الأمر الثاني : هل يختص وجوب الاستنابة باليأس عن زوال العذر أو يعم الراجي للزوال أيضاً ؟ فيه خلاف ، المشهور الاختصاص باليأس ، بل ربما ادعي الاجماع على عدم الوجوب مع رجاء الزوال ، وذكر السيّد في المتن أن المنساق من بعض الروايات اعتبار اليأس من زوال العذر .
أقول : لم يرد في شيء من الروايات اليأس أو رجاء الزوال ، بل المذكور فيها عدم التمكّن وعدم الطاقة والحيلولة بينه وبين الحجّ بمرض ونحوه ، والظاهر أن المأخوذ في وجوب الاستنابة عدم الطاقة وعدم الاستطاعة واقعاً كما في الروايات الواردة في الشيخ الكبير ، وأما صحيح الحلبي فإن اُريد بالحج المذكور فيه حجّ هذه السنة الذي حال بينه وبين الحجّ مرض أو حصر ، فمقتضاه وجوب الاستنابة في هذه السنة حتى مع العلم بزوال العذر في السنة الآتية وهذا مقطوع الخلاف ، إذ لا نحتمل وجوب الاستنابة عليه في هذه السنة وعدم إتيان الحجّ بنفسه في السنة الآتية عند زوال العذر ، فالمراد بالحج المذكور في صحيح الحلبي الذي حال المرض بينه وبين الحجّ هو مطلق الحجّ من دون أن يختص بسنة دون اُخرى ، فإن الواجب هو الطبيعي والفورية واجب آخر ، ومفاد صحيح الحلبي مفاد الرواية الواردة في الشيخ الكبير الذي لم يطق الحجّ ومضمونهما واحد ، فموضوع وجوب الاستنابة عدم التمكن من المباشرة واقعاً وأما اليأس من زوال العذر فهو طريق عقلائي إلى عدم التمكن من إتيانه واقعاً ، كما أنه تجوز له الاستنابة في فرض رجاء الزوال لاستصحاب بقاء العذر ، ولكن ذلك حكم
ــ[198]ــ
ظاهري كالحكم الثابت في الأعذار المسوغة للتيمم والصلاة عن جلوس ونحو ذلك لجريان استصحاب العجز وبقاء العذر .
|