شروط حجّ التمتع \ الأوّل : النيّة بمعنى قصد الاتيان بهذا النوع من الحج 

الكتاب : المعتمد في شرح العروة الوثقى-الجزء الثاني:الحج   ||   القسم : الفقه   ||   القرّاء : 4798

 

ــ[181]ــ

   ويشترط في حج التمتّع اُمور : أحدها : النيّة بمعنى قصد الإتيان بهذا النوع من الحج حين الشروع في إحرام العمرة ، فلو لم ينوه أو نوى غيره أو تردّد في نيّته بينه وبين غيره لم يصح(1).

   نعم في جملة من الأخبار أ نّه لو أتى بعمرة مفردة في أشهر الحج جاز أن يتمتّع بها (2) ، بل يستحب ذلك إذا بقي في مكّة إلى هلال ذي الحجة ، ويتأكد إذا بقي إلى يوم التروية ، بل عن القاضي وجوبه حينئذ ولكن الظاهر تحقق الاجماع على خلافه ((1)) ، ففي موثق سماعة عن الصادق (عليه السلام) «من حج معتمراً في شوال

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

   (1) لأنّ أنواع الحج ماهيات وحقائق مختلفة ولا تتعين إلاّ بالنيّة ، كما أنه يعتبر فيه قصد القربة زائداً على قصد العنوان ، لأ نّه عبادي لا يحصل الامتثال إلاّ بقصد القربة ويعتبر فيه استمرار النيّة إلى تمام العمل ، وتكفي نيّة واحدة للعمل التام ولا تعتبر في كل جزء مستقلاًّ ، نظير الصلاة ونحوها من العبادات من كفاية نيّة واحدة للعمل المركّب واستمرارها إلى الجزء الأخير منه ، فلا فرق بين الحج وغيره من العبادات من هذه الجهة ، وإنما يفترق باب الحج عن الصلاة وغيرها من العبادات باستحباب التلفظ بالنيّة في كل عمل من أعمال الحج ، فالحكم بالاكتفاء بنيّة واحدة واستمرارها إلى الجزء الأخير من أعمال الحج ممّا لا ريب فيه .

   مضافاً إلى دلالة النص على ذلك ، ففي صحيح البزنطي : «عن رجل متمتع كيف يصنع ؟ قال : ينوي العمـرة ويحرم بالحج» وفي صحيحه الآخر : «كيف أصنع إذا اردت أن اتمتع ؟ فقال : لب بالحج وانو المتعة»(2) ، فقصد العنوان والتعيين ممّا يلزم في المقام لاختلاف الماهيّة وعدم تعينها إلاّ بالنيّة .

   (2) قد ورد في جملة من الأخبار ـ على ما ستأتي عن قريب إن شاء الله تعالى ـ أ نّه من أتى بعمرة مفردة في أشهر الحج جاز له أن يتمتّع بها ويكتفي بها عن عمرة

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) على أن صحيحة إبراهيم بن عمر اليماني صريحة في الجواز .

(2) الوسائل 12 : 351 / أبواب الإحرام ب 22 ح 1 ، 4 .

ــ[182]ــ

ومن نيّته أن يعتمر ورجع إلى بلاده فلا بأس بذلك ، وإن هو أقام إلى الحج فهو متمتِّع ، لأنّ أشهر الحج شوال وذو القعدة وذو الحجّة فمن اعتمر فيهن فأقام إلى الحج فهي متعة ، ومن رجع إلى بلاده ولم يقم إلى الحج فهي عمرة ، وإن اعتمر في شهر رمضان أو قبله فأقام إلى الحج فليس بمتمتِّع وإنما هو مجاور أفرد العمرة، فإن هو أحبّ أن يتمتّع في أشهر الحج بالعمرة إلى الحج فليخرج منها حتى يجاوز ذات عرق أو يتجاوز عسفان فيدخل متمتِّعاً بعمرته إلى الحج ، فإن هو أحبّ أن يفرد الحج فليخرج إلى الجعرانة فيلبِّي منها»، وفي صحيحة عمر بن يزيد عن أبي عبدالله (عليه السلام) «من اعتمر عمرة مفردة فله أن يخرج إلى أهله إلاّ أن يدركه خروج النّاس يوم التروية» ، وفي قويّة عنه (عليه السلام) «من دخل مكّة معتمراً

 ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

التمتّع ، بل ذكر المصنف (قدس سره) أن الانقلاب قهري إذا بقي في مكّة وأتى بالحج من غير حاجة إلى نيّة التمتّع بها .

