ــ[471]ــ
فخاطه شخص آخر (1) تبرّعاً عنه استحقّ الاُجرة المسمّاة ، وإن خاطه تبرّعاً عن المالك لم يستحقّ المستأجَر ((1)) شيئاً وبطلت الإجارة ((2)) ، وكذا إن لم يقصد التبرّع عن أحدهما ولا يستحقّ على المالك اُجرة ، لأ نّه لم يكن مأذوناً من قبله وإن كان قاصداً لها أو معتقداً أنّ المالك أمره بذلك .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
قصر السلطنة التي عرفت منعها ، فالأقوى صحّة العقد المشروط عدمه في أمثال هذه الموارد .
(1) الشخص الخائط في مفروض المسألة :
تارةً : يقصد التبرّع عن الأجير .
واُخرى : عن المالك .
وثالثةً : لا هذا ولا ذاك ، بل يعمل بقصد أخذ الاُجرة من المالك إمّا لاعتقاده أنّ له ذلك ، أو تخيّل أ نّه الأجير دون الآخر .
أمّا في الصورة الاُولى : فلا ينبغي الشكّ في بقاء الإجارة على صحّتها واستحقاق الخيّاط للاُجرة المسمّاة ، إذ العمل المستأجر عليه بعد أن لم يكن مقيّداً بالمباشرة فهو دين ثابت في ذمّته قد وافاه غيره ، وقد دلّت السيرة العقلائيّة مضافاً إلى بعض الأخبار الواردة في باب الزكاة على جواز التصدّي لتفريغ ذمّة الغير وأداء دينه ولو من غير إذنه ورضاه ، فبعد التبرّع المزبور تصبح الذمّة فارغة ، ولأجله يستحقّ الاُجرة .
ويجري هذا في البيع أيضاً ، فلو اشترى وتبرّع غيره بالثمن ملك المبيع بعين
ــــــــــــــــــــــــــــ
(1) المستأجَر بالفتح ، أي الأجير .
(2) في إطلاقه إشكال ، وقد مرّ التفصيل في نظائره .
ــ[472]ــ
المناط المذكور .
وأمّا في الصورة الثانية : سواء أكان المتبرّع ملتفتاً إلى الإجارة أم لا فقد حكم في المتن بعدم استحقاق الاُجرة ، لبطلان الإجارة من أجل تعذّر العمل بعد عدم قبول المحلّ لخياطة ثانية .
وهو وجيه ، بناءً على مسلكه (قدس سره) من الالتزام بالانفساخ مطلقاً في أمثال المقام ممّا تعذّر فيه العمل المستأجر عليه .
ولكنّك عرفت أنّ الأظهر التفصيل بين عروض التعذّر قبل مضيّ زمان يمكن حصول العمل فيه وبين عروضه بعده .
ففي الأوّل ـ كما لو استؤجر للخياطة يوم الجمعة فبادر المتبرّع يوم الخميس ـ يتّجه البطلان ، لكشف طروّ العذر وقتئذ عن عدم قدرته على العمل بتاتاً ، فلم يكن مالكاً له ليملكه .
وأمّا في الثاني ـ بأن كان الوقت موسّعاً كالخياطة خلال الشهر ، فسبقه المتبرّع في اليوم العاشر ـ فلم يتّضح أيّ وجه حينئذ للبطلان ، إذ العمل في ظرفه المقرّر كان مقدوراً ومملوكاً له وهو متمكّن من تسليمه وقد أخّره باختياره استناداً إلى سعة الوقت ، فما هو الموجب للانفساخ ؟! بل المالك يملك العمل في ذمّة الأجير وهو يملك الاُجرة على المالك ، فله مطالبة الأجير بقيمة العمل المتعذّر بعد دفع المسمّاة ، كما أنّ له الفسخ بمقتضى تعذّر التسليم .
ومنه يظهر الحال في الصورة الثالثة وأ نّه لا موجب أيضاً للانفساخ ، بل غايته الخيار حسبما عرفت ، كما لا يستحقّ العامل شيئاً على المالك بعد عدم صدور العمل بإذنه وأمره ، نظير من بنى دار زيد في غيابه بقصد أخذ الاُجرة منه ، فإنّه لا يستوجب الاستحقاق بعد أن لم يكن مضموناً عليه .
|