ــ[440]ــ
[ 3362 ] مسألة 7 : إذا تنازعا في مقدار الاُجرة قُدّم قول المستأجر (1) .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
عن محلّ الكلام بالكلّيّة .
أضف إلى ذلك : ضعف السند بالحسن بن الحسين اللؤلؤي أوّلاً ، فإنّه وإن وثّقه النجاشي(1) ولكنّه معارض بتضعيف ابن الوليد وابن نوح والصدوق ، حيث استثنوا من رواية محمّد بن أحمد بن يحيى ما تفرّد به اللؤلؤي . فلا دليل إذن على وثاقته .
وبابن سنان ثانياً ، إذ المراد به بقرينة الراوي والمروي عنه هو محمّد بن سنان جزماً ، لا عبدالله ، لعدم روايته عن حذيفة ، ولا رواية اللؤلؤي عنه ، فبحسب الطبقة لا يراد به إلاّ محمّد الذي روى عن حذيفة ، وروى عنه اللؤلؤي في غير مورد .
على أنّ الشيخ رواها في موضع آخر من التهذيب وهو باب الغرر والمجازفة من التجارات ـ مع نوع اختلاف في المتن والمضمون واحد كما نقله معلّق الوسائل ـ مصرّحاً بمحمّد بن سنان(2).
فتحصّل : أنّ الكراهة لا دليل عليها في محلّ الكلام .
نعم ، لا بأس بالالتزام باستحباب ترك التضمين ورفع اليد عن الحقّ من باب أ نّه إحسان في حقّ الغير ، وهو حسن ومندوب في كلّ حال .
(1) الكلام هنا هو الكلام في التنازع في قدر المستأجر عليه بعينه الذي تقدّم مستقصىً في المسألة الثالثة ، فراجع ولاحظ .
ــــــــــــــــــــــــــــ
(1) رجال النجاشي : 40 / 83 .
(2) التهذيب 7 : 129 / 565 .
ــ[441]ــ
[ 3363 ] مسألة 8: إذا تنازعا في أ نّه آجره بغلاً أو حماراً (1) أو آجره هذا الحمار ـ مثلاً ـ أو ذاك فالمرجع التحالف ، وكذا لو اختلفا في الاُجرة أ نّها عشرة دراهم أو دينار .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) إذا اتّفقا في أصل الإجارة وفي مقدار الاُجرة واختلفا في العين المستأجرة فادّعى المالك أ نّها حمار والمستأجر أ نّها فرس ـ مثلاً ـ أو اختلفا في أ نّها هذا الحمار أو ذاك .
أو اختلفا بعد التوافق على العين المستأجرة في تعيين الاُجرة بحيث كانت دائرة بين المتباينين ، كما لو ادّعى أحدهما أ نّها دينار واحد ، والآخر أ نّها عشرة دراهم ، أو قال أحدهما : أ نّها من النقود ، والآخر أ نّها من العروض أو الأعمال .
فالمعروف والمشهور حينئذ ما اختاره في المتن من التحالف ثمّ بعدئذ يحكم بالانفساخ من أجل عدم ثبوت شيء من الدعويين ولزوم إنهاء النزاع الواقع في البين ، فكأ نّه لم تقع الإجارة من أصلها ، وذلك لأنّ كلاًّ منهما يدّعي شيئاً والآخر ينكره .
واختار بعض الأكابر (1) (قدس سره) في حاشيته على العروة أنّ المقام من موارد المدّعي والمنكر ، دون التداعي لينتهي الأمر إلى التحالف ، نظراً إلى عدم صدور الدعوى على الآخر إلاّ من أحدهما فحسب ، أمّا من الطرف الآخر فهو اعتراف على نفسه لا أ نّه دعوى على غيره .
فلو اتّفقا على الاُجرة وتنازعا في العين المستأجرة فالمستأجر يدّعي ـ بعد اعترافه بملكيّة المؤجّر للاُجرة ـ ملكيّته لمنفعة الفرس ـ مثلاً ـ والمالك ينكره
ــــــــــــــــــــــــــــ
(1) هو السيد الاصبهاني (قدس سره) .
