ــ[58]ــ
مسألة 49 : لا يجب بالبذل إلاّ الحجّ الّذي هو وظيفة المبذول له على تقدير استطاعته ، فلو كانت
وظيفته حجّ التمتّع فبذل له حجّ القِران أو الإفراد لم يجب عليه القبول وبالعكس(1) . وكذلك الحال
لو بذل لمن حجّ حجّة الإسلام (2) . وأمّا من استقرّت عليه حجّة الإسلام وصار معسراً فبذل له
وجب عليه ذلك(3) . وكذلك من وجب عليه الحجّ لنذر أو شبهه ولم يتمكّن منه (4) .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ــــــ
(1) فإنّ البذل لا يغيّر وظيفته من قسم خاص إلى قسم آخر من الحجّ ، وإنّما البذل يحقق له
الاستطاعة . وبعبارة اُخرى : المستفاد من النصوص أنّ الاستطاعة المعتبرة في الحجّ غير منحصرة بالماليّة
بل تتحقّق بالبذل أيضاً ، فلا فرق بين المستطيع المالي والبذلي في الوظائف المقرّرة له .
(2) فإنّه لا يجب عليه القبول ، لأنّ المفروض أ نّه قد أدّى الواجب ولا يجب عليه الإتيان ثانياً .
(3) لحصول القدرة على الإمتثال بهذا البذل ، فإنّ الواجب عليه إتيان الحجّ متى قدر عليه وتمكّن
منه ولو بالقدرة العقليّة ، فإنّ حال الحجّ حينئذ حال سائر الواجبات الإلهيّة من اعتبار القدرة العقليّة
فيها ، فوجوب القبول في هذا المورد ليس لأجل أخبار البذل ، لأنّ تلك الأخبار في مقام توسعة
الاستطاعة الخاصّة المعتبرة في حجّ الإسلام ، وأمّا وجوب الحجّ على من استقرّت عليه حجّة الإسلام
فلم يعتبر فيه الاستطاعة الخاصّة المفسّرة في الرّوايات ، بل حاله حال سائر التكاليف في الإكتفاء
بالقدرة العقليّة في وجوب الإتيان بها ، والمفروض حصول القدرة في الصورة المذكورة ، ولذا لو وهب
له مال على نحو الإطلاق يجب عليه القبول ، لأ نّه يحصل له التمكّن من الامتثال والقدرة على الإتيان
فيجب عليه تفريغ ذمّته بحكم العقل .
(4) لمّا عرفت من أنّ القدرة الخاصّة المعتبرة في الحجّ المفسّرة في الرّوايات بالزاد والرّاحلة وغيرهما
إنّما تعتبر في حجّة الإسلام خاصّة ، وأمّا سائر أقسام الحجّ الواجبة فلا يعتبر فيها إلاّ القدرة العقليّة
المعتبرة في سائر الواجبات الإلهـيّة ، فمتى حصلت له
ــ[59]ــ
مسألة 50 : لو بذل له مال ليحج به فتلف المال أثناء الطريق سقط الوجوب(1) نعم ، لو كان
متمكّناً من الإستمرار في السفر من ماله وجب عليه الحجّ وأجزأه عن حجّة الإسلام (2) إلاّ أنّ
الوجوب حينئذ مشروط بالرّجوع إلى الكفاية (3) .
مسألة 51 : لايعتبر في وجوب الحجّ البذل نقداً، فلو وكّله على أن يقترض عنه ويحجّ به واقترض
وجب عليه (4) .
مسألة 52 : الظاهر أنّ ثمن الهدي على الباذل (5) فلو لم يبذله وبذل بقيّة المصارف لم يجب الحجّ
على المبذول له ، إلاّ إذا كان متمكّناً من شرائه من ماله (6)
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ــــــ
القدرة على الإمتثال ولو بالبذل أو الهبة يجب عليه القبول لتفريغ ذمّته بحكم العقل كما قلنا .
(1) لإعتبار الاستطاعة في وجوب الحجّ حدوثاً وبقاءً ، فإذا فقدت الاستطاعة في الأثناء ينكشف
عدم ثبوت الوجوب .
(2) لأنّ الميزان في وجوب الحجّ بحصول الاستطاعة ولو بالتلفيق بين ما عنده وبالبذل .
(3) لما عرفت في المسألة الخامسة والأربعين اعتبار الرّجوع إلى الكفاية في الاستطاعة الملفقة لجريان
دليل اعتباره فيها .
(4) لحصول الشرط ـ وهو الاستطاعة ـ بالإقتراض وإن لم يجب تحصيله ، نظير توقف الاستطاعة
على الكسب ، فإنّه لا يجب عليه الإكتساب لتحصيل الشرط ولكن إذا اكتسب وحصلت الاستطاعة
وجب الحجّ لحصول الشرط .
(5) لأنّ الهدي من أعمال الحجّ ، وعرض الحجّ وبذله يتحقق ببذل تمام أعماله وواجباته وإلاّ فلم
يعرض عليه الحجّ ، بل عرض بعض الحجّ فلا تشمله النصوص .
(6) إذا كان المبذول له متمكّناً من شراء الهدي ولم يبذل له الباذل وجب على المبذول له شراؤه
ويجب عليه الحجّ حينئذ ، لكفاية الاستطاعة المركبة من الاستطاعة
ــ[60]ــ
نعم ، إذا كان صرف ثمن الهدي فيه موجباً لوقوعه في الحرج لم يجب عليه القبول . وأمّا الكفّارات
فالظاهر أ نّها واجبة على المبذول له دون الباذل (1) . ــــــــــــــــــ
ــــــ
المالية والبذلية ، إلاّ إذا كان صرف ثمن الهدي فيه موجباً لوقوعه في الحرج فلم يجب عليه القبول لنفي
الحرج .
(1) لأنّ الباذل لم يلتزم بشيء من ذلك ، وإنّما صدر موجبها من المبذول له باختياره ، فلا موجب
لكونها على الباذل فإنّ الباذل تعهّد بصرف نفقات الحجّ وليست الكفّارات من أعمال الحجّ ، وهذا
من دون فرق بين الكفّارات العمديّة والخطئيّة ، فلا وجه لتوقف السيِّد في العروة في الكفّارات غير
العمديّة (1) . ــــــــــــــ
(1) العروة الوثقى 2 : 245 / 3041 .
|