كفاية الحج مرّتين لمن أوصى بالحج مكرّراً - حكم تعيين الاُجرة لسنين وعدم وفائها إلاّ لسنة أو سنتين 

الكتاب : المعتمد في شرح العروة الوثقى-الجزء الثاني:الحج   ||   القسم : الفقه   ||   القرّاء : 4045

 

   [ 3174 ] مسألة 6 : لو أوصى بصرف مقدار معيّن في الحج سنين معيّنة وعيّن لكل سنة مقداراً معيّناً واتّفق عدم كفاية ذلك المقدار لكل سنة صرف نصيب سنتين في سنة أو ثلاث سنين في سنتين مثلاً وهكذا ، لا لقاعدة الميسور لعدم جريانها((1)) في غير مجعولات الشارع، بل لأنّ الظاهر من حال الموصي إرادة صرف ذلك المقدار في الحج وكون تعيين مقدار كل سنة بتخيّل كفايته ، ويدلّ عليه أيضاً خبر علي بن محمّد الحضيني وخبر إبراهيم بن مهزيار ففي الأوّل تجعل حجّتين في حجّة وفي الثاني تجعل ثلاث حجج في حجّتين، وكلاهما من باب المثال كما لايخفى(2).

 ــــــــــــــــــــــ
   (2) قد استدل على ذلك مضافاً إلى عدم الخلاف بوجوه :

   الأوّل : قاعدة الميسور .

   الثاني : ظهور حال الموصي في صرف المقدار المعيّن في الحج ، وإنما عيّن مقداراً

ـــــــــــــــــ

(1) القاعدة في نفسها غير تامّة وعلى تقدير تماميتها تجري في المقامين من غير فرق .


ــ[99]ــ

خاصّاً لكل سنة لتخيل كفايته لحجتين أو ثلاث .

   الثالث : خبران لإبراهيم بن مهزيار .

   أقول: أمّا قاعدة الميسور فقد أورد عليها المصنف (قدس سره) بأنها تجري في خصوص المجعولات الشرعيّة ، وأمّا في غيرها كالوصية في المقام فلا ، لأنّ القاعدة ناظرة إلى الأحكام المجعولة من قبل الشارع لا الأحكام المجعولة من قبل الموصي ونحوه.

   والصحيح في الجواب : أنّ القاعدة كما ذكرنا مراراً لا أساس لها وهي مخدوشة كبرى وصغرى ، ولا تجري في الواجبات الارتباطية . نعم ، في الواجبات المستقلّة غير المرتبطة يقتصر على الميسور لا لقاعدة الميسور بل لأنّ الاقتصار على الميسور في هذه الواجبات بحكم العقل ، فإن العجز عن إتيان تمام الواجب لا يوجب سقوط الواجب عنه بالمرّة ، مثلاً لو عجز عن صيام تمام شهر رمضان وتمكّن منه في بعض الأيّام من الشهر يجب عليه الصيام في تلك الأيّام ، وهكذا الدين فإنه لو كان عاجزاً عن أداء تمام الدّين لا يوجب سقوط الأداء حتى بالنسبة إلى المقدار الممكن .

   ولو تنزلنا والتزمنا بتمامية القاعدة ولو لأجل الانجبار فمقتضاها ثبوت حكم جديد على الميسور مغاير للحكم الأوّل الثابت لتمام الأجزاء ، فإن الحكم الأوّل تعلق بمجموع الأجزاء وقد انتفى بانتفاء المركب ، فالحكم الثاني الثابت للباقي حكم جديد يغاير الأوّل لا أنه يكشف عن بقاء الحكم الأوّل ، وعليه لا مانع من شمول القاعدة للمقام ، لأنّ العمل بالوصية بتمامها إذا كان غير ممكن فلا مانع من العمل بالمقدار الممكن منها .

   والحاصل : القاعدة في نفسها غير تامّة وعلى تقدير تماميتها تجري في المقامين من غير فرق .

   وأمّا الوجه الثاني : فلا بأس به في الجملة ويمكن قبوله في بعض الموارد .

   وأمّا الوجه الثالث : فإن الخبرين رواهما الشيخ عن إبراهيم بن مهزيار .

   أحدهما : ما رواه بإسناده عن محمّد بن علي بن محبوب عن إبراهيم بن مهزيار قال : «كتب إليه علي بن محمّد الحضيني أن ابن عمي أوصى أن يحجّ عنه بخمسة عشر

ــ[100]ــ

ديناراً في كلّ سنة ، وليس يكفي ، ما تأمرني في ذلك ؟ فكتب (عليه السلام) : يجعل حجّتين في حجّة ، فإن الله تعالى عالم بذلك» (1) .

   ثانيهما : ما رواه عنه أيضاً قال : «كتبت إليه (عليه السلام) : أن مولاك علي بن مهزيار أوصى أن يحجّ عنه من ضيعة صيّر ربعها لك في كل سنة حجّة إلى عشرين ديناراً وأنه قد انقطع طريق البصرة ، فتضاعف المؤن على الناس ، فليس يكتفون بعشرين ديناراً ، وكذلك أوصى عدّة من مواليك في حجهم ، فكتب (عليه السلام) : يجعل ثلاث حجج حجتين إن شاء الله» (2) ورواهما الصدوق أيضاً عن إبراهيم بن مهزيار مسنداً (3) ورواهما الكليني عنه مرسلاً (4) ، وراوي الخبرين إنما هو إبراهيم بن مهزيار ، والمصنف نسب الأوّل إلى علي بن محمّد الحضيني وليس كذلك ، فإن الحضيني هو الكاتب إلى الإمام (عليه السلام) لا الراوي عنه ، ودلالتهما واضحة ، وذكر الثلاث والاثنين من باب المثال قطعاً ، فلو كانت الحجة خمسة مثلاً ولا يكفي المال لها يصرف في أربعة أو ثلاثة إذا كان المال وافيا .

