جواز إيكال العمل إلى غيره لو تقبله من غير اشتراط المباشرة - هل يجوز استئجار الغير بأقل من الاُجرة ؟ 

الكتاب : المستند في شرح العروة الوثقى-الجزء 16:الإجارة   ||   القسم : الفقه   ||   القرّاء : 3780


ــ[291]ــ

   [ 3319 ] مسألة 2 : إذا تقبّل عملاً من غير اشتراط المباشرة ولا مع الانصراف إليها يجوز أن يوكّله إلى عبده أو صانعه أو أجنبي (1) ، ولكن الأحوط عدم تسليم متعلّق العمل كالثوب ونحوه إلى غيره من دون إذن المالك ، وإلاّ ضمن ، وجواز الإيكال لا يستلزم جواز الدفع كما مرّ نظيره ((1)) في العين المستأجرة ، فيجوز له استئجار غيره لذلك العمل بمساوي الاُجرة التي قرّرها في إجارته أو أكثر ،

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

   فما تقتضيه القاعدة يستفاد من هاتين الروايتين أيضاً .

   فالنتيجة :  أنّ الممنوع إنّما هو إيجار تمام العين أو بعضها في تمام المدّة أو بعضها بالأكثر ـ إمّا للنصّ أو للأولويّة ـ وأمّا بالنسبة إلى المساوي فضلاً عن الأقلّ فالأخبار المانعة لا تشمله ، ومقتضى القاعدة المعتضدة بالروايتين المعتبرتين هو الجواز وإن كان الاحتياط الاستحبابي بالامتناع عن المساوي كما صنعه في المتن حسناً وفي محلّه .

   (1) لا ريب في عدم جواز الإيكال مع الاُجرة أو بدونها في فرض اعتبار المباشرة ، لافتراض تعلّق الإجارة بعمل نفسه خاصّة ، فلا يجزئ عنه غيره . وهذا واضح .

   كما لا ريب في جوازه مع عدم اعتبار المباشرة لا شرطاً ولا انصرافاً ، كما لعلّه الغالب في مثل الصائغ والقصّار ونحوهما ممّن كان المطلوب منه حصول العمل المستأجر عليه خارجاً من غير نظر إلى المباشر الخاصّ .

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) ما ذكرناه في العين المستأجرة يجري هنا بعينه .

ــ[292]ــ

وفي جواز استئجار الغير بأقلّ من الاُجرة إشكال ((1)) (1) ، إلاّ أن

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

   وهل يجوز تسليم العين التي هي محلّ العمل إلى الشخص الآخر من غير إذن المالك ؟

   اختار (قدس سره) عدم الجواز ، بل حكم بالضمان لو علم ، نظراً إلى أنّ جواز الإيكال لا يلازم جواز الدفع على حذو ما تقدّم منه (قدس سره) في العين المستأجرة (2) .

   ولكنّه يظهر لك ممّا مرّ أنّ الأظهر هو الجواز في كلا الموردين بمناط واحد ، باعتبار أنّ الإجارة إذا كانت مطلقة وغير مقيّدة بالمباشرة وكان العمل ممّا يستلزم عادةً تسليم العين فهذا إذن ضمني من المالك ثابت بمقتضى العقد حسب المتفاهم العرفي .

   مضافاً إلى صحيحة الصفّار الواردة في القصّار والناطقة بعدم الضمان إذا كان الأجير ثقة
مأموناً(3).

   (1) لا وجه للإشكال لا هنا ولا في المسألة السابقة بعد صراحة النصوص المعتبرة غير المعرض عنها في المنع عن الأقلّ هنا وعن الأكثر هناك من غير أيّ معارض ، بل لا ينبغي التأمّل في عدم الجواز في كلا الموردين ، ولم يتّضح أيّ وجه للاستشكال في شيء من الموردين ، فلاحظ روايات المقام (4) .

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) أظهره عدم الجواز ، ولا يكفي إحداث الحدث هنا في جوازه .

(2) في ص 271 .

(3) الوسائل 19 : 146 / كتاب الإجارة ب 29 ح 18 .

(4) الوسائل 19 : 132 / كتاب الإجارة ب 23 .

ــ[293]ــ

يحدث حدثاً أو يأتي ببعض (1) ، فلو آجر نفسه لخياطة ثوب بدرهم يشكل استئجار غيره لها بأقلّ منه ، إلاّ أن يفصّله أو يخيط شيئاً منه ولو قليلاً ،

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

   (1) أمّا مع الإتيان ببعض العمل فلا ينبغي الإشكال في جواز الاستئجار بالأقلّ ، لتبقى له الزيادة بإزاء عمله ، كما نطقت به النصوص صريحاً ، وفي بعضها : أنّ الصائغ لو أذاب ثمّ أعطى لغيره بالأقلّ جاز له ذلك ، لأنّ الإذابة عمل (1) ، فالخيّاط لو فصّل ثمّ استأجر غيره بالأقلّ ساغ وكانت الزيادة بإزاء تفصيله ، وهكذا . وهذا ظاهر .

