ــ[410]ــ
ولو أنفق من نفسه أو أنفقه متبرّع يستحقّ مطالبة عوضها على الأوّل((1)) (1)، بل وكذا على الثاني ، لأنّ الانصراف بمنزلة الشرط .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ووجه الاستدلال : أ نّه يظهر من الصدر والذيل بوضوح المفروغيّة عن كون النفقة على المستأجر، ومن ثمّ حكم (عليه السلام) بكون المكافأة عليه لو كانت بصالحه ، وبشمولها لغسل الثياب والحمّام .
والجواب : أنّ المفروض فيها اشتراط كون النفقة على المستأجر، ومحلّ الكلام ـ كما مرّ ـ فرض الخلوّ عن الشرط والقرينة ، فهي إذن خارجة عمّا نحن فيه ، وإنّما السؤال فيها عن أنّ النفقة هل تشمل الحمّام أو لا ؟ وعلى تقدير أن يكون المنفق شخصاً آخر فهل تجوز المكافأة من هذه النفقة أو لا ؟ وذلك مطلب آخر أجنبي عمّا نحن بصدده . هذا أوّلاً .
وثانياً : أنّ سند الرواية ضعيف جدّاً ، فإنّها وإن كانت صحيحة إلى سليمان ابن سالم ولكن الرجل بنفسه لم يوثّق في شيء من كتب الرجال ، بل لم تُرو عنه رواية في شيء من الكتب الأربعة ما عدا اثنتين هذه إحداهما ، فالرجل قليل الرواية ومجهول ولم يكن من المعاريف ، فلا يمكن التعويل على روايته بوجه ، ولو سلّمنا كونها تامّة الدلالة فلا مخرج إذن عمّا تقتضيه القاعدة من لزوم كون النفقة على الأجير نفسه حسبما عرفت .
(1) أي في صورة الاشتراط ، ولا بدّ وأن يكون محلّ الكلام ما إذا لم يكن الإنفاق من نفسه مبنيّاً على إسقاط الشرط ، ولا إنفاق المتبرّع بعنوان النيابة عن المستأجر ، وإلاّ فلا ينبغي الشكّ في عدم استحقاق المطالبة كما لا يخفى .
وقد حكم (قدس سره) حينئذ بالاستحقاق ، عملاً بالشرط وما في حكمه
ــــــــــــــــــــــــــــ
(1) الظاهر أ نّه لايستحقّها، إذ المفروض أنّ النفقة اُخذت على وجه الشرطيّة دون الجزئيّة .
ــ[411]ــ
من الانصراف المستوجب لثبوت الحقّ بعد عدم اقترانه بالمسقط كما هو المفروض .
ويندفع : بعدم اقتضاء نفوذ الشرط ما عدا التكليف المحض دون الاستحقاق الوضعي بحيث تكون ذمّة المشروط عليه مشغولة للشارط ومديناً له بالنفقة لكي يطلب منه ما يملكه عليه ، كما هو الحال في سائر الشروط المذكورة في ضمن العقود ، كشرط الكتابة والخياطة ونحوهما ، فإنّها لا تستوجب شيئاً أكثر من مجرّد التكليف بوجوب الوفاء ، من غير أن يملك الشارط شيئاً في ذمّة الآخر .
فاشتراط النفقة في المقام نظير وجوب الإنفاق على الأقارب من العمودين أو الأولاد ـ لدى غناه وفقرهم ـ في أ نّه لا يتضمّن إلاّ حكماً تكليفيّاً محضاً ، غاية الأمر أنّ الوجوب هنا ثبت بسبب الشرط وجعله من المتعاقدين وهناك في أصل التشريع ، فكما لا استحقاق لمطالبة العوض هناك مع وجود الباذل ، فكذا في المقام بمناط واحد ، وهو انتفاء موضوع الإنفاق بعد افتراض وجود الباذل المتبرّع ، فلا مقتضي بعدئذ لبقاء الوجوب ، فلا مجال لمطالبة العوض في شيء من الموردين .
نعم ، يتّجه ذلك فيما إذا كانت النفقة الواجبة مملوكة أيضاً ، كما في نفقة الزوجة ، حيث إنّها تملكها على زوجها فلها المطالبة بالعوض حتى مع وجود الباذل ، لكونه مديناً لها بما تملكه عليه .
وعلى الجملة : إنّما يجب على المستأجر الإنفاق ـ وفاءً بشرطه ـ ما دام الموضوع باقياً ، فإذا ارتفع لقيام شخص آخر بالنفقة فلا يحتاج الأجير إليها ، ومعه لا مقتضي لمطالبة عوضها إلاّ إذا كان مالكاً للنفقة ، وقد عرفت انتفاء الملكيّة في المقام .
|