ــ[238]ــ
بل لا يبعد دخول من اعتقد سعة الوقت فأتم عمرته ثمّ بان كون الوقت مضيقاً في تلك الأخبار (1) .
ثمّ إنّ الظاهر عموم حكم المقام بالنسبة إلى الحج المندوب وشمول الأخبار له (2) فلو نوى التمتّع ندباً وضاق وقته عن إتمام العمرة وإدراك الحج جاز له العدول إلى الإفراد ، وفي وجوب العمرة بعده إشكال ، والأقوى عدم وجوبها .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
مكّة ليلة عرفة ، قال : لا متعة له» ، وفي بعضها : «إذا دخل يوم عرفة ، قال : لا متعة له» ، فهذه الروايات تنفي المتعة في هذا الحد وروايات اُخر تدل على بقاء المتعة إلى زوال يوم عرفة كصحيحي جميل والحلبي وكيف يمكن حملها على التخيير .
فالمتحصل : أن الميزان في العدول إنما هو بخوف فوت الموقف الركني .
(1) لو اعتقد سعة الوقت فدخل مكّة متمتِّعاً ثمّ بان كون الوقت مضيقاً وأن هذه الليلة ليلة العيد مثلاً وفاته الموقف ، فهل تصح عمرته ثمّ يأتي بالحج أو يعدل إلى الإفراد ؟
الظاهر صحّة عمرته وحجّه فيأتي بالموقف الاضطراري لعرفة وهو الوقوف ليلة العيد في عرفات ، للاكتفاء في صحّة الحج بالوقوف الاضطراري ، والمفروض أنه لم يترك الوقوف الاختياري عن غير عذر ليفسد حجّه وإنما تركه عن عذر لاعتقاده سعة الوقت .
وأمّا عدم جواز العدول فلان موضوعه الخشية وخوف فوت الموقف والمفروض أن هذا الشخص لم يكن خائفاً بل كان معتقداً سعة الوقت . ويمكن أن يقرب ما ذكرنا بأن العدول إنما جاز لدرك الموقف الاختياري لأهميّته ، والمفروض أنه قد فاته على كل تقدير عدل أو لم يعدل ، فأدلّة العدول لا تشمل المقام فيكون حجّه صحيحاً لدرك الموقف الاضطراري ، وأمّا ترك الاختياري فهو غير ضائر إذا كان عن عذر .
(2) لإطلاقها وعدم تقييدها بالواجب .
وهل تجب عليه العمرة المفردة بعد العدول إلى حج الإفراد وإتيان مناسكه أم لا ؟
ــ[239]ــ
ولو علم من وظيفته التمتّع ضيق الوقت عن إتمام العمرة وإدراك الحج قبل أن يدخل في العمرة هل يجوز له العدول من الأوّل إلى الإفراد ؟ فيه إشكال ، وإن كان غير بعيد ((1)) (1) .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
اختار المصنف عدم الوجوب وهو الصحيح ، وذلك لأنّ الأمر بإتيان العمرة المفردة بعد الاتيان بحج الإفراد الذي عدل إليه وإن ورد في عدّة من الروايات الآمرة بالعدول وأنه يصنع كما صنعت عاشة كما في صحيح الحلبي(2) ، ولكنّها ليست في مقام الوجوب وإنما هي في مقام بيان ما هو عدل التمتّع وأن العمرة المفردة تقوم مقام عمرة التمتّع ، وأن المعدول إليه أي الواجب البدلي يقوم مقام الواجب الأصلي المبدل منه فالبدل يتبع الأصل ، فإن كان الأصل واجباً فكذلك البدل وإلاّ فلا ، فالأمر بإتيان المفردة ليس في مقام بيان الوجوب التعبّدي وإنما هو في مقام بيان عدم فوات الوظيفة ، وأمّا الوجوب أو الاستحباب فالأخبار ساكتة عنهما ، فحينئذ يجوز له الاقتصار على إتيان أعمال الحج فقط وترك العمرة المفردة ، لعدم ارتباط أحدهما بالآخر ، فإن كلاًّ من الحج والعمرة في حج الإفراد عمل مستقل في نفسه .
(1) جواز العدول هل يختص بمن كان جاهلاً بضيق الوقت ودخل في عمرة التمتّع ثمّ ضاق وقته عن إتمامها ، أو أنه يعم من لا يتمكن من الدخول في عمرة التمتّع من الأوّل ، كما لو علم بضيق الوقت عن إتمام العمرة وإدراك الحج قبل أن يدخل في العمرة ؟ استشكل المصنف (قدس سره) في التعميم ثمّ لم يستبعد الجواز ، لكن الظاهر هو الاختصاص ، إذ لا دليل على العدول فيما لو علم بضيق الوقت عن إتمام عمرة التمتّع قبل الدخـول فيها ، وروايات العدول كلّها واردة في جواز العدول في الأثناء وبعد الدخول في العمرة .
وقد يقال : إن الروايات وإن كان موردها ذلك ولكن يمكن استفادة الجواز قبل
ــــــــــــــــــــــــــــ
(1) بل هو بعيد .
(2) الوسائل 11 : 297 / أبواب أقسام الحج ب 21 ح 6 .
|