ــ[66]ــ
مسألة 56: إذا بذل له مال فحجّ به ثمّ انكشف أنّه كان مغصوباً لم يجزئه عن حجّة الإسلام(1).
وللمالك أن يرجع إلى الباذل أو إلى المبذول له ، لكنّه إذا رجع إلى المبذول له رجع هو إلى الباذل إن
كان جاهلاً بالحال وإلاّ فليس له الرّجوع (2) .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ــــــ
الفقير فيعطي زكاته له ويشترط عليه بأن يبني داره ، أو يخيط ثوبه أو يصلّي عن أبيه أو اُمّه كذا مقدار
وهكذا ، وهذا معلوم البطلان ولم يلتزم به أحد من الفقهاء .
(1) لعدم صدق البذل على بذل مال غيره فالاستطاعة البذليّة غير متحققة .
وربما يقال بالإجزاء لجواز تصرّف المبذول له في المال لفرض جهله بالغصب .
وفيه : أنّ الجواز جواز ظاهري وهو لا يحقق عنوان الاستطاعة ، إذ بعد ما تبيّن أنّ المال كان مغصوباً
وأنّ البذل غير ممضى شرعاً في الواقع فلم يتحقق البذل حقيقة وإنّما كان ذلك من تخيّل البذل وهو
غير موجب للاستطاعة .
(2) أمّا جواز رجوعه إلى الباذل فواضح ، لأ نّه أتلف مال الغير واستولى عليه عدواناً ، فمقتضى
قاعدة على اليد المؤكّدة بالسيرة العقلائيّة هو الضمان من دون فرق بين كون الباذل عالماً بالغصب أو
جاهلاً به ، لعدم استناد الضمان إلى قاعدة الغرور حتّى يفرّق بين صورتي العلم والجهل ، بل إستناداً إلى
بناء العقلاء وسيرتهم القاضية بالضمان حتّى في صورة الجهل .
وأمّا جواز الرّجوع إلى المبذول له فكذلك ، لأ نّه أتلف المال بنفسه وتصرّف فيه تصرّفاً عدوانيّاً من
دون فرق بين كونه عالماً بالغصب أو جاهلاً به ، وهذا من صغريات مسألة تعاقب الأيدي على المال
المغصوب .
ولكن لو رجع المالك إلى الباذل بالبدل وأعطاه الباذل لم يكن للباذل الرّجوع إلى المبذول له ، لأنّ
الباذل بعدما أعطى البدل للمالك صار المال المغصوب ملكاً له بقاءً وخرج عن ملك مالكـه الأوّل
ببناء العقلاء لئلاّ يلزم الجمع بين البدل والمبدل ، فإذا صار المبدل ملكاً للباذل والمفروض أنّ الباذل
أسقط ضمان ماله لأ نّه سلّط المبذول له على ماله مجاناً ، ومعه ليس له الرّجوع إلى المبذول له .
ــ[67]ــ
مسألة 57 : إذا حجّ لنفسه أو عن غيره تبرّعاً أو بإجارة ، لم يكفه عن حجّة الإسلام فيجب عليه
الحجّ إذا استطاع بعد ذلك (1) .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ــــــ
وأمّا إذا رجع المالك إلى المبذول له ، فله أن يرجع إلى الباذل ، لأنّ المال بعدما غرمه المبذول له
للمالك صار ملكاً للمبذول له بقاءً ـ على ما عرفت ـ فهو مالك جديد للمال ، والمفروض أنّ
الباذل فوّت المال على المالك الجديد وهو المبذول له .
فالباذل ضامن إمّا للمالك الأوّل وهو المغصوب منه ، وإمّا للمالك الثّاني وهو المبذول له . إلاّ أ نّه
إنّما يكون له الرّجوع إلى الباذل فيما إذا كان المبذول له جاهلاً بالغصب ، وإلاّ لو كان عالماً به فلا
وجه لرجوعه إلى الباذل ، لأنّ المبذول له بعد علمه بالحال يكون بنفسه غاصباً ومتلفاً للمال ، ولم يكن
في البين غرور من ناحية الباذل ليرجع إليه ، كما لو قدم صاحب الدار الطعام المغصوب إلى الضيف
وكان الضيف عالماً بالغصب ، فإنّه لا مجال لرجوع الضيف إلى صاحب الدار إذا رجع المالك إلى
الضيف لأنّ الضيف بنفسـه يكون متلفاً لمال الغير من دون تغرير من صاحب الدار ، كما تقتضيه بناء
العقلاء وسيرتهم .
(1) إذا حجّ لنفسه تطوّعاً أو واجباً وفاءً لنذر أو لشرط في ضمن عقد لازم ونحو ذلك مع عدم
كونه مستطيعاً لا يكفيه عن حجّة الإسلام ، لاشتراط وجوب حجّة الإسلام بالاستطاعة والمفروض
فقدانها ، فلا مقتضي للقول بالإجزاء فيجب عليه الحجّ إذا استطاع بعد ذلك ، لإطلاق ما دلّ على
وجوب الحجّ إذا حصلت الاستطاعة ولا دليل على سقوطه بالحج الصادر عن غير استطاعة . ومنه
يظهر عدم إجزاء ما حجّ عن غيره تبرّعاً أو بإجارة إذا لم يكن مستطيعاً .
نعم ، وردت في خصوص الحجّ عن الغير روايات يدل على الإجزاء وعمدتها صحيحتان لمعاوية بن
عمار ، الاُولى : «عن رجل حجّ عن غيره يجزئه عن حجّـة الإسلام ؟ قال : نعم»(1) ، الثّانية : «
حجّ الصّرورة يجزئ عنه وعمّن حجّ عنه» (2)
ــــــــــــــــــــــــــــ
(1) ، (2) الوسائل 11 : 56 / أبواب وجوب الحجّ ب 21 ح 4 ، 2 .
|