ــ[465]ــ
[ 3376 ] السابعة : يجوز أن يؤجّر داره ـ مثلاً ـ إلى سنة باُجرة معيّنة ويوكّل المستأجر في تجديد الإجارة عند انقضاء المدّة (1) ، وله عزله بعد ذلك ، وإن جدّد قبل أن يبلغه خبر العزل لزم عقده ، ويجوز أن يشترط في ضمن العقد أن يكون وكيلاً عنه في التجديد بعد الانقضاء ، وفي هذه الصورة ليس له عزله .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الاشتباه الراجع إلى مقام الانطباق حيث لم يستوجب خللاً فيما يراد منه من قصد النيابة فلا ضير فيه ولا يقدح في الصحّة عن زيد واستحقاق الاُجرة .
واُخرى : يتعلّق القصد بالنيابة عن عمرو بعنوان أ نّه عمرو بحيث أخذ تمام الموضوع في مقام اللحاظ المعبّر عنه في المتن بكونه على وجه التقييد ، غير أنّ الباعث على هذا الإقدام والداعي لهذه النيابة تخيّل كونه مورداً للإجارة فبان عدمه ، فكان ذلك من باب التخلّف في الداعي لا من باب الاشتباه في التطبيق كما في الصورة الاُولى .
ولا ريب هنا في أنّ ما كان مورداً للإجارة لم يؤت به وما اُتي به لم يكن مورداً للإجارة فلم تفرغ ذمّة زيد .
نعم ، تفرغ ذمّة عمرو لو كانت مشغولة ، لوقوع عمل صحيح عنه وإن صدر بداع مخالف للواقع ، غير أ نّه لا يستحقّ الاُجرة من تركته ، لكونه بمثابة التبرّع كما أفاده (قدس سره) .
وأمّا بالنسبة إلى الاُجرة المسمّاة فيجري فيه الخلاف المتقدّم من الانفساخ أو الخيار والمطالبة لو لم يفسخ باُجرة المثل عوضاً عن العمل المستأجر عليه لدى تعذّره ، وقد عرفت أنّ الأظهر هو الثاني .
(1) لا إشكال في صحّة التوكيل المزبور بعد صدوره من المالك كصحّة عزله
ــ[466]ــ
بعد الوكالة ، لكونها من العقود الجائزة ، وكذا نفوذ التجديد الحاصل قبل بلوغ خبر العزل ، إذ لا أثر للعزل الواقعي ما لم يبلغ . وهذا كلّه ظاهر .
وإنّما الكلام في اشتراط ذلك في ضمن العقد بأن يجعله وكيلاً ـ على سبيل شرط الفعل ـ وأن لا يعزله ، فهل له العزل بعدما وكّل أو لا ؟
فيه كلام مذكور في باب الشروط مبني على أنّ الشرط هل يستوجب قصر سلطنة المشروع عليه عن ماله فلا يكون مسلّطاً على التصرّف فيه ـ بعد إمضاء الشارع ـ تصرّفاً منافياً لشرطه ، أو أ نّه لا يوجبه ؟
والمسألة عامّة سيّالة وغير خاصّة بباب الوكالة ، فلو باع داره واشترط أن لا يؤجّرها أو لا يبيعها من عمرو فخالف وباع منه أو آجر ، أو اشترطت المرأة على زوجها أن لا يطلّقها فطلّق ، فهل يكون التصرّف المزبور المخالف للشرط صحيحاً ونافذاً بعد الاتّفاق على كونه عاصياً وآثماً ؟ فإنّه قد يقال بعدم النفوذ نظراً إلى ما عرفت من أنّ الشرط يلغي السلطنة على التصرّف ، فلا جرم يحكم بفساد .
ولكنّا أشرنا في محلّه إلى أنّ ما يترتّب على نفوذ الشرط ليس إلاّ الحكم التكليفي المحض والخيار للشارط عند التخلّف ، وليس معنى الوفاء بالشرط المستفاد وجوبه من مثل قوله (عليه السلام) : «المؤمنون عند شروطهم» أزيد من ذلك . ومن البيّن أنّ الوجوب التكليفي وحرمة المخالفة لاتنافي الصحّة الوضعيّة لو خالف ، ومن ثمّ لم يكن النهي المولوي التكليفي المتعلّق بالمعاملة موجباً لفسادها .
إذن فنفوذ الشرط لا يستوجب قصر السلطنة وزوالها ، لعدم كون ذلك من شؤون النفوذ ومقتضياته بوجه ، فلو خالف في المقام وعزل فقد صدر العزل من أهله وفي محلّه من حيث الوضع ، فلا مانع من ترتّب الأثر عليه ، وكذا في مسألة الطلاق ونظائره .
ــ[467]ــ
هذا كلّه في شرط الفعل .
وأمّا لو لوحظ التوكيل على سبيل شرط النتيجة بأن اشترط في متن العقد أن يكون وكيلاً عنه في التجديد فقد ذكر في المتن أ نّه لا مانع منه ، وأنّ الوكالة تصبح بذلك لازمة ولا أثر بعدئذ لعزله . وهذا هو الصحيح .
والوجه فيه : ما أشرنا إليه في بعض المباحث السابقة من أنّ شرط النتيجة إنّما لا يصحّ فيما إذا كانت للنتيجة سبب خاصّ ـ كالضمان ـ فإنّ الشرط لا يحقّق تلك النتيجة ولا يحصّلها ما لم يقم عليه دليل آخر . وأمّا فيما لا يحتاج إلى سبب خاصّ بل يكفي مجرّد الإنشاء ممّن بيده الأمر وإبرازه كيفما كان ، فلا مانع في مثله من الالتزام بشرط النتيجة، وهذا كما في الملكيّة، حيث إنّها لا تختصّ بسبب معيّن ، بل قابلة للإنشاء بأيّ مبرز كان من بيع أو هبة أو مصالحة ونحوها من سائر الأسباب التي منها الشرط في ضمن العقد ، فلو باع الدار بشرط أن يكون مالكاً للدكّان أيضاً صحّ وملكه بنفس هذا الشرط ، لما عرفت من عدم احتياج الملكيّة إلى سبب خاصّ .
والوكالة أيضاً من هذا القبيل ، إذ يكتفى في تحقّقها بمجرّد الاعتبار النفساني وإبرازه بمبرز ما ، والشرط من أحد أسباب الإبراز ، فكما أنّ الوكالة تتحقّق بإنشائها مستقلاًّ فكذلك باشتراطها في ضمن العقد على سبيل شرط النتيجة ، فيشترط المستأجر أن يكون وكيلاً عن المؤجّر في التجديد ، أو الزوجة أن تكون وكيلة عن الزوج في الطلاق ، وهكذا ، فيكون الشارط وكيلاً بنفس هذا الشرط .
نعم ، يفترق هذا عن الوكالة المنشأة استقلالاً في أ نّه لا سبيل بعدئذ إلى العزل ، لأنّ هذه الوكالة إنّما تحقّقت من أجل نفوذ الشرط المحكوم باللزوم لكونه من توابع العقد اللازم ، فلزومها من شؤون لزوم العقد ومقتضياته ، نظراً إلى أنّ
|