ــ[92]ــ
وكذلك إن أوصى بها ولم يقيّدها بالثلث (1) وإن قيّدها بالثلث ، فإن وفى الثلث بها وجب إخراجها
منه (2) وتقدّم على سائر الوصايا (3) .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ــــــ
مضافاً إلى أ نّه لا ينبغي الرّيب في تقدّم تلك الأخبار لكثرتها وشهرتها بل للقطع بصدور بعضها ، فلا
بدّ من طرح هذه الصحيحة أو تأويلها .
(1) فإنّها تخرج من صلب المال ، لأ نّها بمنزلة الدّين وقد دلّت على ذلك عدّة من الأخبار ، منها
صحيح معاوية بن عمار «عن رجل مات فأوصى أن يحجّ عنه قال : إن كان صرورة فمن جميع المال»
(1) .
(2) لوجوب تنفيذ الوصيّة .
(3) لو عيّن مصرف ثلثه وأوصى بصرفه في الحجّ وفي اُمور اُخرى ، فإن وفى الثلث بالجميع فلا
كلام ، وإن لم يف فهل يوزّع المال بينها بالسوية ، أو يخرج الحجّ أوّلاً فإن بقي شيء صرفه في البقيّة ؟
.
الظاهر هو الثّاني ، وتدل عليه جملة من الرّوايات المعتبرة .
منها : صحيحة معاوية بن عمّار «إنّ امرأة من أهلي ماتت وأوصت إليّ بثلث مالها وأمرت أن يعتق
عنها ويحجّ عنها ويتصدّق ، فنظرت فيه فلم يبلغ ، فقال : ابدأ بالحج فإنّه فريضة من فرائض الله عزّ
وجلّ ، واجعل ما بقي طائفة في العتق ، وطائفة في الصدقة» (2) .
ومنها : صحيحة اُخرى له «في امرأة أوصت بمال في عتق وحج وصدقة فلم يبلغ قال : ابدأ بالحج
فإنّه مفروض ، فإن بقي شيء فاجعل في الصدقة طائفة وفي العتق طائفة»(3) ونحوهما غيرهما .
ــــــــــــــــــــــــــــ
(1) الوسائل 11 : 66 / أبواب وجوب الحجّ ب 25 ح 1 .
(2) الوسائل 19 : 397 / أبواب الوصايا ب 65 ح 1 .
(3) الوسائل 19 : 397 / أبواب الوصايا ب 65 ح2 ، 11 : 76 / أبواب وجوب الحجّ ب
30 ح1.
ــ[93]ــ
وإن لم يف الثلث بها لزم تتميمه من الأصل (1) .
مسألة 74 : من مات وعليه حجّة الإسلام وكان له عند شخص وديعة واحتمل أنّ الورثة لا
يؤدّونها إنّ ردّ المال إليهم وجب عليه أن يحجّ بها عنه (2) . فإذا زاد المال من اُجرة الحجّ ردّ الزائد إلى
الورثة (3) . ولا فرق بين أن يحجّ الودعي بنفسه أو يستأجر شخصاً آخر(4) . ويلحق بالوديعة كل
مال للميت عند شخص بعارية أو إجارة أو غصب أو دين أو غير ذلك (5) .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ــــــ
(1) لرجوع ذلك في الحقيقة إلى أ نّه لم يوص بالحج ، وقد عرفت وجوب إخراج الحجّ من الأصل
وإن لم يوص .
(2) ويدل على ذلك صحيح بريد العجلي عن أبي عبدالله (عليه السلام) قال : «سألته عن رجل
استودعني مالاً وهلك وليس لولده شيء، ولم يحجّ حجّة الإسلام قال: حجّ عنه وما فضل فأعطهم»(1)
والظاهر أنّ المسألة غير خلافية في الجملة .
إنّما الكلام في أنّ الأصحاب قيّدوا جواز إخراج الحجّ بعلم المستودع أو ظنّه أنّ الورثة لا يؤدّون
وإلاّ وجب استئذانهم ، ولكن الظاهر أ نّه لا موجب لهذا التقييد ، لأنّ الصحيحة مطلقة تشمل حتّى
صورة احتمال تأدية الوارث الحجّ . نعم ، لو علم بأنّ الوارث يؤدّي الحجّ فالرواية منصرفة عن هذه
الصورة .
(3) لوجوب ردّ المال وإيصاله إلى أصحابه ، وتدل عليه أيضاً نفس الصحيحة المتقدّمة الآمرة بالرد .
(4) لأنّ المستفاد من النص حسب الفهم العرفي هو أنّ الغرض تفريغ ذمّة الميِّت سواء كان بمباشرته
أو بتسبيب منه .
(5) إذ لا خصوصيّة للوديعة ، لأنّ العرف يفهم من جواز صرف المستودَع مال الوديعة في الحجّ ،
أنّ المقصود وجود مال عند شخص يعلم بأنّ صاحبه لم يحجّ ، سواء كان المال الموجود عنده على نحو
الوديعة أو غيرها .
ــــــــــــــــــــــــــــ
(1) الوسائل 11 : 183 / أبواب النيابة في الحجّ ب 13 ح 1 .
|