لو أفسد الطبيب المباشر للعلاج - لو تبرّأ الطبيب من الضمان وقبل المريض 

الكتاب : المستند في شرح العروة الوثقى-الجزء 16:الإجارة   ||   القسم : الفقه   ||   القرّاء : 3987


ــ[244]ــ

   [ 3306 ] مسألة 5 : الطبيب المباشر للعلاج إذا أفسد ضامن وإن كان حاذقاً (1) ، وأمّا إذا لم يكن مباشراً بل كان آمراً ففي ضمانه إشـكال ، إلاّ أن

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

فتبيّن أنّ هذا التفصيل عليل ، أو أ نّه عريض أو طويل بحيث سقط الثوب عن صلاحيّة الانتفاع ، أو أعطى خشباً معيّناً للبناء لبناية السقف وأمره بأن يضع عليه كذا مقداراً من الجصّ والآجر والقير ونحو ذلك فانهدم من أجل عدم تحمّل تلك الأخشاب لهذه الأثقال ، ونحو ذلك ممّا يستند الفساد إلى إجازة المالك وأمره وأ نّه هو الذي ألغى احترام ماله . ففي مثل ذلك لا مقتضي لضمان الأجير الذي هو وقتئذ بمثابة الآلة المحضة كما هو واضح .

   ومن الضروري أنّ صحيح الحلبي المتقدّم منصرف عن مثل هذا الفرض ، لظهوره فيمن لم يعمل ما كان مأذوناً فيه فكان أجيراً على أن يصلح فأفسد ، لا أ نّه أتى ما اُمر به وترتّب عليه الفساد خارجاً .

   نعم ، فيما إذا بلغ الفساد حدّ الدم كالموت المترتّب على الختان في المثال المذكور في المتن فالظاهر حينئذ هو الضمان ، لأنّ دم المسلم لا يذهب هدراً كما نطق به النصّ ، وهذا القتل بالآخرة يستند إلى الختان ، غايته أ نّه كان مشتبهاً لا عامداً وإن كان اشتباهه في أصل الختان لا في كيفيّته ، فيجرى عليه حكم القتل الخطئي من ترتّب الدية عليه ، بلا فرق بين أن يكون المختون صغيراً وإن أبرأ وليّه ، إذ ليس له حقّ البراءة بعد أن لم تثبت له هذه الولاية ، وبين أن يكون كبيراً لكن لم يسلّم نفسه لحدّ الموت ، وأمّا مع التسليم الراجع إلى براءة الختّان فلا ضمان كما ستعرفه في الطبيب المعالج .

   (1) لقاعدة الإتلاف ، مضافاً إلى ما رواه النوفلي عن السكوني عن أبي عبدالله (عليه السلام) «قال: قال أمير المؤمنين (عليه السلام) : من تطبّب أو

ــ[245]ــ

يكون سبباً وكان أقوى من المباشر ، وأشكل منه إذا كان واصفاً للدواء من دون أن يكون آمراً كأن يقول : إنّ دواءك كذا وكذا ، بل الأقوى فيه عدم الضمان ، وإن قال : الدواء الفلاني نافع للمرض الفلاني ، فلا ينبغي الإشكال في عدم ضمانه ، فلا وجه لما عن بعضهم من التأمّل فيه ، وكذا لو قال : لو كنت مريضاً بمثل هذا لمرض لشربت الدواء الفلاني .

 ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

تبيطر فليأخذ البراءة من وليّه ، وإلاّ فهو له ضامن» (1) .

   فإنّها معتبرة من حيث السند ، لوثاقة السكوني كما نصّ عليه الشيخ في العدّة (2) ، وكذا النوفلي من أجل وقوعه في اسناد كامل الزيارات .

   كما أ نّها واضحة الدلالة على ضمان الطبيب المباشر ما لم يتبرّأ .

   ونسب الخلاف إلى بعضهم بدعوى أنّ هذا كان بإذن من المريض أو الوليّ فلا ضمان .

   وهو واضح الفساد ، ضرورة أنّ الإذن كان في العلاج لا في الفساد، فلا ينبغي الشكّ في الضمان .

   هذا فيما إذا كان الطبيب مباشراً للعمل .

   وأمّا إذا لم يباشره وإنّما كان آمراً إمّا لشخص المريض أو لممرّضه ومنه الآمر لثالث بالتزريق المتداول في هذا الزمان :

   فإن كان السبب أقوى من المباشر بحيث يسند الفعل إليه عرفاً والمباشر بمثابة آلة محضة ، كما لو كان صبياً غير مميّز أو مجنوناً ، فهذا حاله حال الطبيب المباشر في ثبوت الضمان .

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) الوسائل 29 : 260 /  أبواب موجبات الضمان ب 24 ح 1 .

(2) العدّة : 56 .

