ــ[219]ــ
ثمّ إن عدم جواز الخروج على القول به إنما هو في غير حال الضرورة بل مطلق الحاجة ، وأمّا مع الضرورة أو الحاجة ((1)) مع كون الإحرام بالحج غير ممكن أو حرجاً عليه فلا إشكال فيه (1) .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
وجوبها وجوب مستقل غير مرتبط بالحج ولا يضر تركها بالحج وإن كان عاصياً بالترك .
وأمّا الثانية فهي صريحة في ذلك ، لقوله (عليه السلام) : «وإن دخل في غير الشهر دخل محرماً ، قلت : فأي الإحرامين والمتعتين متعة ، الاُولى أو الأخيرة ؟ قال : الأخيرة هي عمرته ، وهي المحتبس بها التي وصلت بحجّته» ، وقد تقدّم أن كلمة المتعة لا تستعمل في العمرة المفردة ، فالعمرة الاُولى مشروطة بأن لا يخرج من مكّة أو أنه يرجع إليها قبل الشهر وإلاّ تكون العمرة الاُولى ملغاة ويزول الارتباط بينها وبين الحج فيفسد حجّه حينئذ .
(1) لصحيحتي حفص وحماد ، ففي الاُولى : «في رجل قضى متعته وعرضت له حاجة أراد أن يمضي إليها ، قال فقال : فليغتسل للاحرام وليهل بالحج وليمض في حاجته» ، وقال في الثانية : «من دخل مكّة متمتعاً في أشهر الحج لم يكن له أن يخرج حتى يقضي الحج ، فإن عرضت له حاجة إلى عسفان أو إلى الطائف أو إلى ذات عِرق خرج محرماً» (2) فمقتضى الصحيحتين جواز الخروج عند الحاجة ، فإن كان متمكناً من الإحرام ولم يكن الإحرام عليه حرجياً أحرم بالحج ثمّ يخرج وإلاّ سقط وجوبه لنفي الحرج .
وهل يكفي مجرد الحاجة لجواز الخروج محلاً أو لا بدّ من الاضطرار إليه ؟ ظاهر المصنف (قدس سره) عدم جواز ترك الإحرام لمجرد الحاجة ، واختصاصه بمورد الحرج أو عدم الامكان من الإحرام .
ــــــــــــــــــــــــــــ
(1) جواز الخروج مع الحاجة غير الضرورية إذا لم يتمكن من الإحرام أو كان حرجياً محل إشكال بل منع .
(2) الوسائل 11 : 302 / أبواب أقسام الحج ب 22 ح 4 ، 6 .
ــ[220]ــ
وأيضاً الظاهر اختصاص المنع على القول به بالخروج إلى المواضع البعيدة، فلا بأس بالخروج ((1)) إلى فرسخ أو فرسخين، بل يمكن أن يقال باختصاصه بالخروج إلى خارج الحرم ، وإن كان الأحوط خلافه (1) .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ويظهر من بعضهم جواز الخروج وترك الإحرام لمجرّد الحاجة ، واستدلّ بمصحح إسحاق المتقدّم(2)، فإنّ المفروض فيه أنه خرج محلاً بقرينة قوله : «يرجع إلى مكّة بعمرة» ، فإنّ موضوع السؤال أ نّه خرج من مكّة لمجرّد الحاجة وفرض أ نّه خرج بلا إحرام ، فيعلم من ذلك جواز الخروج بلا إحرام لمجرّد الحاجة .
وفيه: أنّ السؤال في مصحح إسحاق لم يكن عن جواز الخروج وعدمه وإنّما السؤال عن حكم الخـارج وأ نّه إذا خرج ماذا يصنع ، فالمتبع حينئذ إنما هو صحيح حفص المتقدّم الدال على وجوب الإحرام عند الحاجة ، ونحوه صحيح حماد .
فتحصل: أنّ مطلق الحاجة يكفي في جواز الخروج ولكن لا يكفي في ترك الإحرام وإنما يجوز ترك الإحرام عند الخروج حال الضرورة أو الحرج .
(1) وقع الكلام في أن الممنوع من الخروج هل هو مختص بالخروج إلى الأماكن البعيدة ، فلا بأس بالخروج إلى فرسخ أو فرسخين ، أو أن الممنوع هو الخروج إلى خارج الحرم ، فالخروج إلى ما دون الحرم سائغ كما عن بعضهم .
اختار الماتن (قدس سره) الأوّل ، وذكر شيخنا الاُستاذ النائيني (قدس سره) في تعليقته على العروة وكذا في مناسكه أن الممنوع هو الخروج إلى المسافة الشرعية لا ما دونها (3) ، لكون مقدار الحرم مختلفاً من جهاته فلا يصحّ التقدير به ولا يطرد في جميع جوانبه .
ــــــــــــــــــــــــــــ
(1) بل الظاهر عدم جواز الخروج عن مكّة مطلقا .
(2) في ص 213 .
(3) دليل الناسك : 121 .
|