ــ[253]ــ
[ 3309 ] مسألة 8: إذا قال للخيّاط مثلاً: إن كان هذا يكفيني قميصاً فاقطعه، فقطعه فلم يكف ضمن في وجه(1). ومثله لو قال: هل يكفي قميصاً؟ فقال: نعم، فقال: اقطعه، فلم يكفه.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
قوله : «ضامن» كما عرفت ، فلو تمّت هذه النسخة ولم تكن مغلوطة فلا جرم تقع بينهما المعارضة ، والمرجع بعد التساقط إطلاقات نصوص الدية السليمة عن المعارض ، الناطقـة بأ نّها في القتل والكسر الخطئي على العاقلة تكليفاً وعلى الفاعل وضعاً .
ثمّ إنّه على تقدير القول بالضمان في الحمّال في مورد الرواية فقد ظهر أ نّه لا موقع للتعدّي منه إلى العثرة التي هي محلّ الكلام ، ضرورة صدور الفعل من القتل أو الكسر من نفس الحمّال في مورد الرواية ، لصحة إسناده إليه عرفاً ، غايته أ نّه فعل غير اختياري له ، لحصول الإصابة منه اتّفاقاً ومن غير قصد لها . وأمّا في العثرة فلا يستند الفعل إلى العاثر بوجه ، بل هو كآلة محضة والتلف سماوي وليس من الإتلاف في شيء .
فالصحيح أ نّه لا ضمان في العثرة ، بل ولا في مسألة الحمّال حسبما عرفت .
(1) ملخّص ما ذكره (قدس سره) : أنّ الأقوال في مفروض المسألة ثلاثة :
الضمان مطلقاً ، وهو الذي اختاره (قدس سره) أوّلاً وإن ذكر في آخر كلامه أنّ الأولى تعليق الضمان على التقييد وعدمه أو على صدق الغرور وعدمه .
وعدم الضمان مطلقاً ، باعتبار أنّ صاحب المال قد أذن في قطع الثوب وفصّله في كلا الفرضين الآتيين .
وقولٌ بالتفصيل بين ما إذا قيّد القطع وعلّقه على الكفاية فقال : إن كان هذا
ــ[254]ــ
وربّما يفرّق بينهما ((1)) فيحكم بالضمان في الأوّل دون الثاني ، بدعوى عدم الإذن في الأوّل دون الثاني .
وفيه : أنّ في الأوّل أيضاً الإذن حاصل .
وربّما يقال بعدم الضمان فيهما للإذن فيهما .
وفيه : أ نّه مقيّد بالكفاية إلاّ أن يقال : إنّه مقيّد باعتقاد الكفاية وهو حاصل .
والأولى الفرق بين الموارد والأشخاص بحسب صدق الغرور وعدمه ، أو تقيّد الإذن وعدمه ، والأحوط مراعاة الاحتياط .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
يكفيني قميصاً فاقطعه ، ففيه الضمان ، لعدم صدور القطع عن الإذن في فرض عدم الكفاية . وبين ما إذا كان إخبار الخيّاط بالكفاية داعياً للأمر من غير تقييد وتعليق ، فلا ضمان لصدوره حينئذ عن الأمر والإذن .
وهذا التفصيل هو الأقوى ، إذ لا ينبغي الشكّ في أ نّه في صورة الاشتراط وتعليق الإذن على الكفاية فقطعه الخياط باعتقاد الكفاية فضلاً عمّا إذا لم يكن معتقداً كان ضامناً ، لأ نّه أتلف مال الغير أو أورد النقص عليه ، غايته أ نّه لم يكن مقصّراً من أجل اعتقاد الكفاية . وعلى أيّ حال ، فلم يقع هذا القطع بإذن من المالك بعد أن كان مقيّداً بالكفاية وقد انكشف خلافها .
ودعوى الماتن (قدس سره) وجود الإذن ، عهدتها عليه ، إذ كيف يكون موجوداً وقد كان معلّقاً على الكفاية والمفروض عدمها ؟!
ــــــــــــــــــــــــــــ
(1) الظاهر أنّ الفرق هو الصحيح ، فإنّ الإذن في الأوّل مقيّد بالكفاية دون الثاني .
ــ[255]ــ
نعم ، تتّجه هذه الدعوى فيما لو كان المعلّق عليه اعتقاد الكفاية ، كما لو قال : اقطعه إن كنت واثقاً بالكفاية ، فقطع مبنيّاً على هذا الاعتقاد ، لحصول الإذن حينئذ بحصول شرطه ، لكن المفروض في كـلامه (قدس سره) التعليق على نفس الكفاية لا على اعتقادها .
إذن فلا ينبغي التردّد في الضمان ، للاندراج في كبرى : إنّ من استؤجر للإصلاح فأفسد فهو ضامن .
وأمّا لو أذن في القطع مطلقاً ومن غير تقييد بالكفاية وإن كان هذا الإذن المطلق ناشئاً عن اعتقاد الكفاية الحاصل من إخبار الخيّاط بها بعد السؤال عنها ، فالظاهر حينئذ عدم الضمان ، لعدم كون الإذن معلّقاً ومشروطاً بشيء لم يحصل ، غايته انكشاف الخطأ في الاعتقاد الباعث على الإذن والاشتباه في التطبيق من نفس الآذن . ومثله غير ضائر في حصول الإذن الفعلي المطلق ، كما هو الحال في سائر موارد التخلّف في الداعي وعدم مطابقته مع الواقع .
نعم ، فيما إذا كان الخيّاط عالماً بعدم الكفاية وهو جاهل بحيث صدق معه الغرور في إذنه المطلق ، يحتمل الضمان ، لقاعدة الغرور .
ولكن هذه القاعدة غير ثابتة على إطلاقها ـ بحيث إنّ في كلّ مورد صدق الغرور تحقّق معه الضمان والرجوع إلى الغارّ ـ لعدم الدليل عليه ، لا من بناء العقـلاء ولا بحسب الروايات الخاصّة ، كما باحثنا حوله في مباحث المكاسب مشبعاً وبناطق واسع (1) .
وممّا يؤكّده في المقام : أ نّا لو فرضنا أنّ صاحب الثوب بنفسه تصدّى للقطع
ــــــــــــــــــــــــــــ
(1) مصباح الفقاهة 5 : 256 وما بعدها .
|