ــ[246]ــ

   وأمّا إذا كان المباشر مستقلاًّ في تصرّفه بأن كان بالغاً عاقلاً مختاراً فقد يقال بالضمان أيضاً .

   إمّا لأجل أ نّه السبب في التلف والسبب هنا أيضاً أقوى من المباشر .

   وفيه ما لا يخفى ، إذ لا شأن للأمر المزبور ما عدا كونه داعياً لصدور الفعل عن الفاعل المختار فهو يصدر عنه باختياره ، فكيف يستند إلى الآمر ؟! ومن ثمّ ذكروا في محلّه أنّ الآمر بالقتل لا يقتصّ منه وإن كان يحبس لأمره ، وإنّما يختصّ القصاص أو الدية بالمباشر .

   وإمّا لدعوى اندراجه في إطلاق موثّق السكوني المتقدّم .

   ويندفع بوضوح انصرافه عن المقام ، فإنّ قوله : «تطبّب» كتكسّب من باب التفعّل يدلّ على مطاوعة الفعل وقبوله ، فهو مساوق لقوله : عالج ، الظاهر في مباشرة العلاج والطبابة خارجاً ، فلا يشمل الأمر المجرّد عن التصدّي ولا سيّما بقرينة اقترانه بقوله : «تبيطر» الظاهر في معالجة الحيوانات مباشرةً .

   نعم ، للتطبّب معنى آخر كالتفقّه ، أي أخذ الطبّ شغلاً له مع عدم كونه طبيباً . ولكنّه أجنبي عن محلّ الكلام ، ولا يناسب إرادته في المقام كما لا يخفى .

   وعلى أيّ حال ، فلا ينبغي التأمّل في عدم ضمان الآمر .

   وأوضح حالاً توصيف الدواء من دون أمر ، كأن يقول : دواؤك كذا وكذا ، لعدم استناد الفعل إلى الواصف غير الآمر بوجه .

   وأوضح منه ما إذا لم يعيّن الشخص ، بل قال على سبيل الكبرى الكلّيّة : إنّ مرض كذا دواؤه كذا ، فطبّقه المريض على نفسه باختياره واجتهاده .

   وأوضح من الكلّ ما لو قال : لو كنت مريضاً بمثل هذا المرض لشربت الدواء الكذائي ، من غير تعرّض للحكم الكلّي أو لحكم شخص المريض .

   والحاصل : أنّ الضمان إنّما يثبت في فرض خاصّ ، وهو ما إذا استند الفعل

ــ[247]ــ

   [ 3307 ] مسألة 6 : إذا تبرّأ الطبيب من الضمان وقبل المريض أو وليّه ولم يقصّر في الاجتهاد والاحتياط برئ على الأقوى (1) .
ــــــــــــــــــــــ

إلى الطبيب أو البيطار ، وهذا يتحقّق في أحد موردين : إمّا العلاج المباشري ، أو فيما إذا كان السبب أقوى . وأمّا إذا لم يكن استناد غايته أنّ قوله كان داعياً للعمل لم يكن عليه أيّ ضمان .

   (1) لموثّق السكوني المتقدّم ، حيث علّق الضمان فيه على عدم البراءة من الولي ، أي ممّن بيده الأمر، الذي يختلف مصداقه حسب اختلاف الموارد ، ففي البيطرة الولي هو مالك الدابّة ، وفي الطبابة هو المريض إن كان بالغاً عاقلاً ، وإلاّ فوليّه . ففي جميع ذلك متى أخذ البراءة فلا ضمان .

   ولا موقع للاستشكال بأ نّه من قبيل إسقاط ما لم يجب ، حيث إنّ الضمان إنّما يكون بعد الإفساد فقبله لا موضوع للبراءة .

   إذ فيه : أنّ هذا إنّما يتمّ لو كان الحكم مستنداً إلى القاعدة والموازين العامّة ، وأمّا مع الاستناد إلى الرواية الخاصّة الناطقة بذلك حسبما عرفت فلا وجه له .




 
 


أقسام المكتبة :

  • الفقه
  • الأصول
  • الرجال
  • التفسير
  • الكتب الفتوائية
  • موسوعة الإمام الخوئي - PDF
  • كتب - PDF
     البحث في :


  

  

  

خدمات :

  • الصفحة الرئيسية للمكتبة
  • أضف موقع المؤسسة للمفضلة
  • إجعل الموقع رئيسية المتصفح

الرئيسية   ||   السيد الخوئي : < السيرة الذاتية - الإستفتاءات - الدروس الصوتية >   ||   المؤسسة والمركز   ||   النصوص والمقالات   ||   إستفتاءات السيد السيستاني   ||   الصوتيات العامة   ||   أرسل إستفتاء   ||   السجل

تصميم، برمجة وإستضافة :  
 
الأنوار الخمسة @ Anwar5.Net