ــ[442]ــ
فعليه الإثبات ، وأمّا دعوى المالك وقوع الإجارة على الحمار فمرجعها إلى الاعتراف بمملوكيّة منفعة الحمار للمستأجر ، ولا تتضمّن دعوى ضدّه ، إذ لا يطالب بذلك شيئاً ينكره بعد فرض الاتّفاق منهما على استحقاق الاُجرة وعدم النزاع فيها . فهذه الدعوى منه لا أثر لها في محلّ الكلام بعد كونها فارغة عن المطالبة المقرونة بالإنكار ، فهي لا تشكّل دعوى اُخرى تجاه الدعوى الاُولى ليتحقّق التداعي بذلك .
وكذلك الحال فيما لو انعكس الأمر فاتّفقا على العين المستأجرة وأ نّها الدار ـ مثلاً ـ واختلفا في الاُجرة وأ نّها الدرهم أو الدينار ، فإنّ المدّعي هنا هو المالك فقط دون المستأجر ، عكس ما سبق .
إذ هو يدّعي ـ بعد اعترافه بملكيّة المستأجر لمنفعة الدار ـ ملكيّة الدينار ويطالب المستأجر بذلك ، وبما أ نّه ينكره فعليه الإثبات ، ودعوى المستأجر وقوع الإجارة على الدرهم لا تتضمّن مطالبة المالك بشيء وإقامة دعوى عليه حسبما عرفت .
هكذا أفاده (قدس سره) .
واختار بعض الأعلام في مستمسكه (1) ، ونسب إلى بعض المتقدّمين أيضاً .
ولكنّه غير واضح، لصدور دعوى اُخرى من الطرف الآخر في كلا الفرضين ، ويظهر وجهه ممّا تقدّم ، حيث عرفت أنّ لفظي المدّعي والمنكر لم يفسّرا في شيء من الأخبار ، بل هما موكولان إلى نظرف العرف ، ولا ريب أنّ العقلاء يرون أنّ من يطالب بشيء من حقّ أو مال أو يدّعي الخروج عن عهدة ما يعترف به من حقّ أو مال هو الملزم بالإثبات ، فهو المدّعي وخصمه منكر له .
ــــــــــــــــــــــــــــ
(1) مستمسك العروة 12 : 171 .
ــ[443]ــ
فعلى هذا الميزان الكلّي والضابط العام يتحقّق التداعي من الجانبين في المقام .
ففي الفرض الأوّل : كما أنّ المستأجر يدّعي شيئاً ينكره المالك حسبما ذكر فكذلك المالك ، إذ هو يطالب بالاُجرة ويدّعي استحقاقها بمجرّد تسليم الحمار ومن دون تسليم الفرس الذي يدّعيه المستأجر، وهذا شيء ينكره المستأجر ، فإنّه وإن اعترف بكون الاُجرة ملكاً للمؤجّر لكنّه ينكر استحقاق تسلّمها ما لم يسلّم الفرس ، فعلى المالك إثبات الاستحقاق المزبور بعد وضوح عدم وجوب تسليم أحد العوضين من كلّ من الطرفين ما لم يسلّم الطرف الآخر .
وكذا في الفرض الثاني ، إذ كما أنّ مالك الدار يدّعي الدينار وينكره المستأجر كما ذكر ، فكذلك المستأجر يطالب المالك بتسليم العين فيدّعي استحقاق منفعة الدار من دون أن يعطي الدينار ، بل بإزاء دفع الدراهم فقط ، وهذا شيء ينكره المالك ، فلا جرم يحتاج إلى الإثبات وإقامة البيّنة عليه ، فإنّ المنفعة وإن كانت ملكاً له باعتراف المالك إلاّ أ نّه لا يجب التسليم على كلّ منهما ما لم يسلّم الآخر كما هو مقتضى مفهوم المبادلة والمعاوضة حسبما عرفت ، فيطالبه المستأجر بالتسليم من دون دفع الدينار الذي يدّعيه المالك ، وهو غير ثابت .
فإذن كلّ منهما يدّعي شيئاً ينكره الآخر ، وهذا هو معنى التداعي (1) ، ومجرّد الاتّفاق على أنّ المنفعة ملك للمستأجر لا أثر له في انحصار المدّعي في المالك ، فلاحظ .
فما ذكره في المتن من عدّ المقام من موارد التحالف هو الصحيح ، ومعلوم أنّ محلّ الكلام ما إذا أقام كلّ منهما البيّنة أو لم يقمها أيّ منهما ، وإلاّ فلو أقام
ــــــــــــــــــــــــــــ
(1) يمكن إجراء هذا البيان في المسألة الثالثة المتقدّمة أيضاً إلاّ أن يفرق بأنّ الأصل فيها بلا معارض ، فلاحظ .
|