ــ[331]ــ
إجارة الأرض بالطعام «قال : إن كان من طعامها فلا خير فيه» (1) .
وهي وإن لم يكن بأس بدلالتها، نظراً إلى أنّ نفي الخير في قوّة التعبير بالفساد، وإلاّ فكيف لا يكون خير في معاملة صحيحة حاوية على مبادلة مال بمال سيّما مع الاسترباح ؟!
إلاّ أنّ السند ضعيف بصالح بن السندي ، إذ لم يرد فيه أيّ توثيق أو مدح .
نعم ، ورد في اسناد كامل الزيارات صالح بن السندي الجمّال ، لكن الرجل البالغة رواياته في مجموع الكتب الأربعة ثمانين رواية والذي يروي عنه علي بن إبراهيم وغيره لم يلقّب في شيء منها بالجمّال ، بل ذكر مطلقاً ، فلم يعلم أنّ المراد بمَن في الكامل هو هذا الرجل ، وإلاّ لوُصِف به ولو في مورد واحد ، فيُظَنّ إذن أ نّه غيره ، بل يكفينا مجرّد الشكّ وتطرّق الاحتمال لعدم إحراز الوثاقة على كلّ حال ، فتسقط الرواية عن صلاحيّة الاستدلال .
ومنها : رواية أبي بردة ، قال : سألت أبا عبدالله (عليه السلام) عن إجارة الأرض المحدودة بالدراهم المعلومة «قال : لا بأس» قال : وسألته عن إجارتها بالطعام «فقال : إن كان من طعامها فلا خير فيه» (2) .
وهي أيضاً ظاهرة الدلالة كسابقتها ، غير أ نّها ضعيفة السند بأبي بردة ، فإنّه مجهول .
وهاتان الروايتان هما العمدة في المقام لولا الخلل في السند .
وأمّا بقيّة الروايات فلا تدلّ على عدم الجواز في محلّ الكلام .
ــــــــــــــــــــــــــــ
(1) الوسائل 19 : 55 / كتاب المزارعة ب 16 ح 5 .
(2) الوسائل 19 : 56 / كتاب المزارعة ب 16 ح 9 .
ــ[332]ــ
فمنها : موثّقة أبي بصير عن أبي عبدالله (عليه السلام) «قال : لا تؤاجر الأرض بالحنطة ولا بالشعير ولا بالتمر ولا بالأربعاء ولا بالنطاف، ولكن بالذهب والفضّة، لأنّ الذهب والفضّة مضمون ، وهذا ليس بمضمون» (1) .
وقد رويت عن أبي بصير بسند آخر، وفيها : ... قلت : وما الأربعاء؟ «قال : الشرب ، والنطاف : فضل الماء» إلخ (2) .
وقد وصف الذهب والفضّة في بعض النصوص بأ نّهما مصمتان مفسّراً ذلك في نفس الرواية بأ نّهما لا يزيدان ولا ينقصان (3) ، ولا يبعد أن يكون المراد بالمضمون في هذه الموثقة أيضاً ذلك على خلاف غيرهما من بقيّة الأجناس التي تختلف قيمتها زيادةً ونقيصةً فلا تكون مضمونة .
وكيفما كان، فلا كلام لنا في التعليل، وإنّما الكلام في الحكم المذكور في الموثّقة، وهو ـ كما ترى ـ أجنبي عن محلّ الكلام ـ أعني : الإيجار بما يحصل من الأرض ـ بل موضوع النهي فيها هو الإيجار بمطلق الطعام ، سواء أكان من نفس الأرض أم من غيرها ولو في الذمّة، في مقابل الإيجار بما هو مضمون، أي الذهب والفضّة .
ويؤكّده عطف «الأربعاء» و «النطاف» الكاشف عن أنّ موضوع الحكم هو مطلق ما ليس بمضمون لا خصوص الحاصل من الأرض ، فهي إذن أجنبيّة عن محلّ الكلام .
وحيث لا شكّ في جواز إجارة الأرض بمطلق الطعام كما لعلّه يفصح عنه غير واحد من الأخبار فلا جرم تحمل هذه على الكراهة كما احتمله في المتن .
ــــــــــــــــــــــــــــ
(1) الوسائل 19 : 54 / كتاب المزارعة ب 16 ح 2 .