   إنّما الكلام في السند فقد ذكر السيّد في المدارك أن في الروايتين ضعفاً (5) ، وأورد عليه في الحـدائق بأن طريق الصّدوق إلى إبراهيم بن مهزيار صحيح بل في أعلى مراتب الصحّة ، وأمّا إبراهيم فهو ثقة (6) .

   ولكن لا يخفى أن إبراهيم بن مهزيار لم يصرح بوثاقته في كتب الرجال إلاّ أنه قد يستدل على ذلك بوجوه عمدتها وأساسها ما عن السيّد ابن طاووس في ربيع الشيعة أنه من سفراء الصّاحب (عجّل الله تعالى فرجه) والأبواب المعروفين الذين لا تختلف

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) الوسائل 11 : 169 / أبواب النيابة في الحج ب 3 ح 1 ، التهذيب 5 : 408 / 1418 .

(2) الوسائل 11 : 170 / أبواب النيابة في الحج ب 3 ح 2 ، التهذيب 9 : 226 / 890 .

(3) الفقيه 2 : 272 / 1327 ، 1326 .

(4) الكافي 4 : 310 / 1 ، 2 .

(5) المدارك 7 : 144 .

(6) الحدائق 14 : 297 .

 
 

ــ[101]ــ

هذا ، ولو فضل من السنين فضلة لا تفي بحجّة فهل ترجع ميراثاً أو في وجوه ((1)) البر أو تزاد على اُجرة بعض السنين ؟ وجوه (1) .

 ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

الاثنا عشرية فيهم ، وتبعه غير واحد كالعلاّمة (2) والفاضل المجلسي (3) .

   ويردّه : أنّ هذا اجتهاد منه استنبطه من بعض الروايات ، ولو كان سفيراً  لذكره الشيخ في كتاب الغيبة الذي تصدى فيه لذكر السفراء وكذلك النجاشي (4) وغيرهما ممن تقدّم على ابن طاووس مع شدّة اهتمامهم بذكر السفراء والأبواب .

   نعم ذكر الصدوق في كتاب إكمال الدين(5) في الباب السابع والأربعين في ذكر من شاهد القائم (عليه السلام) حديثاً عن إبراهيم بن مهزيار وتشرفه بخدمة الصاحب (عليه السلام) ، وفيه دلالة على جلالة قدر الرجل ووثاقته وعلو مقامه ، ولكن راوي الرواية هو إبراهيم نفسه ، ولا يمكن إثبات وثاقة شخص بقول نفسه . على أن هذه الرواية مشتملة على أمر مقطوع البطلان والكذب وهو إخباره عن وجود أخ للحجّة (عليه السلام) مسمّى بموسى وقد رآه إبراهيم ، وهذا ممّا لا يمكن تصديقه أبداً، والعمدة في وثاقته أنه من رجال كامل الزيارات ، فالرواية معتبرة والدلالة واضحة فلا ينبغي الرّيب في الحكم المذكور ، على أن الظاهر من حال الموصي كون الوصية بذلك من باب تعدّد المطلوب .

   (1) أمّا احتمال رجوع المال الزائد ميراثاً ففيه : أن الارث بعد إخراج الوصية فما لم يحرز العجز عن العمل بالوصية ـ كما هو المفروض ـ لاحتمال تعدد المطلوب لا يرجع ميراثاً ، وأمّا جعل الزائد إضافة على اُجرة بعض السنين فلا موجب له بعد فرض عدم كفاية المال للموصى به ، ومقتضى القاعدة حينئذ سقوط الوصية بالحج الزائد

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) الأظهر صرفها في وجوه البر .

(2) رجال العلامة (الخلاصة) : 51 / 17 .

(3) روضة المتقين 14 : 38 .

(4) رجال النجاشي : 16 / 17 .

(5) كمال الدين : 487 باب الخامس والأربعين .




 
 


أقسام المكتبة :

  • الفقه
  • الأصول
  • الرجال
  • التفسير
  • الكتب الفتوائية
  • موسوعة الإمام الخوئي - PDF
  • كتب - PDF
     البحث في :


  

  

  

خدمات :

  • الصفحة الرئيسية للمكتبة
  • أضف موقع المؤسسة للمفضلة
  • إجعل الموقع رئيسية المتصفح

الرئيسية   ||   السيد الخوئي : < السيرة الذاتية - الإستفتاءات - الدروس الصوتية >   ||   المؤسسة والمركز   ||   النصوص والمقالات   ||   إستفتاءات السيد السيستاني   ||   الصوتيات العامة   ||   أرسل إستفتاء   ||   السجل

تصميم، برمجة وإستضافة :  
 
الأنوار الخمسة @ Anwar5.Net