   وأمّا إحداث الحدث ـ من غير أن يعمل عملاً ـ فلم يتّضح أيّ وجه لكونه مسوّغاً للاستئجار بالأقلّ .

   ولا يقاس المقام بما تقدّم في المسألة السابقة ، للفرق الواضح بينهما ، ضرورة أنّ الإجارة هناك كانت واقعة على العين ، فإذا أحدث فيها حدثاً ـ كتبييض الدار المستأجرة ـ فلا جرم تقع الإجارة الثانية على غير ما وقعت عليه الإجارة الاُولى ، لأنّ هذا الحدث أوجب تغييراً وتبديلاً في متعلّق الإجارة ، ولأجله لا مانع من الزيادة ، لاختصاص مورد المنع بما إذا تعلّقت الثانية بعين ما تعلّقت به الاُولى كما تقدّم .

   وأمّا في المقام فالإجارة واقعة على العمل كالخياطة ، وأمّا العين الخارجيّة ـ كالثوب ـ فهي محلّ للعمل ومورده لا أ نّها بنفسها متعلّق للإجارة ، وحينئذ فإن أتى بشيء من العمل كتفصيل الثوب فلا بأس باستئجاره ثانياً بالأقلّ ، لاختلاف العمل المستأجر عليه في الموردين .

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) الوسائل 19 : 134 / كتاب الإجارة ب 23 ح 7 .

ــ[294]ــ

بل يكفي أن يشتري الخيط أو الإبرة ((1)) في جواز الأقلّ (1) ، وكذا لو آجر نفسه لعمل صلاة سنة أو صوم شهر بعشر دراهم ـ مثلاً ـ في صورة عدم اعتبار المباشرة يشكل استئجار غيره ((2)) بتسعة ـ مثلاً ـ إلاّ أن يأتي بصلاة واحدة أو صوم يوم واحد مثلاً .

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

   وأمّا إذا لم يأت بشيء منه ـ كما هو المفروض ـ فمجرّد إحداث الحدث في العين ، كما لو صبغ الثوب ولوّنه بلون مرغوب فيه ، لم يكن له أيّ أثر في اختلاف متعلّق الاجارة كي يكون مسوّغاً للاستئجار بالأقلّ ، إذ الإحداث المزبور إنّما كان في محلّ العمل لا في العمل نفسه الذي هو مورد الإجارة ومتعلّقها، وقد صرّح في الروايات بأ نّه متى ما لم يعمل في العـين فليس له الاستئجار بالأقلّ .

   (1) بشرط أن يكون الشراء بماله لكي تحصل المغايرة وقتئذ بين متعلّقي الإجارتين ، حيث إنّ الاُولى تعلّقت بالخياطة بموادّها ، والثانية بها بدونها ، وبذلك يندرج في عقد الاستثناء الوارد في النصوص المانعة ، أعني : قوله (عليه السلام) في مثل صحيح ابن مسلم : « ... لا ، إلاّ أن يكون قد عمل فيه شيئاً» (3) .

   وأمّا إذا كان بمال الأجير الثاني ولم يكن على الأوّل سوى الشراء المحض الذي هو من مقدّمات الخياطة وعمل خارجي أجنبي عن موردها ، ففي كفايته إشكال ، بل منع ، إذ الظاهر من الظرف في قوله (عليه السلام) في الاستثناء المزبور : «قد عمل فيه» حصول العمل في نفس ما تعلّقت به الإجارة الاُولى

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) هذا إذا اشتراه بماله ، وأمّا إذا اشتراه بمال الأجير ففي كفايته إشكال بل منع .

(2) مرّ أنّ عدم الجواز هو الأظهر .

(3) الوسائل 19 : 132 / كتاب الإجارة ب 23 ح 1 .




 
 


أقسام المكتبة :

  • الفقه
  • الأصول
  • الرجال
  • التفسير
  • الكتب الفتوائية
  • موسوعة الإمام الخوئي - PDF
  • كتب - PDF
     البحث في :


  

  

  

خدمات :

  • الصفحة الرئيسية للمكتبة
  • أضف موقع المؤسسة للمفضلة
  • إجعل الموقع رئيسية المتصفح

الرئيسية   ||   السيد الخوئي : < السيرة الذاتية - الإستفتاءات - الدروس الصوتية >   ||   المؤسسة والمركز   ||   النصوص والمقالات   ||   إستفتاءات السيد السيستاني   ||   الصوتيات العامة   ||   أرسل إستفتاء   ||   السجل

تصميم، برمجة وإستضافة :  
 
الأنوار الخمسة @ Anwar5.Net