نيابة شخص واحد عن اثنين في عام واحد - نيابة جماعة عن شخص واحد في المندوب والواجب 

الكتاب : المعتمد في شرح العروة الوثقى-الجزء الثاني:الحج   ||   القسم : الفقه   ||   القرّاء : 4352


   [ 3167 ] مسألة 26 : لا يجوز أن ينوب واحد عن اثنين أو أزيد في عام واحد (2) وإن كان الأقوى فيه الصحّة ، إلاّ إذا كان وجوبه عليهما على نحو الشركة كما إذا نذر كل منهما أن يشترك مع الآخر في تحصيل الحج ، وأمّا في الحج المندوب فيجوز حج واحد عن جماعة بعنوان النيابة ، كما يجوز بعنوان إهداء الثواب ، لجملة

 ــــــــــــــــــــــــــ
   (2) يقع البحث تارة في الحج الواجب واُخرى في المندوب .


ــ[80]ــ

من الأخبار الظاهرة في جواز النيابة أيضاً ، فلا داعي لحملها على خصوص إهداء الثواب .

 ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

   أمّا الأوّل : فلا تصح نيابة شخص واحد عن اثنين في عام واحد ، لأنّ المفروض وجوب الحج على كل واحد من المنوب عنه مستقلاً سواء كان وجوبه وجوباً عرضياً كالنذر أو وجوباً أصلياً كحج الإسلام ، فلا بدّ من أن يكون حج النائب مثله على نحو الاستقلال فإن العمل الواحد يقع عن واحد ، ووقوعه عن اثنين يحتاج إلى دليل وهو مفقود ، بل لو وجبت على المنوب عنه حجتان يجب عليه أن يستنيب شخصين وليس له الاكتفاء بإحجاج شخص واحد ، لأنّ الواجب إذا كان متعدداً يجب أن تكون النيابة متعددة .

   نعم إذا  كان الوجوب عليهما على نحو التشريك لا الاستقلال كما إذا نذر كل منهما أن يشترك مع الآخر في إحجاج شخص واحد فلا مانع .

   وأمّا الثاني : فلا مانع من التشريك وإتيان حج واحد عن اثنين أو أكثر للنصوص الكثيرة، وقد عقد صاحب الوسائل باباً مستقلاًّ لذلك، منها: صحيح محمّد بن إسماعيل قال : «سألت أبا الحسن (عليه السلام) كم اُشرك في حجّتي ؟ قال : كم شئت» (1) .

   ولقائل أن يقول : إن إشراك الغير في الحج إنما يجوز إذا حج عن نفسه ، وأمّا إذا حج عن الغير نيابة فالروايات لا تدلّ على جواز الاشراك حينئذ ، لأنّ الظاهر من قوله : «كم اشرك في حجّتي» أو «يشرك في حجّته» كون الحج عن نفسه ويشرك في حجّه شخصاً آخر من المؤمنين والصلحاء والأقارب .

   وهذه الدعوى وإن كانت في نفسها قريبة ولكن التدبّر في النصوص(2) يقتضي جواز التشريك مطلقاً ولو لم يقصد الحج عن نفسه ، لأ نّه بعد البناء على مشروعية النيابة في نفسها وجواز التشريك ورجحانه لا نحتمل اختصاص الجواز بصورة كون الحج عن نفسه . على أن المراد بقوله «بحجتي» أو «حجته» هو الحج الصادر منه

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) ، (2) الوسائل 11 : 202 / أبواب النيابة في الحج ب 28 ح 1 .

 
 

ــ[81]ــ

   [ 3168 ] مسألة 27 : يجوز أن ينوب جماعة عن الميت أو الحي في عام واحد في الحج المندوب تبرعاً أو بالإجارة ، بل يجوز ذلك في الواجب أيضاً (1) كما إذا

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

مباشرة ولو عن الغير ، فلا نحتمل اختصاص جواز التشريك بالحج المأتي من قبل نفسه ، بل الظاهر من النصوص تعميم الحكم إلى الحج الصادر منه عن الغير .

