ــ[180]ــ
[ 3290 ] مسألة 8 : إذا آجر دابّة كلّيّة ودفع فرداً منها فتلف لا تنفسخ الإجارة ، بل ينفسخ الوفاء (1) فعليه دفع فرد آخر .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ولكن الماتن أشكل عليهم بما هو في محلّه . وحاصل ما ذكره (قدس سره) : ثبوت الفرق الواضح بين الموردين ، فإنّ الحكم المزبور مطابق لمقتضى القاعدة في باب البيع ، نظراً إلى تعلّق الملكيّة فيه بنفس العين وبما أ نّها موجودة حال البيع ، فلا جرم كان المشتري مالكاً لها بعد العقد . فلو عرض التلف بعدئذ كان مقتضى القاعدة الأوّلية أن يكون في مال المشتري ، لأ نّه طرأ في ملكه ولكنّه من أجل السيرة العقلائيّة مضافاً إلى النصّ الناطق بالضمان والانفساخ يلتزم برجوعه آناً ما إلى البائع وكون التلف في ملكه ، ولولا ذلك لم يكن أيّ مقتض لكون التلف منه ، بل كان من المشتري ، لعروض التلف في ملكه حسبما عرفت .
وهذا بخلاف الإجارة ، فإنّ الملكيّة فيها تتعلّق بالمنفعة دون العين ، والمفروض أنّ المنافع لا وجود لها في المدّة المضروبة لمكان تلف العين وقتئذ ، فهي طبعاً لم تكن منتقلة إلى المشتري من الأوّل ، لأ نّها بعد افتراض انعدامها لم تكن مملوكة للمؤجّر لكي يتمكّن من تمليكها للمستأجر ، لعدم قابليّة مثلها لتعلّق الملكيّة بها .
فالفرق إذن بين الموردين في غاية الوضوح . وعليه ، فلو تصرّف المؤجّر في الاُجرة قبل التلف كان تصرّفه فضوليّاً لا محالة ، لكونه تصرّفاً في ملك المستأجر واقعاً وإن تخيّل أ نّه تصرّف في ملكه .
(1) لعدم ورود التلف على ما وقعت الإجارة عليه لتنفسخ ، لأنّ موردها المنفعة الكلّيّة القائمة بالعين الكلّيّة وهي باقية على حالها ، فما وقعت الإجارة
ــ[181]ــ
[ 3291 ] مسألة 9 : إذا آجره داراً فانهدمت (1) فإن خرجت عن الانتفاع بالمرّة بطلت ، فإن كان قبل القبض أو بعده قبل أن يسكن فيها أصلاً رجعت الاُجرة بتمامها ، وإلاّ فبالنسبة ، ويحتمل تمامها في هذه الصورة أيضاً ويضمن اُجرة المثل بالنسبة إلى ما مضى ، لكنّه بعيد ((1)) ، وإن أمكن الانتفاع بها مع ذلك كان للمستأجر الخيار بين الإبقاء والفسخ ، وإذا فسخ كان حكم الاُجرة ما ذكرنا . ويقوى هنا رجوع تمام المسمّى مطلقاً ودفع اُجرة المثل بالنسبة إلى ما مضى ، لأنّ هذا هو مقتضى فسخ العقد كما مرّ سابقاً . وإن انهدم بعض بيوتها بقيت الإجارة بالنسبة إلى البقيّة وكان للمستأجر خيار تبعّض الصفقة .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
عليه لم يتلف ، وما تلف خارجاً لم تقع الإجارة عليه ، وإنّما كان أداؤه بعنوان الوفاء بتخيّل كونه مصداقاً للكلّي فبان خلافه ، فطبعاً يلزم المؤجّر بالتطبيق على فرد آخر وفاءً بعقده بعد أن لم يكن الفرد التالف صالحاً لانطباق الكلّي عليه ، من دون أن يكون في البين أيّ مقتض للبطلان أو الانفساخ أو الخيار كما هو ظاهر .
(1) تعرّض (قدس سره) في هذه المسألة لأحد مصاديق كبرى تلف العين المستأجرة التي تقدّم حكمها ، وإنّما عنونه مستقلاًّ لمزيّة لم تسبق الإشارة إليها وستعرفها .
فذكر (قدس سره) أ نّه إذا آجره داراً فانهدمت بحيث خرجت عن قابليّة
ــــــــــــــــــــــــــــ
(1) نعم ، إلاّ أنّ للمستأجر حينئذ خيار تبعّض الصفقة وعلى تقدير الفسخ يرجع بتمام الاُجرة ويضمن اُجرة المثل بالنسبة إلى ما مضى .
ــ[182]ــ
ولو بادر المؤجّر إلى تعميرها بحيث لم يفت الانتفاع أصلاً ليس للمستأجر الفسخ حينئذ على الأقوى ، خلافاً للثانيين .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الانتفاع بتاتاً فإنّه تجري حينئذ الأحكام المتقدّمة من أنّ الانهدام إن كان قبل القبض أو بعده بلا فصل يحكم بالبطلان ، لانكشاف عدم المنفعة ، وإن كان في أثناء المدّة بطلت الإجارة في المدّة الباقية ، لما ذكر ، وصحّت فيما بقي مع خيار التبعّض ، فيرجع مع الفسخ إلى تمام الاُجرة المسمّاة ويدفع اُجرة المثل .
وأمّا إذا لم يستوجب الانهدام السقوط عن القابليّة بالمرّة ، غايته أنّ الدار قد تعيّبت فلم تمكن الاستفادة المرغوبة منها بكاملها ، سواء أكان ذلك قبل القبض أم بعده أو أثناء المدّة ، فحينئذ لا موجب للانفساخ ، بل يثبت للمستأجر خيار العيب ، لتخلّف صفة الصحّة المشروطة ارتكازاً في تمام العين حدوثاً وبقاءً ، فله الفسخ على النهج الذي عرفت .
وأمّا إذا اختصّ الانهدام ببعض بيوت الدار اختصّ البطلان به ، لكشف انتفاء المنفعة بالإضافة إليه ، وصحّت الاجارة فيما عداه مع خيار التبعّض كما سبق كل ذلك .
والمزيّة التي ذكرها في المقام هي ما أشار إليه بقوله : ولو بادر المؤجّر ، إلخ ، أي فتدارك الخراب على نحو لم يتضرّر المستأجر بوجه ، لعدم فوات شيء من الانتفاع أصلاً ، كما لو خربت جدران السطح أو قسم من السرداب في وقت لا ينتفع عادةً بشيء منهما كفصل الشتاء ، فبادر إلى التعمير بصورة لا يشغل الفضاء إشغالاً يزاحم المستأجر في سائر انتفاعاته من الدار . ففي مثله لا يبعد عدم ثبوت الخيار أيضاً، إذ الخراب أو الانهدام لم يكن بعنوانه موضوعاً للحكم،
|