ــ[106]ــ
[ 3270 ] مسألة 13 : إذا استأجر منه دابّة لزيارة النصف من شعبان ـ مثلاً ـ ولكن لم يشترط على المؤجّر ذلك ولم يكن على وجه العنوانيّة أيضاً واتّفق أ نّه لم يوصله لم يكن له خيار الفسخ وعليه تمام المسمّى من الاُجرة (1) ، وإن لم يوصله إلى كربلاء أصلاً سقط من المسمّى بحساب ما بقي ((1)) واستحقّ بمقدار ما مضى (2) . والفرق بين هذه المسألة وما مرّ في المسألة السابقة : أنّ الإيصال هنا غرض وداع ، وفيما مرّ قيد أو شرط .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ولكن هذا البيان يختصّ بما إذا كان كلّ من العقدين جامعاً لشرائط الصحّة لولا المزاحمة فكان كلّ واحد صحيحاً في نفسه ، وإلاّ فمع الاختلاف ، كما لو زوّجها الوكيل في المثال بمن يحرم عليه نكاحها وهو لا يدري ، تعيّن الآخر في الصحّة ، لارتفاع المزاحمة حينئذ وكون الترجيح مع المرجّح .
ومقامنا من هذا القبيل ، لبطلان إحدى الإجارتين ـ وهي الإجارة على العمل غير الموصل بلا اُجرة ـ في نفسها ، لفساد الإجارة بلا اُجرة كالبيع بلا ثمن ، فإذن تكون الإجارة الاُخرى محكومة بالصحّة بعد سلامتها عن المزاحم .
(1) إذ لا أثر لتخلّف الدواعي والأغراض في صحّة المعاملة بعد أن لم يكن الإيصال ملحوظاً لا على وجه الشرطيّة ولا القيديّة ، وإنّما كان داعياً وغاية محضة كما هو ظاهر .
(2) فتقسط الاُجرة على المسافة وتستردّ منها ما يقع بإزاء الباقي ، فلو كانت
ــــــــــــــــــــــــــــ
(1) هذا إذا كان عدم الوصول لعدم إمكانه بموت الدابة ونحوه ، ومع ذلك فللمستأجر الخيار ، فإن فسخ استحقّ المؤجر اُجرة المثل لما مضى ، وأما إذا كان عدم الوصول من قبل المؤجر فللمستأجر أن يفسخ ويعطي اُجرة المثل لما مضى ، وله أن يطالب باُجرة المثل لما بقي ويعطي تمام الاُجرة المسـمّاة .
ــ[107]ــ
الاُجرة عشرة والمسافة عشرة فراسخ وقد مضى منها تسعة استردّ درهماً واحداً .
وهذا إنّما يتّجه فيما إذا لم يستند عدم الوصول إلى المؤجّر نفسه ، بل كان لأمر خارجي وعائق غير اختياري من قضاء وقدر ، كموت الدابّة ـ مثلاً ـ فيما إذا كان مورد الإجارة دابّة شخصيّة ، إذ الإجارة عندئذ تنحلّ بطبيعة الحال ، وينكشف أنّ الباقي لم يكن يستحقّه المستأجر من الأوّل ، إذ لم يكن المؤجّر مالكاً له ليملّكه ، فيستكشف بطلانها في المقدار الباقي ، ولكن الإجارة بما أ نّها كانت واقعة على مجموع المسافة المرتبطة أجزاؤها بعضها ببعض وقد تبعّضت فلا جرم يثبت للمستأجر خيار الفسخ ، نظير خيار تبعّض الصفقة في البيع ، فله أن يفسخ العقد من أصله ويضمن اُجرة المثل لما مضى ، لأ نّه عمل محترم قد وقع بأمره ، كما له الإمضاء والإسقاط من الاُجرة المسمّاة بحساب ما بقي . فهو إذن مخيّر بين الأمرين ولم يكن ملزماً بخصوص الثاني .
وأمّا إذا استند إلى اختيار المؤجّر نفسه فالإجارة عندئذ محكومة بالصحّة في تمام الاُجرة ، لما تقدّم من عدم إناطة الصحّة بالوفاء بالعقد والعمل بمقتضاه (1) . وعليه، فلا مقتضي للتقسيط ، لتفرّعه على البطلان في بعض الاُجرة ، والمفروض عدمه ، بل المستأجر مخيّر حينئذ بين الفسخ وإعطاء اُجرة المثل لما مضى كما في الفرض السابق ، وبين الإمضاء وإعطاء تمام الاُجرة المسمّاة ومطالبة الأجير باُجرة المثل لما بقي ، إذ هو مال الغير قد أتلفه الأجير فيضمن لمالكه وهو المستأجر بالقيمة .
وعلى الجملة : فما ذكره في المتن من التقسيط لا يستقيم على إطلاقه .
ــــــــــــــــــــــــــــ
(1) في ص 96 .
|