عقد الإزار والرداء - حدّ الثوبين من حيث الكبر والصغر والطول والقِصر 

الكتاب : المعتمد في شرح العروة الوثقى-الجزء الثاني:الحج   ||   القسم : الفقه   ||   القرّاء : 3985


ــ[448]ــ

وكذا الأحوط عدم عقد الإزار((1)) في عنقه (1) ،

 ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

   وفي خبر محمّد بن مسلم «ويلبس المحرم القباء إذا لم يكن له رداء ويقلب ظهره لباطنه»(2) وهو ضعيف السند لضعف طريق الصدوق إلى محمّد بن مسلم(3) .

   (1) المعتبر في الازار عدم عقده في عنقه ، فإن ذلك كان أمراً متعارفاً في الأزمنة السابقة إذا كان الازار واسعاً كبيراً ، وتدل عليه روايتان :

   الاُولى : صحيحة سعيد الأعرج «أنه سأل أبا عبدالله (عليه السلام) عن المحرم يعقد إزارة في عنقه ؟ قال : لا»(4) والرواية معتبرة فإن طريق الصدوق إلى سعيد الأعرج معتبر(5) ، ووجود عبدالكريم بن عمرو فيه غير ضائر ، فإنه وإن كان واقفياً خبيثاً كما عن الشيخ(6) ولكنه ثقة ، بل ذكر النجاشي أنه كان ثقة ثقة عيناً (7) ، ولا يكرر النجاشي الثقة إلاّ في مورد شدّة الوثاقة .

   وربّما يتوهّم أنّ السؤال عن وجوب عقد الازار في عنقه لا الجواز فلا يدل الخبر على المنع ، ولكنّه بعيد جدّاً ، إذ لا يحتمل وجوب عقد الازار ليسأل عنه . على أنه لو كان واجباً لكان من جملة الواضحات لكثرة الابتلاء به ولا يمكن خفاؤه على مثل سعيد الأعرج الذي هو من أعاظم أصحاب الصادق (عليه السلام) حتى يسأل .

   الثانية : صحيحة علي بن جعفر (عليه السلام) ، قال : «المحرم لا يصلح له أن يعقد إزاره على رقبته ولكن يثنيه على عنقه ولا يعقده»(8) .

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) لا يترك .

(2) الوسائل 12 : 487 / أبواب تروك الإحرام ب 44 ح 7 ، الفقيه 2 : 218 / 997 .

(3) الفقيه 4 (شرح المشيخة) : 6 .

(4) الوسائل 12 : 502 / أبواب تروك الإحرام ب 53 ح 1 ، الفقيه 2 : 221 ح 1023 .

(5) الفقيه 4 (شرح المشيخة) : 71 .

(6) رجال الطوسي : 339 / 5051 .

(7) رجال النجاشي : 245 .

(8) الوسائل 12 : 503 / أبواب تروك الإحرام ب 53 ح 5 .

ــ[449]ــ

بل عدم عقده مطلقاً ولو بعضه ببعض ، وعدم غرزه بإبرة ونحوها ، وكذا في الرداء الأحوط عدم عقده (1) ،

 ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

   وهذه الرواية رُويت بطريقين : أحدهما ضعيف بعبدالله بن الحسن ، والآخر صحيح وهو طريق الشيخ إلى كتاب علي بن جعفر(1) ، وصاحب الوسائل رواها عن كتاب علي بن جعفر وطريقه إليه نفس طريق الشيخ إلى الكتاب .

   وأمّا قوله (عليه السلام) : «لا يصلح» ظاهر في عدم الجواز لأ نّه بمعنى عدم القابلية ، نظير قوله تعالى : (أ نّه عمل غير صالح )(2) فالأظهر عدم الجواز ولا أقل من الاحتياط اللّزومي .

   (1) أمّا عدم عقده مطلقاً ولو في غير العنق أو غرزه باُبرة ونحوها فلا دليل عليه إلاّ خبر الاحتجاج(3) ، ولضعفه سنداً لا يمكن الاستناد إليه ، هذا كلّه في الازار .

   وأمّا الرداء فعقده في العنق أو عقده مطلقاً أو غرزه باُبرة ونحوها فلا دليل على المنع من ذلك .

   وربما يستدل له بدعوى إطلاق الازار على الرداء في الاستعمالات ، كما اُطلق في كفن الميِّت بالنسبة إلى الثوب الثالث المشتمل على جسد الميِّت وعبّروا عنه بإزار وهو الذي يغطِّي تمام البدن .

   وفيه : ما لا يخفى فإنّ الازار في مقابل الرداء ، ومعنى الازار معلوم وهو الذي يتّزر به الإنسان ويستر ما بين السرّة والرّكبة غالباً ، ولا يُقال للثوب المشتمل على الجسد الازار ، والرداء هو الثوب المشتمل على معظم بدن الإنسان كالعباءة والملحفة ونحوهما ولم يتعارف شدّه في العنـق ، بخلاف المئزر فإنّه يتعارف شدّه بالعنق خصوصاً إذا كان واسعاً كبيراً ، وبالجملة : حمل الازار على الرداء بعيد جدّا .

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) التهذيب 10 (المشيخة) : 87 .

(2) هود  11 : 46 .