   وهل يستحب له الاقامة ليحج ويجعل عمرته عمرة متعة أم تجب حتّى يحج ؟ وبعبارة اُخرى : هل يستحب له أن يتمتّع بذلك إذا بقي إلى هلال ذي الحجة أو إلى يوم التروية أم يجب عليه إذا أدرك يوم التروية ؟

   فعن المشهور الاستحباب ، وعن القاضي وجوب الحج إذا أدرك التروية ، وتتبدل عمرته إلى المتعة (1) ، هذا كلّه فيما إذا أتى بعمرة مفردة في أشهر الحج ، وأمّا إذا أتى بالمفردة في غير أشهر الحج فلا تتبدل إلى المتعة وإن بقي إلى زمان الحج ، ولم يقل أحد بوجوب البقاء عليه إلى الحج .

   فيقع الكلام فعلاً فيما إذا أتى بعمرة مفردة في أشهر الحج ، فالمشهور استحباب التمتّع بها ، وحكي عن القاضي وجوب البقاء عليه إلى أن يحج متعة ولا يجوز له الخروج بعد التروية .

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) المهذب 1 : 211 .

ــ[183]ــ

مفرِداً للحج ((1)) فيقضي عمرته كان له ذلك وإن أقام إلى أن يدركه الحج كانت عمرته متعة ، قال (عليه السلام) : وليس تكـون متعة إلاّ في أشهر الحج» وفي صحيحة عنه (عليه السلام) «من دخل مكّة بعمرة فأقام إلى هلال ذي الحجّة فليس له أن يخرج حتى يحج مع النّاس» ، وفي مرسل موسى بن القاسم «من اعتمر في أشهر الحج فليتمتّع» إلى غير ذلك من الأخبار ، وقد عمل بها جماعة ، بل في الجواهر : لا أجد فيه خلافاً ، ومقتضاها صحّة التمتّع مع عدم قصده حين إتيان العمرة ، بل الظاهر من بعضها أنه يصير تمتعاً قهراً من غير حاجة إلى نيّة التمتّع بها بعدها ،

 ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

   وأوردوا عليه بتحقّق الاجماع على خلافه ، وحملوا الروايات الواردة في المقام على الاستحباب ومراتب الفضل بالنسبة إلى البقاء إلى هلال ذي الحجة وإلى يوم التروية وذكروا أن من أتى بعمرة مفردة في أشهر الحج يستحب له البقاء إلى الحج ، وإذا بقي إلى هلال ذي الحجة يتأكّد له الاتيان بالحج ، وإذا بقي إلى يوم التروية يكون الاتيان بالحج آكد ، فإن تمّ الاجماع فلا كلام وإلاّ فلا بدّ من النظر إلى النصوص الواردة في المقام ، وهي على طوائف :

   الاُولى : ما دلّت على أن المعتمر بالمفردة في أشهر الحج ولو في شهر شوال يجب عليه البقاء إلى أن يحج كصحيحة يعقوب بن شعيب ، قال : «سألت أبا عبدالله (عليه السلام) عن المعتمر في أشهر الحج ، قال : هي متعة» (2) ومقتضى إطلاقها أن من اعتمر في أشهر الحج ولو عمرة مفردة ليس له الخروج من مكّة ، لأنّ عمرته تحسب متعة والمعتمر بعمرة التمتّع محتبس بالحج ليس له الخروج إلى أن يحج .

   وتؤيدها رواية علي بن أبي حمزة ، قال : «سأله أبو بصير وأنا حاضر عمن أهلّ

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) هذا من سهو القلم والصحيح : مفرداً للعمرة .

(2) الوسائل 14 : 311 / أبواب العمرة ب 7 ح 4 .

