ــ[407]ــ
[ 3353 ] مسألة 24 : يجوز استئجار من يقوم بكلّ ما يأمره من حوائجه فيكون له جميع منافعه (1) ، والأقوى أنّ نفقته على نفسه لا على المستأجر إلاّ مع الشرط أو الانصراف من جهة العادة ، وعلى الأوّل لا بدّ من تعيينها كمّاً وكيفاً إلاّ أن يكون متعارفاً ، وعلى الثاني على ما هو المعتاد المتعارف ،
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
أكثر ممّا للآخر عنده أو أقلّ أو أ نّهما متساويان ؟ ففرض العلم بالزيادة خارج عن منصرف الصحيحة ، كيف ؟! وهو حينئذ عالم في الجملة ، فلا يكون ممّن لا يدري ، الظاهر في الجهل المطلق كما عرفت .
نعم ، لا يضايق من ظهورها في جواز المصالحة مع احتمال الزيادة ، ولعلّ عنوان التصالح والتسالم مبني على ذلك ، فبهذا المقدار يلتزم بالصحّة لأجل هذه الصحيحة ويخرج عن المطلقات ، وأمّا مع العلم بها فكلاّ .
فبحسب النتيجة يفصّل في الصلح المعاوضي الطارئ عن المكيل أو الموزون بين صورتي العلم بالزيادة فلا يجوز ، واحتمالها فيجوز ، ولا يعتبر إحراز التساوي . وأمّا في البيع فلا مناص من إحراز المساواة ، إذ لا يجوز إلاّ مثلاً بمثل كما نطقت به النصوص وقد مرّ بعضها ، فلاحظ .
(1) المقدورة له والمتعارفة من مثله ، كما هو الشائع المتعارف في استئجار الخدم ، وحيث لا محذور فيه فهو مشمول لإطلاقات الصحّة . وهذا في الجملة ممّا لا إشكال فيه .
وإنّما الكلام في نفقة الأجير وأ نّها هل هي عليه نفسه أو أ نّها على المستأجر ؟
اختار الثاني في الشرائع(1) ، ونُسب إلى العلاّمة في بعض كتبه وإلى الشيخ في
ــــــــــــــــــــــــــــ
(1) الشرائع 2 : 223 ـ 224 .
ــ[408]ــ
النهاية(1) وبعض آخر، بل نسبه في اللمعة إلى المشهور(2) ، إلاّ أنّ صاحب الجواهر (قدس سره) ناقش فيه بأ نّا لم نتحقّقه، بل المشهور خلافه كما نصّ (قدس سره) على جماعة ذهبوا إلى القول الأوّل (3) .
وكيفما كان ، فلا يهمّنا أنّ المشهور أيّ من القولين ، والمتّبع هو الدليل .
ومحلّ الكلام ما إذا لم تكن قرينة خارجيّة مثل جريان العادة ونحوه على كون النفقة على المستأجر، كما لعلّها موجودة في كثير من الموارد ، سيّما الأجير للخدمة في سفر الحجّ ، أو على كونها على الأجير نفسه ، كما ربّما يتّفق في بعض الخدم ممّن له دار وأهل يقوم بشؤونهم ويعيش معهم وإنّما استخدم في ساعات معيّنة ، وإلاّ فلا شبهة في لزوم اتّباع القرينة التي هي في قوّة التحديد اللفظي والتصريح في متن العقد ، وهو خارج عن محلّ الكلام .
ولا ينبغي الشكّ حينئذ في أنّ مقتضى القاعدة كونها على نفس الأجير ، لعدم المقتضي لإلزام المستأجر بها بعد أن لم يكن مدلول العقد ما عدا المبادلة بين المنفعة والاُجرة المسمّاة ، فإلزام الزائد على المفاد من دون انصراف ولا اشتراط ـ كما هو المفروض ـ لا دليل عليه .
نعم ، ربّما يستدلّ له برواية واحدة فيدّعى من أجلها ثبوت الحكم تعبّداً وعلى خلاف القاعدة .
وهي ما رواه الكليني بإسناده عن سليمان بن سالم ، قال : سألت أبا الحسن (عليه السلام) عن رجل استأجر رجلاً بنفقة ودراهم مسمّاة على أن يبعثه إلى أرض ، فلمّا أن قدم أقبل رجل من أصحابه يدعوه إلى منزله الشهر والشهرين
ــــــــــــــــــــــــــــ
(1) ارشاد الأذهان 1 : 425 ، النهاية : 447 .
(2) اللمعة 4 : 357 .
(3) الجواهر 27 : 328 .
ــ[409]ــ
فيصيب عنده ما يغنيه عن نفقة المستأجر ، فنظر الأجير إلى ما كان ينفق عليه في الشهر إذا هو لم يدعه فكافأه به الذي يدعوه ، فمن مال من تلك المكافأة ، أمن مال الأجير أو من مال المستأجر ؟ «قال : إن كان في مصلحة المستأجر فهو من ماله ، وإلاّ فهو على الأجير» وعن رجل استأجر رجلاً بنفقة مسمّاة ولم يفسّر (يعيّن . يب) شيئاً على أن يبعثه إلى أرض اُخرى ، فما كان من مؤونة الأجير من غسل الثياب والحمّام فعلى من ؟ «قال : على المستأجر» (1) .
أمّا فقه الحديث : فهو أنّ الأجير بعد أن بلغ الأرض المبعوث إليها وافاه رجل فدعاه إلى ضيافته وبعد انتهاء مدّة الضيافة تصدّى لمكافأة المضيف فدفع إليه مقدار ما ينفق عليه لولا الدعوة والضيافة ، فسُئل الإمام (عليه السلام) عن أنّ هذا المقدار المدفوع هل يحسب من النفقة فيكون في عهدة المستأجر ، أو أ نّه يخرج من كيس الأجير ؟ ففصّل (عليه السلام) في الجواب بين ما إذا كانت الضيافة لصلة وصداقة بين المضيف والمستأجر فكان الإكرام لأجل كونه مبعوثاً من قبل المستأجر وفي الحقيقة كان الإنفاق له المستتبع ـ طبعاً ـ لكون المكافأة بصلاحه ، وبين ما إذا كانت لصداقة بينه وبين الأجير نفسه المستلزم لكونها في صالح الأجير .
ففي الأوّل جاز الاحتساب من النفقة ، لعود مصلحته إلى المستأجر كما ذكر ، بخلاف الثاني ، إذ لا مقتضي وقتئذ للاحتساب ، فإنّ المستأجر إنّما تعهّد النفقة لدى الحاجة ـ بطبيعة الحال ـ ولا حاجة مع وجود الباذل ، والمفروض عدم عود مصلحة التكافؤ إلى المستأجر ، ومصلحة الأجير لا ترتبط به .
ثمّ سُئِل ثانياً عن تفسير النفقة لدى الإطلاق وأ نّها هل تشمل غسل الثياب والحمّام ؟ فأجاب (عليه السلام) بالشمول وأ نّها على المستأجر .
ــــــــــــــــــــــــــــ
(1) الوسائل 19 : 112 / كتاب الإجارة ب 10 ح 1 ، الكافي 5 : 287 / 2 .
|