونه عن رضا المالك ، وأمّا لزوم حصول الرضا حال صدور العقد فلم يدلّ عليه أيّ دليل .
وعليه ، فمتى تحقّق الرضا وصدرت الإجازة من المالك صحّ انتساب العقد السابق إليه فعلاً ، فيقال : إنّ زيداً باع ماله أو وهبه ، وإن كان البيع أو الهبة واقعاً في الزمن السابق ، فإذا كان العقد السابق قابلاً للانتساب إليه فعلاً فلا جرم تشمله إطلاقات أدلّة الصحة والنفوذ ووجوب الوفاء بالعقود ، فإنّها وإن لم تشمله قبل الرضا لعدم كون العقد عقده إلاّ أ نّه بعد لحوق الرضا الموجب لصحّة الإسناد والانتساب يندرج تحت الإطلاق بطبيعة الحال ، فيحكم بصحّته من دون فرق بين موارده من البيع أو الإجارة ونحوهما ، لاتّحاد المناط في الكلّ ، فمن ثمّ كانت صحّة العقد الفضولي مطابقة لمقتضى القاعدة كما فصّلنا البحث حوله بنطاق واسع في مبحث العقد الفضولي من كتاب البيع (1) .
وكما يجري هذا في العقد الصادر من الغير ـ أعني : الفضولي ـ فكذا يجري في العقد الصادر من نفس المالك إذا كان فاقداً للرضا لإكراه من الغير وتوعيده ،
ــــــــــــــــــــــــــــ
(1) مصباح الفقاهة 2 : 607 .
ــ[48]ــ
نعم ، تصحّ مع الاضطرار (1) كما إذا طلب منه ظالم مالاً فاضطرّ إلى إجارة دار سكناه لذلك فإنّها تصحّ حينئذ ، كما أنّه إذا اضطرّ إلى بيعها صحّ . ـــــــــــــــــــــــ
فما دام مكرهاً لا أثر له ، ومتى ارتفع الإكراه وانقلب إلى الرضا صحّ إسناد العقد السابق إليه فتشمله الإطلاقات .
(1) سواء أكان اضطراراً محضاً مستنداً إلى قضاء الله تعالى ، كما لو ألجأته الضرورة إلى إجارة الدار وصرف الاُجرة في معالجة مريضه ـ مثلاً ـ أم كان الاضطرار مستنداً إلى إكراه الغير وإجباره في دفع مقدار معيّن من المال لا يسعه تحصيله إلاّ بإيجار الدار .
فإنّ التمسّك بحديث رفع الإكراه لا موقع له حينئذ ، أمّا في الفرض الأوّل فواضح ، وكذا الثاني ، إذ لم يتعلّق الإكراه بنفس العقد لكي يرتفع أثره ويحكم بفساده ، بل بأمر آخر وهو مطالبة المبلغ الكذائي . وأمّا الإجارة فقد صدرت طوع رغبته واختياره لكي يتوصّل بتسليم الاُجرة إلى دفع شرّ الظالم وتوعيده .
وأمّا التمسّك بحديث رفع الاضطرار فهو أيضاً لا موقع له ، فإنّ عقد الإيجار وإن كان مورداً للاضطرار إلاّ أنّ شمول الحديث له مخالف للامتنان ، للزوم الوقوع في الضيق لو حكم بفساد العقد وعدم ترتّب أثر عليه ، وإنّما يرتفع به الأثر الموافق رفعه للامتنان كما لو اضطرّ إلى الكذب أو شرب النجس ونحو ذلك فيحكم بجوازه حينئذ وارتفاع حرمته .
|