ــ[393]ــ
العامل ، لأصالة عدم قصد التبرّع (1) بعد كون عمل المسلم محترماً ، بل اقتضاء احترام عمل المسلم ذلك وإن أغمضنا عن جريان أصالة عدم
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الأصليّة بحيث لا حرمة لها ويسوغ لأيّ أحد أن يستولي عليها ويستوفيها عن قهر وجبر ، وأ نّه لو أجبره على عمل استحقّ المجبور بدله ولزمه الخروج عن عهدته .
وأمّا لو اسـتوفاه منه باختياره ورضاه ولم يكن من الآمر ما عدا الأمر والاستدعاء فعنوان الاحترام لا يستدعي بذل البدل في هذه الصورة ، لبعده عن مفهومه ومدلوله كما لا يخفى . إذن فإثبات الضمان بقاعدة الاحترام في مثل المقام مشكل جدّاً .
والأولى التمسّك ببناء العقلاء وسـيرتهم غير المردوعة ، فإنّها قد استقرّت على الضمان في موارد الأمر من غير نكير ، كما هو المشاهد كثيراً في مثل الحمّال والحلاّق وأضرابهما من أرباب المهن والأعمـال وكذا غيرهم ، بل قد ورد في الحجّام (1) كراهة تعيين الاُجرة من الأوّل وأنّ الأولى أن يأمره ثمّ يدفع إليه اُجرة المثل .
والمتحصّل : أنّ ما عليه المشهور من ثبوت الضـمان في موارد الأمر هو الصحيح ما لم تقم قرينة على المجّانيّة ولم يكن العامل قاصداً للتبرّع .
(1) لما عرفت من قيام السيرة على الضمان ، إلاّ إذا قصد التبرّع ، فالخارج عنوان وجودي . فكلّما لم يثبت هذا العنوان ولو بأصالة العدم يحكم بالضمان بعد
ــــــــــــــــــــــــــــ
(1) الوسائل 17 : 104 / أبواب ما يكتسب به ب 9 ح 9 .
ــ[394]ــ
التبرّع ((1)) (1) . ولا فرق في ذلك بين أن يكون العامل ممّن شأنه وشغله أخذ الاُجرة وغيره ، إلاّ أن يكون هناك انصراف أو قرينة على كونه بقصد التبرّع أو على اشتراطه .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ضمّ الوجدان إلى الأصل ، فإنّ العمل للغير متحقّق بالوجدان ، والتبرّع منفي بالأصل ، فيحرز به موضوع الضمان ، أعني : صدور العمل لا عن تبرّع .
(1) لعلّ ما أفتى به من الضمان حتى مع الإغماض عن أصالة عدم التبرّع ـ بدعوى أنّ ذلك هو مقتضى احترام عمل المسلم ـ مبني على ما نسب إليه في عدّة من موارد هذا الكتاب من القول بجواز التمسّك بالعام في الشبهات المصداقيّة، وإلاّ فكبرى الاحترام ـ لو سلّم الاسـتدلال بها في المقـام ـ لا تقتضي ثبوت الضمان بعد فرض خروج قسم منها ، وهو ما قصد به التبرّع ، واحتمال انطباقه على الفرد المشكوك ، ومعه كيف يمكن التمسّك بالعموم مع احتمال كون هذا الفرد من أفراد المخصّص ؟! ومن المعلوم أنّ الشبهة موضوعيّة .
وبالجملة : إن أجرينا الأصل وأثبتنا أنّ هذا ليس من أفراد المخصّص بل باق تحت العام فهو ، وإلاّ فمع الإغماض عنه كان المرجع أصالة البراءة عن الضمان ، إذ لا سبيل للتمسّك بالعامّ في موارد الشبهات المصداقيّة على ما حُقّق في الاُصول .
ــــــــــــــــــــــــــــ
(1) لا وجه للضمان مع هذا الإغماض ، لأصالة البراءة عنه ، والشبهة مصداقيّة لا يتمسّك فيها بالعموم .
|