ــ[184]ــ

بالعمرة في أشهر الحج أله أن يرجع ؟ قال : ليس في أشهر الحج عمرة يرجع منها إلى أهله ، ولكنه يحتبس بمكّة حتى يقضي حجّه لأنه إنما أحرم لذلك» (1) .

   ويؤيدها أيضاً خبر موسى بن القاسم ، قال : «أخبرني بعض أصحابنا أنه سأل أبا جعفر (عليه السلام) في عشر من شوال فقال : إني أريد أن اُفرد عمـرة هذا الشهر فقال له : أنت مرتهن
بالحج»(2).

   والعمدة هي صحيحة يعقوب بن شعيب ، وأمّا الخبر الثاني فضعيف بعلي بن أبي حمزة البطائني والثالث بالارسال .

   الطائفة الثانية : ما دلّت على جواز الخروج كصحيحة عبدالله بن سنان : «قال (عليه السلام) : لا بأس بالعمرة المفردة في أشهر الحج ثمّ يرجع إلى أهله» (3) .

   ومقتضى الجمع العرفي بينها وبين الطائفة الاُولى هو الحمل على استحباب البقاء إلى أن يحج وأنه مرتهن بالحج وتكون عمرته حينئذ عمرة التمتّع .

   الثالثة : الروايات المقيّدة وهي مختلفة ، ففي بعضها قيد البقاء إلى هلال ذي الحجة وأنه إذا بقي إلى هلال ذي الحجة ليس له الخروج من مكّة ، كما في رواية إسحاق عن عمر بن يزيد عن أبي عبدالله (عليه السلام) قال : «من دخل مكّة بعمرة فأقام إلى هلال ذي الحجة فليس له أن يخرج حتى يحج مع النّاس» (4) .

   والمستفاد منها أن جواز الخروج وعدمه يدوران مدار دخول هلال ذي الحجـة ولم يرد بهذا العنوان في الأخبار إلاّ هذه الرواية ، ولكنها ضعيفة بالحسين بن حماد الواقع في السند فإنه مجهول الحال ، فتوصيفها بالصحيحة كما في المتن غير صحيح فلا تصلح الرواية شاهدة للجمع بين الروايات .

   وفي بعضها قيّد البقاء إلى يوم التروية ، وأنه لو بقي إلى يوم التروية ليس له الخروج ويتعيّن عليه الحج ، ففي صحيحة عمر بن يزيد : «قال (عليه السلام) : من اعتمر عمرة

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) ، (2) ، (3) ، (4) الوسائل 14 : 312 / أبواب العمرة ب 7 ح 7 ، 8 ، 1 ، 6 .

ــ[185]ــ

مفردة فله أن يخرج إلى أهله متى شاء إلاّ أن يدركه خروج النّاس يوم التروية» (1) وفي موثقة سماعة : «وإن أقام إلى الحج فهو متمتع» (2) يعني إن أقام إلى أن يحج النّاس وهو يوم التروية غالباً ، وهما واضحتا الدلالة في جواز الخروج قبل يوم التروية ، وفي صحيحة اُخرى لعمر بن يزيد : «وإن أقام إلى أن يدرك الحج كانت عمرته متعة» (3) فإذا كانت عمرته متعة لا يجوز له الخروج ويجب عليه الحج لأنه مرتهن به .

   فإن كان القاضي (قدس سره) يرى الوجوب قبل يوم التروية فضعيف جدّاً ومحجوج بهذه المعتبرات الصحيحة ، وإن أراد الوجوب لو بقي إلى يوم التروية فله وجه في نفسه ، ولكن الاشكال عليه يتضح مما سيأتي .

   ولا يخفى أن مقتضى هذه الروايات باجمعها انقلاب العمرة المفردة إلى المتعة قهراً وأنها تحسب متعة إن بقي إلى يوم التروية ، فلا حاجة إلى القصد من جديد ، من دون فرق بين وجوب البقاء عليه إلى أن يحج وبين جواز البقاء إلى أن يحج أيضاً ، فإن عمرته حينئذ تنقلب إلى المتعة قهراً ، فالانقلاب القهري لا يختص بما إذا وجب عليه الحج ، بل لو قلنا بجواز الحج له واختار البقاء وحج تنقلب عمرته إلى المتعـة قهراً فعلى كل تقدير يحصل الانقلاب القهري ، غاية الأمر قد يجب عليه البقاء كما عن القاضي وقد لا يجب كما عن المشهور ، فلا بدّ من إثبات الوجوب والجواز .

