ففيه ما لا يخفى ، بل هو واضح الفساد ، ضرورة أنّ الشخصي يتضمّن الكلّي وزيادة ، فلا جرم كان تسليمه تسليمه بعد أن كان اختيار التطبيق بيد المؤجّر ، فله دفع أيّ فرد شاء وفاءً عن الكلّي كما هو الحال في البيع . وعليه ، فقد تسلّم المستأجر المنفعة بتسلّم العين ، ومعه كيف يمكن القول بعدم استقرار الاُجرة ؟!
نعم ، لو لم يكن التسليم بعنوان الوفاء بل كانت العين ـ في الإجارة الشخصيّة أو الكلّيّة ـ مدفوعة إلى المستأجر بعنوان الأمانة باعتبار أنّ المنفعة لمّا لم تكن مؤقّتة بوقت خاصّ حسب الفرض ، وإنّما آجر الدابّة ـ مثلاً ـ لحمل متاعه خلال يوم من هذا الاُسبوع حسبما يختاره المستأجر ، فجعلها أمانة عنده لكي يستوفي المنفعة حيثما شاء . فحينئذ لا مقتضي للاستقرار بمضيّ زمان يمكن فيه الاستيفاء كما هو واضح ، إلاّ أ نّه لا مقتضي أيضاً لضمان اُجرة المثل ، إذ المؤجّر هو الذي فوّت المنفعة على نفسه بدفع العين أمانة وتسليط المستأجر عليها .
والحاصل : أنّ ما صنعه في المتن من الجمع بين الحكمين ـ أعني : عدم استقرار الاُجرة والضمان لاُجرة المثل ـ متعذّر ، لعدم ورودهما في مورد واحد .
فإنّ الدفع المزبور إن كان بعنوان الوفاء لعقد الإيجار لم يكن وجه لعدم الاستقرار ، ولا لضمان اُجرة المثل ، وإن كان بعنوان الأمانة فعدم استقرار الاُجرة بمضيّ زمان يمكن فيه الاستيفاء وإن كان وجيهاً إلاّ أ نّه لا مقتضي عندئذ للحكم بضمان اُجرة المثل . فهذان الحكمان لا يكاد يجتمعان في مورد واحد ، كما لعلّه واضح ، فلاحظ .
|