هذا كلّه فيما إذا حاضت المرأة في أثناء الطواف ، وأمّا إذا حاضت بعد الطواف وقبل صلاته فلا ينبغي الريب في صحّة طوافها ، فإنه لو قيل بأن حدوث الحيض بعد أربعة أشواط لا يوجب البطلان ويجوز لها الاتيان ببقيّة الأشواط بعد أعمال الحج فالحكم بالصحّة في المقام أولى ، لأنّ كلاًّ منهما عمل مستقل ، وإن لم نقل بذلك كما هو المختار عندنا ، فمقتضى القاعدة أيضاً الصحّة ، إذ لا موجب لبطلانه بالحيض اللاحق ، نعم يتحقق الفصل بين الطواف والصلاة ولا بأس به إذا كان غير اختياري لها ، كما إذا عجز الطائف من الصلاة لمانع آخر كالمرض والكسر ونحوهما ، فتأتي بالصلاة بعد ارتفاع الحيض ثمّ تأتي بأعمال الحج ، هذا إذا كان الوقت واسعاً ، وإن لم يسع الوقت فتسعى وتقصر وتصلي بعد رجوعها إلى مكّة ، كما هو الحال في قضاء الطواف . وأمّا احتمال العدول إلى الإفراد فساقط جزماً ، لأنّ أدلّة العدول وردت في من لا يتمكّن من الطواف لا الصلاة .
ــ[258]ــ
ويكفينا في الحكم بالصحّة صحيح زرارة ، قال : «سألته عن امرأة طافت بالبيت فحاضت قبل أن تصلّي الركعتين ، فقال : ليس عليها إذا طهرت إلاّ الركعتين وقد قضت الطّواف»(1) ، ونحوه صحيح معاوية بن عمّار ، قال : «سألت أبا عبدالله (عليه السلام) عن امرأة طافت بالبيت ثمّ حاضت قبل أن تسعى ، قال : تسعى»(2) ، ومورده وإن كان حدوث الحيض قبل السعي ولكن إطلاقه يشمل قبل الصلاة وبعدها . وتؤيدهما رواية أبي الصباح الكناني قال : «سألت أبا عبدالله (عليه السلام) عن امرأة طافت بالبيت في حج أو عمرة ثمّ حاضت قبل أن تصلّي الركعتين ، قال : إذا طهرت فلتصل ركعتين عند مقام إبراهيم وقد قضت طوافها»(3) ، وقوله : «ليس عليها إلاّ الركعتين» في صحيح زرارة ظاهر في أن الطّواف طواف الفريضة .
والمتحصل : أنّ الطّواف لا يبطل بالحيض الطارئ بعده ولا يضر الفصل بأيّام بينه وبين صلاته ، فإن كان الوقت واسعاً تصلّي بعد الطهر قبل السعي لعدم الدليل على جواز تأخيرها عن السعي مع التمكّن ، وإن كان ضيقاً فتسعى وتصلّي بعد رجوعها إلى مكّة بعد الوقوفين .
ثمّ إنّ المصنف (قدس سره) ذكر أنها تقضي بقيّة طوافها قبل طواف الحج أو بعـده ولكن مقتضى صحيح العلاء(4) أنها تطوف أوّلاً طوافاً لعمرتها ثمّ تطوف طوافاً للحج ثمّ طواف النّساء .
والحمد لله أوّلاً وآخراً وظاهراً وباطناً
وصلّى الله على محمّد وآله الطّاهرين
ــــــــــــــــــــــــــــ
(1) الوسائل 13 : 458 / أبواب الطواف ب 88 ح 1 .
(2) الوسائل 13 : 459 / أبواب الطواف ب 89 ح 1 .
(3) الوسائل 13 : 458 / أبواب الطواف ب 88 ح 2 .
(4) الوسائل 13 : 448 / أبواب الطواف ب 84 ح 1 .
|