(2) الوسائل 19 : 138 / كتاب الإجارة ب 26 ح 1 .
(3) الوسائل 19 : 128 / كتاب الإجارة ب 21 ح 6 .
ــ[333]ــ
ومنها : ما رواه الشيخ بإسناده عن أبي المغرا ، قال : سأل يعقوب الأحمر أبا عبدالله (عليه السلام) وأنا حاضر فقال : أصلحك الله ، أنّه كان لي أخ قد هلك وترك في حجري يتيماً ، ولي أخ يلي ضيعة لنا ، وهو يبيع العصير ممّن يصنعه خمراً ويؤاجر الأرض بالطعام، فأمّا ما يصيبني فقد تنزّهت، فكيف أصنع بنصيب اليتيم ؟ «فقال : أمّا إجارة الأرض بالطعام فلا تأخذ نصيب اليتيم منه إلاّ أن تؤاجرها بالربع والثلث والنصف» (1) .
وهذه أيضاً قاصرة الدلالة ، فإنّها وإن تضمّنت لفظ الإجارة لكن المراد بها هي المزارعة يقيناً ، بقرينة حكمه (عليه السلام) في الذيل بالجواز فيما إذا كان بالثلث أو الربع ، الذي هو من مختصّات المزارعة ، فكأنّ الاُجرة في مفروض السؤال كانت مقداراً معيّناً من الطعام ، فكان البطلان مستنداً إلى فقدان شرط المزارعة وهو وقوعها على الحصّة المشاعة ، ومن ثمّ حكم (عليه السلام) أخيراً بالصحّة مع مراعاة هذا الشرط ، فيعلم من ذلك أنّ جعل الاُجرة الطعام لا بأس به في نفسه ، وإنّما الذي فيه بأس أن لا تكون الحصّة مشاعة .
وكيفما كان ، فالرواية أجنبيّة عن باب الإجارة وناظرة إلى باب المزارعة ، فهي خارجة عن محلّ الكلام بتاتاً .
ومنها : ما رواه الصدوق في العلل بإسناده عن يونس بن عبدالرّحمن، عن غير واحد، عن أبي جعفر وأبي عبدالله (عليهما السلام) : أ نّهما سُئلا ما العلّة التي من أجلها لا يجوز أن تؤاخر الأرض بالطعام ، وتؤاجرها بالذهب والفضّة ؟ «قال : العلّة في ذلك أنّ الذي يخرج منها حنطة وشعير ، ولا تجوز إجارة حنطة
ــــــــــــــــــــــــــــ
(1) الوسائل 19 : 55 / كتاب المزارعة ب 16 ح 7 ، التهذيب 7 : 196 / 866 .
ــ[334]ــ
بحنطة ولا شعير بشعير» (1) .
وقد اشتمل السند على إسماعيل بن مرار الذي لم يرد فيه توثيق صريح ، فإن ناقشنا فيه سقطت الرواية عن الحجّيّة ، وإن حكمنا بوثاقته كما هو الأظهر من أجل وقوعه في اسناد تفسير علي بن إبراهيم فالسند تام .
إلاّ أنّ الدلالة قاصرة ، نظراً إلى أنّ مورد السؤال هو مطلق الطعام في مقابل الذهب والفضّة لا خصوص الشعير والحنطة ، إذن فذكرهما في الجواب إنّما هو من باب المثال لا لخصوصيّة فيهما ، إيعازاً إلى بيان الفرق بين الطعام والذهب وأنّ الخارج من الأرض ربّما يكون حنطة فجعلها اُجرة يشبه إجارة الحنطة بالحنطة ، بخلاف ما إذا كانت الاُجرة ذهباً .
فهي إذن من جملة الأخبار الناهية عن إجارة الأرض بمطلق الطعام ولو في الذمّة ، أو من أرض اُخرى ، المحمولة على الكراهة كما سبق ، وأجنبيّة عن محلّ الكلام .
ومنها : صحيحة الحلبي عن أبي عبدالله (عليه السلام) «قال : لا تستأجر الأرض بالحنطة ثمّ تزرعها حنطة» (2) .
