ملاحظة :
لا بدّ لنا من بيان نبذة ترجع إلى توضيح ما يتعلق بالإجزاء وعدمه مما يخص المقام . فنقول : قد عرفت أن محل الكلام في إجزاء الأمر الظاهري عن الواقعي إنما هو في متعلق التكليف من جهة الاختلاف في جهة من الجهات ، كفقدان الجزء والشرط للواجب ، لا في شرائط التكليف والوجوب .
بيان ذلك : أنهم قسموا الواجب إلى المطلق والمشروط ، وزاد صاحب الفصول قسماً آخر وهو الواجب المعلق وجعله من أقسام الواجب المطلق ، فإنه قسم الواجب المطلق إلى المنجز والمعلق ، وفسّر المعلق بما كان الوجوب فعلياً والواجب إستقباليا .
وقد ذكرنا في المباحث الاُصولية(1) أن ما ذكره صاحب الفصول وإن كان صحيحاً ولا يرد عليه الاشكال المعروف من تخلف الوجوب عن الإيجاب ، ولكن ما ذكره ليس قسماً مقابلاً للمشروط ، بل المعلق بعينه هو الواجب المشروط غاية الأمر مشروط بالشرط المتأخر ، فإن الواجب المشروط قد يكون مشروطاً بالشرط المقارن كاشتراط وجوب الصلاة بالوقت ، فإن الوقت شرط مقارن ويحدث الوجوب بحلول الوقت وأمّا قبله فلا وجوب ، وقد يكون مشروطاً بالشرط المتأخر فيكون الوجوب فعلياً ، كوجوب الصوم من أوّل غروب الشمس في الليلة الاُولى من شهر رمضان ، بناءً على أن المراد بقوله تعالى : (فمن شهد منكم الشهر فليصمه)(2) دخول شهر رمضان ورؤية هلاله ، فالمكلّف من الليل مأمور بالصوم غاية الأمر مشروطاً بدخول النهار، وكذلك الحج فإنّه واجب عليه بالفعل ولكنّه مشروط ببقاء الاستطاعة
ــــــــــــــــــــــــــــ
(1) محاضرات في اُصول الفقه 2 : 348 .
(2) البقرة 2 : 185 .
|