   فمقتضى ما تقدّم من الروايات المعتبرة الثلاث وجوب الحج عليه إذا بقي إلى يوم التروية ، ولو كنّا نحن وهذه الروايات لقلنا بالوجوب .

   ولكن الظاهر أنه لا يمكن الالتزام بالوجوب ، فإنه مضافاً إلى الاجماع المدعى على الخلاف قد دلّ بعض النصوص المعتبرة على جواز الخروج حتى يوم التروية ، مثل صحيحة إبراهيم بن عمر اليماني عن أبي عبدالله (عليه السلام) «أنه سئل عن رجل خرج في أشهر الحج معتمراً ثمّ خرج إلى بلاده ، قال : لا بأس ، وإن حج من عامه ذلك وأفرد الحج فليس عليه دم ، وإن الحسين بن علي (عليهما السلام) خرج يوم

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) ، (2) ، (3) الوسائل 14 : 313 / أبواب العمرة ب 7 ح 9 ، 13 ، 5 .

ــ[186]ــ

بل يمكن أن يستفاد منها أن التمتّع هو الحج عقيب عمرة وقعت في أشهر الحج بأي نحو أتى بها ، ولا بأس بالعمل بها ، لكن القدر المتيـقن ((1)) منها هو الحج النـدبي ففيما إذا وجب عليه التمتّع فأتى بعمرة مفردة ثمّ أراد أن يجعلها عمرة التمتّع يشكل الاجتزاء بذلك عما وجب عليه سواء كان حجة الإسلام أو غيرها ممّا وجب بالنذر أو الاستئجار ((2)) .

  ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

التروية إلى العراق وكان معتمراً» (3) .

   وفي الرواية وإن لم يصرح بجواز الخروج يوم التروية ولكن يظهر من استشهاد الصادق (عليه السلام) بقضية خروج الحسين (عليه السلام) أن ذلك من باب تطبيق الكبرى على الصغرى وأن خروجه (عليه السلام) يوم التروية كان جائزاً في نفسه واستشهاده بفعل الحسين (عليه السلام) دليل على جواز الخروج سواء كان الحسين (عليه السلام) مضطراً كما في كتب المقاتل والتواريخ أم لا .

   وأوضح من ذلك دلالة معتبرة معاوية بن عمّار ، قال «قلت لأبي عبدالله (عليه السلام) : من أين افترق المتمتع والمعتمر ؟ فقال : إن المتمتع مرتبط بالحج والمعتمر إذا فرغ منها ذهب حيث شاء ، وقد اعتمر الحسين (عليه السلام) في ذي الحجة ثمّ راح يوم التروية إلى العراق والنّاس يروحون إلى منى ، ولا بأس بالعمرة في ذي الحجة لمن لا يريد الحج» (4) . وإنما كانت هذه الرواية أوضح باعتبار ذيلها «ولا بأس بالعمرة في ذي الحجة لمن لا يريد الحج» .

   والحاصل : لا ريب في أن المستفاد من الخبرين أن خروج الحسين (عليه السلام) يوم التروية كان على طبق القاعدة لا لأجل الاضطرار ، ويجوز ذلك لكل أحد وإن لم

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) لكن الروايات مطلقة تشمل من وجب عليه الحج أيضاً .

(2) لا وجه لاحتمال الإجزاء للحج الاستئجاري ويحتمل أن يكون ذكره من سهو القلم ، وأمّا في النذر فالحكم تابع لقصد الناذر .

(3) ، (4) الوسائل 14 : 310 / أبواب العمرة ب 7 ح 2 ، 3 .

ــ[187]ــ

يكن مضطراً ، فيكون الخبران قرينة على الانقلاب إلى المتعة قهراً ، والاحتباس بالحج إنما هو فيما إذا أراد الحج ، وأمّا إذا لم يرد الحج فلا يحتبس بها للحج ويجوز له الخروج حتى يوم التروية .