وفيه ـ مضافاً إلى اختصاصها بالحنطة فقط دون الشعير ـ : أنّ الظاهر منها اختصاص النهي بصورة زرع الحنطة خارجاً ، فلا نهي لو لم يزرعها أو زرع غيرها من سائر الحبوب كالشعير . فهي إذن تدلّ على جواز إجارة الأرض بالحنطة مطلقاً، ما عدا صورة واحدة وهي التعقّب بزرع الحنطة خارجاً، وحيث لا تأمّل في أنّ الزراعة المزبورة الواقعـة بعـد ذلك ليسـت من المحرّمات ولا المبـطلات بلا إشكال فيه فالنهي الوارد فيها ظاهر في التكليفي ومحمول على
ــــــــــــــــــــــــــــ
(1) الوسائل 19 : 56 / كتاب المزارعة ب 16 ح 11 ، العلل : 518 / 1 .
(2) الوسائل 19 : 54 / كتاب المزارعة ب 16 ح 3 .
ــ[335]ــ
الكراهة لا محالة، لأجل مشابهته بإجارة الحنطة بالحنطة كما في الرواية السابقة.
إذن فلم ينهض لدينا دليل من الأخبار على عدم جواز إجارة الأرض بما يحصل منها من الحنطة أو الشعير أو غيرهما ، لضعفها بأجمعها سنداً أو دلالةً حسبما عرفت .
والمتحصّل من جميع ما تقدّم : أنّ ما ذكره الماتـن (قدس سره) من دلالة الأخـبار على عدم جواز إجارة الأرض بما يحصل منها من الحنطة والشعير لا يمكن المساعدة عليه بوجه ، فإنّها مطلقة تشـمل غيرهما أيضاً ، سيّما مع التصريح في بعضها بالتمر والأربعاء ، كما أ نّها تشمل الحاصل من غير الأرض ، ويعلم من التعليل بالمضمون أنّ الحكم عامّ لجميع الحبوب ولم يذكر الحنطة والشعير إلاّ في رواية الصدوق في العلل عن يونس ، وعرفت أنّ الحكم فيها أيضاً عامّ لمطلق الطعام ، وذكرهما إنّما هو من باب المثال .
نعم ، ذكرت الحنطة صريحاً في صحيح الحلبي ولم تذكر في غيرها ، ولكن النهي الوارد فيها مقيّد بزرعها خارجاً ، المحمول حينئذ على الكراهة بلا إشكال بعد ظهوره في النهي التكليفي كما عرفت ، بل عرفت حمل النهي عن مطلق الطعام الوارد في غيرها على الكراهة أيضاً .
نعم ، يظهر من التعبير بـ : «لا خير فيه» في روايتين : الفساد ، وظارهما حاصل نفس الأرض ، ولكن الموضوع فيهما الطعام الشامل لمطلق الحبوب لا خصوص الحنطة والشعير ، على أ نّهما ضعيفتا السند .
فما أفاده (قدس سره) لا يتمّ بحسب الأخبار ، سواء أكانت الاُجرة نفس الحاصل ، أم المقرّر في الذمّة بشرط الأداء من الأرض المستأجرة .
وأمّا بحسب القواعد فقد ذكر في المتن أنّ مقتضى القاعدة هو الجواز .
وأنّ ما يقال في تقرير المنع من عدم وجود حاصل الأرض فعلاً لا في الذمّة
ــ[336]ــ
ولا خارجاً فلا يكون قابلاً للتمليك .
مندفعٌ بأ نّه كالموجود بالفعل في اعتبـار العرف نظير منافع العين ، فكما لا يقدح في مملوكيّتها الفعليّة تأخّرها بحسب الوجود الخارجي فكذا حاصل الأرض ، وبهذا الاعتبار صحّ بيع الثمار سنتين أو مع الضميمة ، إذ لو لم تكن قابلة للتمليك فكيف ساغ بيعها مع الضميمة ؟!
أقول : هذا الجواب حسن جدّاً لو كان المانع يدّعي عدم المعقوليّة ، لوضوح عدم اندفاع هذا المحذور بالضميمة ، فإنّها لا تجعل الممتنع ممكناً ، وما لا يقبل الملكيّة مملوكاً كما اُفيد .
وأمّا لو كانت الدعـوى بعد الإذعان بالإمكان عدم مسـاعدة الدليل على صحّة التمليك في مثل المقام لا من الشرع ولا العرف ، فالجواب المزبور لا ينفع في الذبّ عنه .
