ــ[450]ــ
[ 3368 ] مسألة 13 : إذا خاط ثوبه قباءً وادّعى المستأجر أ نّه أمره بأن يخيطه قميصاً فالأقوى تقديم قول المستأجر(1) ، لأصالة عدم الإذن في خياطته قباءً ، وعلى هذا فيضمن له عوض النقص الحاصل من ذلك ، ولا يجوز له نقضه إذا كان الخيط للمستأجر ، وإن كان له كان له ويضمن النقص الحاصل من ذلك، ولايجب عليه قبول عوضه لو طلبه المستأجر ، كما ليس عليه قبول عوض الثوب لو طلبه المؤجّر . هذا ، ولو تنازعا في هذه المسألة والمسألة المتقدّمة قبل الحمل وقبل الخياطة فالمرجع التحالف .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
يجب عليه الخروج عن عهدة نفس العين حسبما عرفت .
بل قد صرّح الأصحاب بمثل ذلك في باب القرض أيضاً وأ نّه لو اقترض في بلد فليس له الأداء في بلد آخر ما لم يرض في المقرض ، وهو كذلك ، لاشتغال ذمّته بالمال الموصوف بكونه في ذلك البلد ، فلا بدّ من الخروج عن عهدته على النحو الذي اشتغلت به الذمّة . نعم ، لا بأس به مع التراضي .
(1) قد عرفت اتّحاد هذه المسألة مع المسألة السابقة ملاكاً وحكماً وارتضاعهما من ثدي واحد ، وأنّ النزاع المطروح بينهما معدود من باب التداعي المحكوم فيه بالتحالف من غير فرق بين حدوثه قبل العمل أو بعده .
ونتيجته : سقوط كلتا الدعويين بعد التحالف وعدم استحقاق الأجير شيئاً على ما عمله من الحمل أو الخياطة ، لعدم ثبوت صدوره عن أمر من المستأجر، بل يضمن عوض النقص الحاصل من صنعه قباءً وقد أراده المستأجر قميصاً ، لأنّ هذا النقص إنّما طرأ من أجل فعل الخيّاط المحكوم بكونه تصرّفاً في ملك الغير بغير إذنه في ظاهر الشرع بمقتضى عدم ثبوت دعواه، كما مرّ نظيره في الحمل(1) .
ــــــــــــــــــــــــــــ
(1) في ص 310 وما بعدها .
ــ[451]ــ
وإنّما تفترق هذه المسألة عمّا تقدّمها في مزيّة ، وهي زيادة العين بعد عمليّة الخياطة من أجل اشتمالها على الخيوط التي خيط الثوب بها .
وحينئذ فقد يفرض أنّ تلك الخيوط ملك للمستأجر أيضاً والخيّاط أجير على مجرّد العمل .
واُخرى يفرض أ نّها ملك للخيّاط نفسه .
فعلى الأوّل : بما أنّ الأجير لم يكن له أيّ حقّ في هذه العين فليس له نقض الخياطة والمطالبة بإرجاع الثوب إلى حالته الاُولى ، فإنّه تصرّف في ملك الغير بغير إذنه ، والمفروض ذهاب عمله هدراً بعد عدم ثبوت وقوع الإجارة عليه ، وأمّا الهيئة القائمة بالعين ـ أعني : صفة المخيطيّة ـ فهي وإن تحصّلت من عمل الأجير إلاّ أ نّه لا ماليّة لها ، فما صدر منه في العين إمّا مالٌ لا احترام له ، أو صفةٌ لا ماليّة لها ، فلا حقّ له بوجه ليستتبع المطالبة المزبورة .
ونظير ذلك ما ذكروه في باب الغصب من أ نّه لو غصب ذهباً فصاغه حليّاً لم تكن له إزالة الصياغة وإعادة العين إلى ما كانت عليه وإن زادت قيمتها بها ، لأنّ الأوصاف لا تقابل بالمال ، فلا يجوز التصرّف في ملك الغير بغير إذنه ، ولا المطالبة بقيمة الهيئة بعد أن لم تكن لها قيمة حسبما عرفت .
فليس للأجير المطالبة بنقض الخياطة في المقام بتاتاً .
وأمّا على الثاني : فله ذلك ، لعدم خروج الخيوط عن ملكه بعد بقاء عينها وإمكان الانتفاع بها بعد النقض ، فله المطالبة به تمهيداً لتسلّم ملكه .
وبالجملة : القميص الموجود مركّب من ثوب وخيوط ، والأوّل للمستأجر والثاني للأجير ، ولكلّ منهما المطالبة بعين ماله خالصاً عن مال غيره بقاعدة السلطنة ، فلا يحقّ للمستأجر إلزام الأجير بقبول قيمة الخيوط بدلاً عنها ، ولا للأجير إلزام المستأجر بدفع القيمة .
|