   بقي الكلام في جهات :

   الاُولى : يظهر من بعض الروايات عدم مشروعية العمرة المفردة في العشر الاُولى من ذي الحجة كصحيحة عبدالرحمن بن أبي عبدالله عن أبي عبدالله (عليه السلام) قال: «العمرة في العشر متعة»(1) وفي صحيحة ابن سنان : «عن المملوك في الظهر يرعى وهو يرضى أن يعتمر ثمّ يخرج ، فقال : إن كان اعتمر في ذي القعدة فحسن وإن كان في ذي الحجة فلا يصلح إلاّ الحج» (2) .

   وبازائهما روايات اُخر تدل على جواز العمرة المفردة حتى في عشرة ذي الحجة وإن لم يكن قاصداً للحج ، كصحيحة إبراهيم اليماني المتقدِّمة(3) الدالّة على جواز الاتيان بالعمرة المفردة في أشهر الحج لمن لا يقصد الحج ، ومقتضى تطبيقه (عليه السلام) ذلك على عمرة الحسين (عليه السلام) جواز العمرة حتى في عشرة ذي الحجة كما عرفت سابقاً ، وكصحيحة معاوية بن عمّار المتقدِّمة أيضاً (4) حيث جوّز الإمام (عليه السلام) إتيان العمرة المفردة في ذي الحجة كما صنع الحسين (عليه السلام) .

   ومقتضى الجمع العرفي هو حمل الطائفة الاُولى على المرجوحية وأن الأفضل الاتيان بعمرة التمتّع .

   الجهة الثانية : ما دلّ على انقلاب العمرة المفردة إلى المتعة هل يختص بمن لم يكن قاصداً للحج ولكن من باب الاتفاق بقي إلى أيّام الحج أو يشمل الأعم منه ومن القاصد للحج ؟ وبعبارة اُخرى : من كان مأموراً بالحج متعة هل يجوز له الاتيان بالعمرة المفردة ثمّ يكتفي بها عن عمرة التمتّع أو أنه يلزم عليه الاتيان بعمرة التمتّع ؟ فمن

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) ، (2) الوسائل 14 : 313 / أبواب العمرة ب 7 ح 10 ، 11 .

(3) في ص 185 .

(4) في ص 186 .

ــ[188]ــ

كان قاصداً للحج وكان مأموراً بالحج متعة لا تكون عمرته المفردة مورداً للانقلاب إلى المتعة .

   لم أر من تعرض لذلك ، ويترتب على ذلك آثار منها : أنه لو كانت عمرته مفردة يجوز له الخروج بعدها ، وأمّا إذا انقلبت إلى المتعة وكانت عمرته متعة لا يجوز له الخروج بعدها ، لأنه مرتهن ومحتبس بالحج .

   والظاهر أن الروايات ناظرة إلى الصورة الاُولى وهي ما لو لم يكن قاصداً للحج ولكن اتفق له البقاء إلى أيّام الحج ، وأمّا إذا كان قاصداً من الأوّل للحج فعمرته المفردة لا تكون مورداً للانقلاب إلى المتعة ولا يجوز له الاكتفاء بذلك ، ويشهد لما ذكرنا عدّة من الروايات :

   منها : موثقة سماعة : «قال : من حج معتمراً في شوال ومن نيّته أن يعتمر ويرجع إلى بلاده فلا بأس بذلك ، وإن أقام إلى الحج فهو متمتِّع»(1) ومورد الرواية من لم يكن مريداً وقاصداً للحج بل كان من قصده الرجوع إلى بلاده ولكن من باب الاتفاق أقام وبقي إلى الحج ، فحينئذ حكم (عليه السلام) بانقلاب عمرته إلى عمرة التمتّع ، وأمّا إذا كان قاصداً للحج من الأوّل فلا تشمله الرواية .

   ومنها : صحيحة معاوية بن عمّار الدالّة على أن المتعة مرتبطة بالحج وأن المعتمر إذا فرغ منها ذهب حيث شاء كما اعتمر الحسين (عليه السلام) في ذي الحجة ثمّ راح يوم التروية ، ثمّ ذكر (عليه السلام) أخيراً «ولا بأس بالعمرة في ذي الحجة لمن لا يريد الحج» (2) .