وتوضيحه : أنّ الذي جرت عليه السيرة العقلائيّة وقامت على صحّته الأدلّة الشرعيّة في العقود المعاوضيّة من بيع أو إجارة ونحوهما ممّا يتقوّم بمبادلة مال بمال من عين أو منفعة : لزوم كون مورد المبادلة ملكاً فعليّاً ، أو ما في حكم الملك كالأعمال ، أو شـيئاً في الذمّة ، حيث إنّها وإن لم تكن مملوكة بالملكيّة الاعتباريّة ، إذ لا يكون الإنسان مالكاً لما في ذمّته ولا لعمله كما لا يخفى ، إلاّ أ نّها مورد للسلطنة المطلقة ، إذ له أن يملّك عمله للغير بإجارة ونحوها ، أو أنّ يبيعه شيئاً في الذمّة ، فله سلطنة التمليك ، وبهذا الاعتبار أصبح في قوّة المملوك ، فالقابل للمبادلة ما كان مملوكاً بالفعل أو في حكم المملوك .
وأمّا ما لا يكون مملوكاً بالفعل بوجه لعدم وجوده في أيّ صقع لا الخارج ولا الذمّة وإنّما هو يوجد ويملك فيما بعد ، فلا تصحّ المعاملة عليه لا بالسيرة العقلائيّة ولا بحسب الأدلّة الشرعيّة ، ومن ثمّ لا يسوغ أن يبيع من الآن ما
ــ[337]ــ
سيولد من الدابّة فيما بعد أو الدجاجة التي ستتكون بعد تحويل البيض الموجود إليها ، ونحوها الغزال قبل أن يصيدها ، أو سمكة البحر قبل أن يتملّكها ولو مع القطع بتمكّنه من ذلك ، فإنّه لا يصحّ بيع شيء من ذلك جزماً ومن غير أيّ إشكال ، لعدم كونه مالكاً لهذه الاُمور بأيّ نحو من الاعتبار العقلائي ، وإنّما سيملكها فيما بعد .
ومن هذا القبيل ما هو المبحوث عنه في المقام من المعاملة على حاصل الأرض قبل وجوده يجعله اُجرة ، لوحدة المناط .
ومنه تعرف أنّ قياس الحاصل بمنافع العين المتأخّرة قياسٌ مع الفارق الظاهر ، ضرورة أنّ المنافع من شؤون العين وحيثيّتها الفعليّة القائمة بها ، فإنّ قابليّة الدار ـ مثلاً ـ للسكنى أو الدابّة للركوب التي هي المناط في صحّة الإجارة موجودة بالفعل بوجود العين ، فالملكيّة فعليّة وإن كان زمان المملوك متأخّراً ، فإنّ كلّ ما يعدّ من منافع العين فهي مملوكة بالفعل، وإنّما التأخّر في ذات المملوك، لا أنّ المملّكيّة أيضاً متأخّرة .
وعليه ، فلو آجر منافع السنين الآتية فقد ملك ما يملكه بالفعل وإن تأخرّ ظرف المملوك .
وهذا بخلاف ما يحصل من الأرض فيما بعد ، فإنّه لا ملكيّة فعليّة له بتاتاً ، وإنّما هي متأخّرة كذات المملوك ، فلا تسوغ المعاملة عليه بوجه ، ومن ثمّ لم يصحّ بيع الدجاج الحاصل من البيض ـ كما عرفت ـ ولو مع الضميمة ، لانتفاء الملكيّة بانتفاء الوجود .
وما ورد من جواز بيع الثمر قبل وجوده بشرط الضميمة فهو حكم تعبّدي ثبت في مورده بالدليل الخاصّ، فلا يتعدّى إلى غيره، نظير ما ورد من جواز بيع العبد الآبق مع الضميمة ، فإنّه لايتعدّى منه إلى الفرس الآبق حتى مع الضميمة .
ــ[338]ــ
وأمّا إذا آجرها بالحنطة أو الشعير في الذمّة لكن بشرط الأداء منها (1) ففي جوازه إشكال ، والأحوط العدم ((1)) ، لما يظهر من بعض الأخبار وإن كان يمكن حمله على الصورة الاُولى. ولو آجرها بالحنطة أو الشعير من غير اشتراط كونهما منها فالأقوى جوازه . نعم ، لا يبعد كراهته .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
وعلى الجملة : فالحكم التعبّدي يقتصر على مورده ، جموداً في الحكم المخالف لمقتضى القاعدة على مورد قيام النصّ ، ولا يتعدّى منه إلى غيره بوجه .
