مسألة 31 : لا يجب على المكلّف تحصيل الاستطاعة بالاكتساب أو غيره (3)
ــــــــــــــــــــــــــ (3) لأنّ ذلك من تحصيل الشرط ولا يجب على المكلّف تحصيله ، فإنّ الاستطاعة
ــ[40]ــ
فلو وهبه أحد مالاً يستطيع به لو قبله لم يلزمه القبول ، وكذلك لو طلب منه أن يؤجر نفسه للخدمة
بما يصير به مستطيعاً ، ولو كانت الخدمة لائقة بشأنه .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ــــــ
اُخذت مفروضة الوجود ، ولذا لو وهبه أحد مالاً يستطيع به لو قبله أو طلب منه إجارة نفسه للخدمة
بما يصير به مستطيعاً لم يجب عليه القبول .
وقد يقال كما عن النراقي (قدس سره) بالوجوب لوجهين :
الأوّل : صدق الاستطاعة العرفيّة على ذلك .
الثّاني : أنّ الإنسان يملك منافع نفسه كما يملك منافع ما يملكه من الأعيان كالعقار والدواب فيكون
واجداً للمال ومستطيعاً قبل الإجارة ومن المعلوم أ نّه لا يعتبر في الاستطاعة وجود الأثمان والنقود أو
وجود عين مال مخصوص ، بل المعتبر وجود ما يمكن صرفه في سبيل الحجّ(1) .
والجواب عن الأوّل : أنّ الاستطاعة المعتبرة في وجوب الحجّ ليست الاستطاعة العرفيّة ولا العقليّة ،
وإنّما هي استطاعة خاصّة مفسّرة في الرّوايات بملكيّـة الزاد والرّاحلة وتخلية السرب ، وهي تحصل
بأحد أمرين إمّا واجديته لما يحجّ به أو بالبذل ، وكلاهما غير حاصل في المقام .
وعن الثّاني بأنّ الإنسان وإن كان يملك منافع نفسه لكن لا بالملكيّة الإعتباريّة نظير ملكيّته للعقار
والدواب ، ولا يصدق عليه أ نّه ذو مال باعتبار قدرته على منافع نفسه وقدرته على أعماله ، ولذا
تسالم الفقهاء على أ نّه لو حبس أحد حرّاً لا يضمن منافعه باعتبار تفويته هذه المنافع .
والّذي يدل على ما ذكرناه أنّ الإنسان لو كان مالكاً لمنافع نفسه بالملكيّة الإعتباريّة لكان واجداً لما
يحجّ به ، فلا حاجة إلى طلب الاستئجار منه ، بل يجب عليه أوّلاً تعريض نفسه للإيجار ، كما إذا كان
مالكاً للدار والدواب ، ولا أظن أنّ أحداً يلتزم بذلك .
ــــــــــــــــــــــــــــ
(1) مستند الشيعة 11 : 51 .
ــ[41]ــ
نعم لو آجر نفسه للخدمة في طريق الحجّ واستطاع بذلك وجب عليه الحجّ (1) . ـــــــــــــــــــ
ــــــ
(1) قد يؤجر المكلّف نفسه للخدمة في طريق الحجّ كالطبخ وغيره بما يصير مستطيعاً ، بحيث يكون
متعلق الإجارة نفس العمل المذكور ويكون السير في الطريق مقدّمة لتسليم العمل المملوك إلى مالكه ،
ففي مثله يجب عليه الحجّ ويجزئ حجّه عن حجّة الإسلام ، ولا ينافيه وجوب قطع الطريق للغير ، لأنّ
الواجب عليه في حج نفسه أفعال الحجّ وأعماله ، وقطع الطـريق ليس منها وإنّما هي مقدّمة توصلية ،
فما وجب عليه لم يقع عليه الإجارة ، وما استؤجر عليه غير ما وجب عليه .
|