   والمستفاد منها عدم الاكتفاء بالعمرة المفردة عن المتعة إذا كان مريداً للحج وقاصداً إليه .

   ومنها : صحيحة الحسن بن علي الوشا ابن بنت الياس عن أبي الحسن الرضا

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) الوسائل 14 : 313 / أبواب العمرة ب 7 ح 13 .

(2) الوسائل 14 : 313 / أبواب العمرة ب 7 ح 3 .

ــ[189]ــ

(عليه السلام) «أنه قال : إذا أهل هلال ذي الحجة ونحن بالمدينة لم يكن لنا أن نحرم إلاّ بالحج لأنا نحرم من الشجرة وهو الذي وقت رسول الله (صلّى الله عليه وآله) وأنتم إذا قدمتم من العراق فأهل الهلال فلكم أن تعتمروا ، لأنّ بين أيديكم ذات عرق وغيرها مما وقت لكم رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) » (1) .

   وقد دلّت الصحيحة على أنهم حيث يقصدون الحج لا يشرع لهم العمرة المفردة وإنّما عليهم العمرة إلى الحج ، فالحكم بالانقلاب يختص بمن لم يكن قاصداً للحج ولكن أراد الحج من باب الاتفاق ، وأمّا أهل العراق فيتمكنون من الإحرام للحج متعة من ذات عرق ونحوها ويتمكنون من الرجوع إليها ، فيجوز لهم أن يعتمروا عمرة مفردة ثمّ يرجعوا إلى ذات عرق وغيرها ويحرمون منها للتمتع .

   وأمّا أهل المدينة حيث إنهم يقصدون الحج ولبعد الطريق بينهم وبين مكّة وقلة الوقت فلا يتمكنون من الرجوع إلى ميقاتهم فليس لهم إلاّ أن يحرموا من الشجرة ، كما أن ليس لهم أن يعتمروا عمرة مفردة بل عليهم أن يعتمروا للحج متعة .

   وبالجملة : يظهر من الرواية أن انقلاب المفردة إلى المتعة في مورد غير القاصد إلى الحج ، وأمّا القاصد إليه فليس له إلاّ المتعة فلم تكن عمرته مورداً للانقلاب بل تتعين عليه المتعة .

   الثالثة : ذكر المصنف (قدس سره) أن الحكم بانقلاب المفردة إلى المتعة يختص بالحج الندبي لأنه القدر المتيقن من الأخبار . وأمّا الحج الواجب سواء كان حج الإسلام أو الواجب عليه بالنذر أو الاستئجار فيشكل الاجتزاء بالمفردة عما وجب عليه من حج التمتّع .

   أقول : الظاهر أن ذكر كلمة الاستئجار من سهو القلم، لأنه لو استأجر شخصاً لحج التمتّع فالمستأجر  يملك العمل في ذمّة الأجير من الأوّل ، وإذا فرضنا أن الأجير اعتمر عمرة مفردة لنفسه يكون عمله هذا محسوباً على نفسه لأنه لم يكن متعلقاً للاجارة ، فكيف يحتمل الاكتفاء والاجتزاء بذلك عمّا تعلق به الايجار ، فيجب على

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) الوسائل 14 : 313 / أبواب العمرة ب 7 ح 14 .




 
 


أقسام المكتبة :

  • الفقه
  • الأصول
  • الرجال
  • التفسير
  • الكتب الفتوائية
  • موسوعة الإمام الخوئي - PDF
  • كتب - PDF
     البحث في :


  

  

  

خدمات :

  • الصفحة الرئيسية للمكتبة
  • أضف موقع المؤسسة للمفضلة
  • إجعل الموقع رئيسية المتصفح

الرئيسية   ||   السيد الخوئي : < السيرة الذاتية - الإستفتاءات - الدروس الصوتية >   ||   المؤسسة والمركز   ||   النصوص والمقالات   ||   إستفتاءات السيد السيستاني   ||   الصوتيات العامة   ||   أرسل إستفتاء   ||   السجل

تصميم، برمجة وإستضافة :  
 
الأنوار الخمسة @ Anwar5.Net