   (1) لا ريب في جواز تعدّد النائب ووحدة المنوب عنه عكس المسألة السابقة في الحج المندوب عن الحي أو الميت في عام واحد ، كما هو الظاهر من النصوص(1) ، وكذا يجوز في الحج الواجب والمندوب عن الحي العاجز الذي لا يتمكّن من المباشرة لإطلاق الأدلّة بأن يجهز ويرسل جماعة ليحجوا عنه ، كما أنه يجوز التعدّد في الحج الواجب المختلف عن الحي أو الميت ، كما إذا كان على الميت أو الحي العـاجز حجّان مختلفان نوعاً كحج الإسلام والنذر ، فيجوز أن يستأجر أجيرين في عام واحد لأداء الحجين ، لإطلاق الأدلّة وعدم لزوم الترتيب بينهما وإن كان أحدهما أسبق زماناً وكذلك يجوز التعدد إذا كان الثابت في ذمّته حجتين متحدتين نوعاً كحجتين للنذر وكذا يجوز فيما إذا كان أحدهما واجباً والآخر مستحباً ، بل يجوز أن يستأجر شخصين لحج واجب واحد كحجّة الإسلام في عام واحد احتياطاً ورجاءً لاحتمال بطلان حج أحدهما ، كما هو الحال في سائر العـبادات كالصلاة والصوم فيستنيب رجلين لأداء الصلاة .

   بل ذكر في المتن جواز تعدّد النائب حتّى مع العلم بصحّة كل واحد منهما وإن كان إحرام أحدهما قبل إحرام الآخر ، ولا يلزم صدورهما في زمان واحد ، فكل من السابق واللاّحق ينوي الوجوب لأنّ الأمر الوجوبي ما لم يتم العمل به باق لم يسقط نظير صلاة جماعة على الميت في وقت واحد ، فإن كل واحد منهم ينوي الوجوب ولا يضر سبق أحدهم بقصد الوجوب من الآخر ، فإن الأمر ما لم يتم العمل به يكون باقياً فيصح قصد الوجوب من كل واحد منهم ولو كان بعضهم أسبق ، فيجوز قصد

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) الوسائل 11 : 208 / أبواب النيابة في الحج ب 34 ، 63 / أبواب وجوب الحج ب 24 .

ــ[82]ــ

كان على الميت أو الحي الذي لا يتمكن من المباشرة لعذر حجان مختلفان نوعاً كحجّة الإسلام والنّذر أو متحدان من حيث النوع كحجّتين للنذر ، فيجوز أن يستأجر أجيرين لهما في عام واحد ، وكذا يجوز إذا كان أحدهما واجباً والآخر مستحباً ، بل يجوز أن يستأجر أجيرين لحج واجب واحد كحجة الإسلام في عام واحد احتياطاً لاحتمال بطلان حج أحدهما ، بل وكذا مع العلم بصحّة الحج من كل منهما وكلاهما آت بالحج الواجب وإن كان إحـرام أحـدهما قبل إحرام الآخر((1)) فهو مثل ما إذا صلّى جماعة على الميت في وقت واحد ، ولا يضرّ سبق أحدهما بوجوب الآخر فإنّ الذمّة مشغولة ما لم يتم العمل فيصحّ قصد الوجوب من كل منهما ولو كان أحدهما أسبق شروعا .

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

الوجوب من اللاّحق قبل السابق من العمل .

   ويضعف بأنه لو أتمّا العمل في زمان واحد صح ما ذكره ، ولكن لو أتم أحدهما قبل الآخر وسقطت ذمّة المنوب عنه بإتمام العمل صحيحاً يشكل قصد الوجوب من الآخر لسقوط الأمر وفراغ ذمّة المنوب عنه بالعمل الأوّل فلا يتّصف الثاني بالوجوب ، وكذا الحكم في المقيس عليه أي الصلاة على الميت . وبتعبير آخر : لو علم الثاني بأنّ الأوّل ينتهي من عمله قبله فكيف يمكن للثاني قصد الوجـوب ، لأنّ الأوّل يكون مصداقاً للواجب .  هذا تمام الكلام في الحج النيابي .

والحمد لله أوّلاً وآخراً ، وصلّى الله على سيِّدنا محمّد وآله الطّاهرين .

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) هذا إذا  كان إتمام أعمال الحج منهما في زمان واحد ، وأمّا إذا  كان قد سبق أحدهما بالإتمام كان هو حجّة الإسلام ، وكذا الحكم في الصلاة على الميت .




 
 


أقسام المكتبة :

  • الفقه
  • الأصول
  • الرجال
  • التفسير
  • الكتب الفتوائية
  • موسوعة الإمام الخوئي - PDF
  • كتب - PDF
     البحث في :


  

  

  

خدمات :

  • الصفحة الرئيسية للمكتبة
  • أضف موقع المؤسسة للمفضلة
  • إجعل الموقع رئيسية المتصفح

الرئيسية   ||   السيد الخوئي : < السيرة الذاتية - الإستفتاءات - الدروس الصوتية >   ||   المؤسسة والمركز   ||   النصوص والمقالات   ||   إستفتاءات السيد السيستاني   ||   الصوتيات العامة   ||   أرسل إستفتاء   ||   السجل

تصميم، برمجة وإستضافة :  
 
الأنوار الخمسة @ Anwar5.Net