ــ[35]ــ
وكذا إذا حجّ المجنون ندباً ثمّ كمل قبل المشعر(1) ، واستدلّوا على ذلك بوجوه :
أحدها: النصوص الواردة في العبد ـ على ما سيأتي ـ بدعوى عدم خصوصية العبد في ذلك، بل المناط الشروع حال عدم الوجوب لعدم الكمال ثمّ حصوله قبل المشعر. وفيه : أنه قياس ، مع أن لازمه الالتزام به في من حجّ متسكعاً ثمّ حصل له الإستطاعة قبل المشعر، ولا يقولون به .
الثاني : ما ورد من الأخبار من أن من لم يحرم من مكّة أحرم من حيث أمكنه فإنّه يستفاد منها أن الوقت صالح لإنشاء الإحرام فيلزم أن يكون صالحاً للإنقلاب أو القلب بالأولى ، وفيه ما لا يخفى .
الثالث : الأخبار الدالّة على أن من أدرك المشعر فقد أدرك الحجّ ، وفيه : أن موردها ((1)) من لم يحرم فلا يشمل من أحرم سابقاً لغير حجّة الإسلام ، فالقول بالإجزاء مشكل ، والأحوط الإعادة بعد ذلك إن كان مستطيعاً بل لا يخلو عن قوّة ، وعلى القول بالإجزاء يجري فيه الفروع الآتية في مسألة العبد من أنه هل يجب تجديد النيّة لحجّة الإسلام أو لا ، وأنه هل يشترط في الإجزاء استطاعته بعد البلوغ من البلد أو من الميقات أو لا ، وأنه هل يجري في حجّ التمتع مع كون العمرة بتمامها قبل البلوغ أو لا ، إلى غير ذلك .
[ 2989 ] مسألة 8 : إذا مشى الصبي إلى الحجّ فبلغ قبل أن يحرم من الميقات وكان مستطيعاً ، لا إشكال في أن حجّه حجّة الإسلام (2) ((2)) .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) لعدم الفرق بينه وبين الصبي دليلاً وإشكالاً .
(2) هذا من جملة الواضحات ، ويشمله عمومات وجوب الحجّ ، ومجرّد إتيان
ــــــــــــــــــــــــــــ
(1) لا يختص موردها بذلك ، ولكنها مع ذلك لا تشمل محل الكلام ، لظهور اختصاصها بمن كان مكلّفاً ولم يدرك إلاّ المشعر .
(2) وكذلك إذا بلغ بعد إحرامه ، ولكن لا بدّ من رجوعه إلى أحد المواقيت والإحرام منه لحجة الإسلام ، فإن لم يمكن الرجوع ففيه تفصيل يأتي .
ــ[36]ــ
[ 2990 ] مسألة 9 : إذا حجّ باعتقاد أنه غير بالغ ندباً فبان بعد الحجّ أنه كان بالغاً فهل يجزئ عن حجّة الإسلام أو لا ؟ وجهان ، أوجههما الأوّل ، وكذا إذا حجّ الرجل ـ باعتقاد عدم الإستطاعة ـ بنيّة الندب ثمّ ظهر كونه مستطيعاً حين الحجّ (1).
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
المقدّمات حال الصغر غير ضائر في احتساب الحجّ عن حجّة الإسلام .
وكان على المصنف (قدس سره) وغيره ممّن تعرّض لهذه المسألة أن يذكروا ما لو بلغ بعد الإحرام وقبل الشروع في الأعمال ، وأنه هل يتم ذلك ندباً ، أو حين البلوغ ينقلب إلى حجّة الإسلام فيعدل إليها ، أو يستأنف ويحرم ثانياً من الميقات ؟ وإنما تعرضوا لحدوث الإستطاعة بعد الإحرام مع أن المسألتين من باب واحد .
وكيف كان فالإكتفاء بالإحرام الأوّل بدعوى انقلاب حجّه إلى حجّة الإسلام لا دليل عليه . وأمّا إتمامه ندباً فلا وجه له إلاّ ما قيل : من أن المحرم ليس له أن يحرم ثانياً ، وهذا واضح الدفع ، فإن الإحرام الأوّل ينكشف فساده بالبلوغ المتأخّر والإستطاعة الطارئة ، ولذا لو علم حال الإحرام بأنه يبلغ بعد يومين مثلاً ، أو يستطيع بعدهما ، ليس له أن يحرم وهو صبي ، فلا بدّ من إعادة الإحرام ، ويرجع إلى الميقات ويحرم إحرام حجّة الإسلام ، وهكذا لو دخل في أفعال العمرة وأتمها ثمّ بلغ ، فإنه يجب عليه الرجوع إلى الميقات وإتيان العمرة ثانياً إذا وسع الوقت ، فإن البلوغ أو الاستطاعة يكشف عن بطلان ما أتى به من الإحرام أو العمرة ، فتشمله عمومات وجوب الحجّ من الآية والرواية .
(1) هذا إنما يتم فيما إذا قصد الآتي بالحج امتثال الأمر الفعلي ، وكان قصده الندب خطأ منه في التطبيق كما هو الغالب ، وأما إذا كان قصد امتثال الأمر الندبي على وجه التقييد ، فالظاهر عدم إجزائه عن حجّة الإسلام ، لما تقدم من أن حجّة الإسلام مغايرة في الحقيقة مع غيرها ، فلا بدّ في سقوط أمرها من قصد عنوانها في مقام الامتثال ، فما لم يقصد عنوانها لا يصدق على ما أتى به في الخارج أنه حجّة الإسلام ومع عدم الصدق لا موجب لسقوط أمرها .
وعلى الجملة : يعتبر في العناوين القصدية التي لا تمتاز إلاّ بالقصد قصد عنوان
|