اعتبار قصد الوجه والاخطار بالبال في نيّة الإحرام - اعتبار استمرار العزم على ترك المحرمات في الإحرام 

الكتاب : المعتمد في شرح العروة الوثقى-الجزء الثاني:الحج   ||   القسم : الفقه   ||   القرّاء : 3519


ــ[385]ــ

   [ 3234 ] مسألة 5 : لا يعتبر في الإحرام استمرار العزم على ترك محرماته ، بل المعتبر
العزم((1)) على تركها مستمرّاً فلو لم يعزم من الأوّل على استمرار الترك بطل ، وأمّا لو عزم على ذلك ولم يستمر عزمه بأن نوى بعد تحقق الإحرام عدمه أو إتيان شيء منها لم يبطل ، فلا يعتبر فيه استدامة النيّة كما في الصوم ، والفرق أن التروك في الصوم معتبرة في صحّته بخلاف الإحرام فإنها فيه واجبات تكليفية (1) .

 ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

عليه قصد الوجه من جهة توقف التعيين عليه .

   كما لا يلزم الاخطار بالبال ، بل يكفي الاتيان بالعمل بحيث يكون أمر الله داعياً إليه وصحّ انتسابه إليه تعالى ، ولا دليل على أزيد من ذلك ، وكذلك لا يعتبر التلفظ بالنيّة وما ورد من التلفظ بها محمول على الاستحباب كما سيأتي في المسألة الثانية عشرة .

   (1) لاينبغي الاشكال في عدم اعتبار استمرار العزم على ترك المحرمات في الإحرام بعد الفراغ عن أن الإحرام ليس هو الالتزام وتوطين النفس على ترك المنهيات، خلافاً للصوم فإن المعتبر فيه استدامة النيّة والبناء والعزم على ترك المفطرات في مجموع النهار ، ففي كل جزء من أجزاء النهار مأمور بالامساك ، فلا بدّ أن يكون كل جزء من أجزاء الزمان مقترناً بالنيّة ، فلو أفطر في بعض الأزمنة أو نوى القطع أو القاطع كان منافياً للأمر ـ على كلام تقدّم في كتاب الصوم(2) في نيّة القطع أو القاطع ـ ولكن لا دليل على ذلك في باب الإحرام ، لأنه كما عرفت ـ بما لا مزيد عليه ـ عبارة عن التلبية الموجبة للإحرام والدخـول في الحرمـة ، أو عمّا يترتّب على التلبية ، فالإحرام اسم للسبب أو للمسبب ، فهو من قبيل الأفعال التوليدية المترتبة على عناوين خاصّة كالطّهارة المترتبة على الوضوء أو الغسل ، ولذا قد يؤمر بالطّهـارة مرّة وبالغسل

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) لا يعتبر العزم على الاسـتمرار في غير الجماع والاستمناء لأنّ المحرمات محرمات تكليفية وأمّا الجماع والاستمناء ففيهما الوضع أيضاً على المشهور .

(2) بعد المسألة [ 2495 ] الثاني من موارد وجوب القضاء دون الكفّارة .

ــ[386]ــ

والوضوء اُخرى ، فيؤمر بالمتولد تارة وبالمتولد منه اُخرى أي بالسبب وبالمسبب كما في قوله تعالى: (وإن كنتم جُنباً فاطّهّروا)(1) وقال تعالى أيضاً : (ولا جُنباً إلاّ عابري سبيل حتى تغتسلوا)(2) وهكذا المقام فقد اُمر بالتلبية تارة وبالإحرام اُخرى فهما في الحقيقة شيء واحد وليسا وجودين منحازين وتكليفين ، بل أحدهما متولد من الآخر ، والأمر بأحدهما أمر بالآخر ، هذا ما استفدناه من الروايات ، فإذا كان الإحرام عبارة عن التلبية أو عن المسبب منها فالعزم على ترك المحرمات خارج عن حقيقة الإحرام ، وإنما هي أحكام مترتبة على الإحرام لا أنها نفس الإحرام ، فلا يضر ارتكابها في الخارج في عقد الإحرام فضلاً عن العزم عليها ، فإذا لم يكن نفس ارتكاب الفعل المحرم مضراً فكيف بالعزم عليه .

   إنما الاشكال فيما ذكره المصنف (قدس سره) من أن المعتبر العزم على تركها مستمرّاً ، يعني لا بدّ أن يكون عازماً على التروك في أوّل إحرامه ، فلو لم يعزم من الأوّل بطل إحرامه .

   وأنت بعدما أحطت خبراً على ما ذكرنا تعرف أنه لا دليل على اعتبار ذلك أيضاً لأنّ الإحرام إنما هو عبارة عن التلبية الموجبة للدخول في الحرمة أو عمّا يترتّب على التلبية ، فلا يضر عدم العزم من الأوّل على استمرار الترك ، فإنّ هذه التروك أحكام شرعيّة مترتبة على الإحـرام وليست دخيلة في حقيقته ، كما صرّح المصنف (قدس سره) بذلك في لبس الثوبين ، وذكر أنه ليس دخيلاً في حقيقة الإحرام وإنما هو واجب تعبدي ، ولذا يصح إحرامه إذا أحرم في المخيط ، فإن القدر الثابت في الإحرام أن يكون إحرامه صادراً على وجه القربة ، والمفروض أنه حاصل ، والعزم على إتيان المحرمات لا يضر بإحرامه لخروج العزم على الترك عن حقيقة الإحرام .

   نعم ، لو كان ارتكاب بعض هذه الاُمور موجباً لبطـلان الإحرام كالجماع والاستمناء وكان عازماً على ارتكابه من الأوّل بطل إحرامه ، لا لأجل أن الإحرام

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) المائدة 5 : 6 .

(2) النساء 4 : 43 .

ــ[387]ــ

هو العزم على ترك المحرمات ، بل لأنه لم يقصد الحج والإحرام الصحيح ، فإن كان المنوي منافياً للحج فالعزم عليه يلازم عدم القصـد إلى الحج بخلاف سـائر التروك فإن العزم عليها لا يلازم بطلان الحج .

   وبتعبير آخر : أن بقيّة المحرمات محرمات تكليفية ، وأمّا الجماع والاستمناء فيجتمع فيهما الحكمان التكليفي ـ وهو الحرمة ـ والوضعي وهو البطلان ، ولعل ذلك يتفق لكثير من الحجاج ، فإنه حين الإحرام قد يعزم على بعض التروك كالاستظلال أو لبس المخيط ونحوهما ومع ذلك يحكم بصحّة إحرامه وحجّه .




 
 


أقسام المكتبة :

  • الفقه
  • الأصول
  • الرجال
  • التفسير
  • الكتب الفتوائية
  • موسوعة الإمام الخوئي - PDF
  • كتب - PDF
     البحث في :


  

  

  

خدمات :

  • الصفحة الرئيسية للمكتبة
  • أضف موقع المؤسسة للمفضلة
  • إجعل الموقع رئيسية المتصفح

الرئيسية   ||   السيد الخوئي : < السيرة الذاتية - الإستفتاءات - الدروس الصوتية >   ||   المؤسسة والمركز   ||   النصوص والمقالات   ||   إستفتاءات السيد السيستاني   ||   الصوتيات العامة   ||   أرسل إستفتاء   ||   السجل

تصميم، برمجة وإستضافة :  
 
الأنوار الخمسة @ Anwar5.Net