(3) الاحتجاج : 485 ، الوسائل 12 : 502 / أبواب تروك الاحرام ب 53 ح 3 .

ــ[450]ــ

لكن الأقوى جواز ذلك كلّه في كل منهما ما لم يخرج عن كونه رداءً أو إزاراً ويكفي فيهما المسمّى وإن كان الأولى بل الأحوط أيضاً كون الإزار ممّا يستر ((1)) السُّرة والرُكبة ، والرِّداء ممّا يستر المنكبين (1) والأحوط عدم الاكتفاء بثوب طويل يتزر ببعضه ويرتدي بالباقي إلاّ في حال الضرورة ،

 ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

   وأمّا عقده في غير العنق فلا دليل عليه أصلاً حتى إذا حملنا الازار على الرداء ، لأنّ الممنوع إنما هو عقده في العنق كما في النص ، وأمّا العقد مطلقاً أو غرزه باُبرة ونحوها فلا دليل عليه .

   (1) وأمّا حدّ الثوبين من حيث الكبر والصغر والطول والقصر فالعبرة بالصدق العرفي ، ويكفي فيهما المسمى وصدق الاتزار والارتداء . وأمّا ما ذكروه في تحديد الرداء بكونه مما يستر المنكبين فالظاهر أنهم يريدون بذلك كون الثوب واسعاً عريضاً يستر المنكبين وشيئاً من الظهر ، وإلاّ فمجرد ستر المنكبين من دون ستر الظهر به لا يكفي لعدم صدق الرداء عليه قطعاً ، كما إذا ألقى منديلاً طويلاً على منكبيه .

   وبعبارة اُخرى : لا يجزئ في صدق الارتداء مجرد ستر المنكبين بثوب قليل العرض بل لا بدّ أن يكون الثوب واسعاً عريضاً وساتراً لمعظم البدن ، كالعباءة والملحفة التي تلبس فوق الثياب كالاحرامات المتعارفة في زماننا .

   وأمّا الازار فالمعتبر أن يستر ما بين السرة والركبة ، والمتعيّن في جميع ذلك بالصدق العرفي .

   ثمّ إن الظاهر من الروايات الآمرة بالتجرد في الازار والرداء وجواز لبس السراويل إن لم يكن له إزار أو لبس القباء إن لم يكن له رداء ، تعدّد الثوب يسمّى أحدهما الرداء والآخر الازار ، فلا يكتفي بثوب واحد طويل عريض يجعل بعضه إزاراً وبعضه الآخر رداءً .

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) لا يترك .

ــ[451]ــ

والأحوط كون اللبس قبل النيّة والتلبية (1) فلو قدمهما عليه أعادهما بعده والأحوط ملاحظة النيّة في اللبس ، وأمّا التجرّد فلا يعتبر فيه النيّة وإن كان الأحوط والأولى اعتبارها فيه أيضاً .
ــــــــــــــــــــــــ

   وأمّا كيفية اللبس فالظاهر أنه لا تعتبر فيه كيفية خاصّة وإنما المعتبر صدق الاتزار والارتداء عرفاً . وذكر بعضهم أنه يجوز التوشح بالرداء ، بأن يدخل طرفه تحت إبطه الأيمن ويلقيه على عاتقه الأيسر أو بالعكس كالتوشح بالسيف والتقلد به .

   أقول : إن التزمنا بأن لبس الثوبين منصرف إلى اللبس المتعارف المألوف فالتوشح غير مجز ، لعدم تعارفه وإن صدق عليه الرداء ، وأمّا إذا قلنا بأن مجرد التعارف الخارجي لا يوجب الانصراف إليه ـ كما هو الصحيح ـ فالعبرة حينئذ بالصدق العرفي وأنه اتزر وارتدى بأي نحو كان نظير لبس العباء ، ولا تتعيّن هيئة خاصّة .

   (1) ما ذكره المصنف من الاحتياط إنما هو استحبابي لما تقدّم منه ومنّا قريباً أن اللبس ليس شرطاً في تحقق الإحرام، وإنما هو واجب تعبّدي مستقل والإحرام يتحقق بدون اللبس ، فلا حاجة إلى إعادة التلبية والنيّة حتى لو ترك اللبس عمداً وعصياناً فضلاً عن النسيان، وإنما احتاط باعادتهما للمجرّد لاحتمال اشتراط اللبس في الإحرام .




 
 


أقسام المكتبة :

  • الفقه
  • الأصول
  • الرجال
  • التفسير
  • الكتب الفتوائية
  • موسوعة الإمام الخوئي - PDF
  • كتب - PDF
     البحث في :


  

  

  

خدمات :

  • الصفحة الرئيسية للمكتبة
  • أضف موقع المؤسسة للمفضلة
  • إجعل الموقع رئيسية المتصفح

الرئيسية   ||   السيد الخوئي : < السيرة الذاتية - الإستفتاءات - الدروس الصوتية >   ||   المؤسسة والمركز   ||   النصوص والمقالات   ||   إستفتاءات السيد السيستاني   ||   الصوتيات العامة   ||   أرسل إستفتاء   ||   السجل

تصميم، برمجة وإستضافة :  
 
الأنوار الخمسة @ Anwar5.Net