والمتحصّل من جميع ما قدّمناه : أنّ إجارة الأرض بما يحصل منها باطلة بمقتضى القاعدة ، لعدم ملكيّة الحاصل قبل وجوده كي يملّك ، ولم يرد تعبّد خاصّ في المقام على خلاف ما تقتضيه القاعدة .
وهذا من غير فرق فيه بين الحنطة والشعير وغيرهما من سائر الحبوب ولا بين الحاصل من هذه الأرض أو من أرض اُخرى ، لوحدة المناط في الجميع حسبما عرفت ، كما لا يستفاد خصوصيّة من الروايات للحنطة ولا للعشير ، فإن قلنا بالجواز ففي الكلّ ، وإن قلنا بعدمه ـ كما هو الصحيح ـ ففي الكلّ أيضاً .
والاختصاص بهما المذكور في عبارة الماتن لا يبعد أن يكون من مختصّاته ، وإلاّ فعبارت جملة من الفقهاء مطلقة بل مصرّحة بالتعميم والشمول لمطلق الحبوب . وكذا عنوان صاحب الوسائل في باب 26 من أبواب أحكام الإجارة، فلاحظ (2) .
(1) قد عرفت الحال حول ما إذا كانت الاُجرة نفس الحاصل ، وأمّا إذا
ــــــــــــــــــــــــــــ
(1) وإن كان الأظهر الجواز ، وقد عرفت ما في الأخبار .
(2) الوسائل 19 : 138 .
ــ[339]ــ
كانت طعاماً في الذمّة فقد يشترط الأداء من الأرض المستأجرة ، واُخرى : لا .
أمّا إذا كان بدون الشرط فلا ينبغي الإشكال في جوازه ، غايته أ نّه مكروه ، لما عرفت من دلالة الأخـبار على النهي ـ المحمول على الكراهـة ـ عن جعل الاُجرة طعاماً، بل غيره كالأربعاء والنطاف من مطلق ما ليس بمضمون ، أعني : الذهب والفضّة المصمتين .
وأمّا مع الشرط : فبناءً على ما عرفت من أنّ عدم الجواز مطابق لمقتضى القاعدة فالأمر واضح ، فإن مقتضاها هو الجواز هنا ، لأنّ ما في الذمّة في حكم المملوك ـ كما مرّ ـ وهذا شرط خارجي فلا مانع من صحّة العقد بوجه .
وأمّا بناءً على استفادة المنع من الأخبار ـ كما ذكره (قدس سره) ـ فقد استشكل فيه ، نظراً إلى ما يظهر من بعض الأخبار من شمول المنع له أيضاً ، ولكنّا لم نعثر على رواية يمكن استظهار ذلك منها ليكون منشأ للإشكال ، فإنّ العمدة منها هما الروايتان الاُولتان(1) ، وموضوع السؤال فيهما وكذا في غيرهما من سائر الأخبار إنّما هو إجارة الأرض بالطعام ، فبناءً على أنّ المستفاد منها إجارة الأرض بطعامها كما هو المفروض وقد صرّح بذلك في الجواب في هاتين الروايتين فالممنوع إنّما هو خصوص ذلك ، أمّا الطعام في الذمّة المشترط أداؤه من نفس الأرض فهو طبعاً غير مشمول لهذه الأخبار ، لعدم كون الاُجرة حينئذ نفس الطعام كما هو واضح ، ولم نجد رواية يتوهّم شمولها لما في الذمّة ولو مشروطاً . فالظاهر أ نّه لا ينبغي الإشكال في جوازه .
ــــــــــــــــــــــــــــ
(1) المتقدّمتان في ص 331 .
ــ[340]ــ
وأمّا إجارتها بغير الحنطة والشعير من الحبوب فلا إشكال فيه((1)) (1)، خصوصاً إذا كان في الذمّة مع اشتراط كونه منها أو لا . ـــــــــــــــــــــــ
(1) قد عرفت اتّحاد الكلّ في مناط الإشكال من حيث القاعدة والنصّ والفتوى ، فلاحظ . ــــــــــــــــــــــــــــ
(1) مرّ أ نّه لا فرق بين الحنطة والشعير وغيرهما من الحبوب .
|