مسألة 79 : من مات وعليه حجّة الإسلام تجب المبادرة إلى الاستئجار عنه في سنة موته (2) فلو لم
يمكن الإستئجار في تلك السنة من الميقات لزم الاستئجار من البلد ، ويخرج بدل الإيجار من الأصل،
ولا يجوز التأخير إلى السنة القادمة ولو مع العلم بإمكان الاستئجار فيها من الميقات (3) .
ـــــــــــــــــــــــــــــ (2) والوجه في ذلك : أنّ المال بمقدار مصرف الحجّ باق على ملك الميّت ولم ينتقل إلى الورثة ، فهو
أمانة عندهم ولا يجوز لهم التصرّف فيه إلاّ فيما يعود إلى الميّت وهو الحجّ ، وكذا لا يجوز إبقاء المال
عندهم إلى السنة الاُخرى ، لأنّ ذلك أيضاً تصرّف غير جائز ويحتاج إلى دليل وهو مفقود ، فالتخلّص
من ذلك يقتضي المبادرة إلى الاستئجار وعدم التأخير إلى السنة اللاّحقة .
(3) لما عرفت أنّ مصرف الحجّ باق على ملك الميّت فيجب صرفه في الحجّ ولو استلزم زيادة الاُجرة
، وليس للورثة أن يؤخروا الحجّ في هذا الفرض توفيراً على الورثة حتّى مع العلم بإمكان الاستئجار من
الميقات في السنة اللاّحقة ، فحينئذ يجب الاستئجار من البلد ويخرج بدل الايجار من الأصل ، وهذا كلّه
من آثار لزوم المبادرة والفوريّة .
وربّما يقال بأنّ ذلك ضرر على الورثة فيرتفع بالحديث ، والجواب عنه واضح لأنّ المال لم ينتقل
إليهم فكيف يتوجّه الضرر إليهم ، نعم يستلزم ذلك تفويت منفعة لهم ولا بأس به ، إذ لا دليل على
عدم جواز تفويت المنفعة عن الغير .
ــ[100]ــ
مسألة 80 : من مات وعليه حجّة الإسلام إذا لم يوجد من يستأجر عنه إلاّ بأكثر من اُجرة المثل
يجب الاستئجار عنه ويخرج من الأصل ، ولا يجوز التأخير إلى السنة القادمة توفيراً على الورثة وإن كان
فيهم الصغار (1) .
مسألة 81 : من مات وأقرّ بعض ورثته بأنّ عليه حجّة الإسلام وأنكره الآخرون ، فالظاهر أ نّه يجب
على المقر الاستئجار للحج ولو بدفع تمام مصرف الحجّ من حصّته، غاية الأمر أنّ له إقامة الدعوى على
المنكرين ومطالبتهم بحصّته من بقيّة التركة (2) . ويجري هذا الحكم في الإقرار بالدين أيضاً (3) .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ــــــ
(1) لأنّ مصرف الحجّ لم ينتقل إلى الورثة فلا موجب لملاحظة الصغار ، بل لا بدّ من صرفه في الحجّ
فوراً كما عرفت في المسألة السابقة .
(2) لأنّ ثبوت مصارف الحجّ في التركة كالدّين على نحو الكلّي في المعيّن ، فيجب على الوارث
المعترف إخراج جميع مصارف الحجّ من حصّته بمقتضى إقراره ، ولو كانت مصارف الحجّ بمقدار ما
ورثه لحصّته ، إذ لا إرث قبل أداء الدّين .
نعم ، له مطالبة بقيّة الوراث ما ورثه بحصّته من بقيّة التركة ، لأنّ المال مشترك بينهما فيأخذ الباقي
منهم مقاصة إن كانوا جاحدين ، وإلاّ فيقيم الدعوى عليهم .
(3) قد ظهر وجه ذلك ممّا ذكرناه في كيفيّة إخراج مصارف الحجّ ، وحاصله : أنّ المستفاد من
الكتاب والسنّة تأخّر مرتبة الإرث عن الدّين والوصيّة ، ويستفاد منهما أيضاً أنّ ثبوت الدّين في التركة
على نحو الكلّي في المعيّن لا على نحو الإشاعة ، ولذا لو تلف بعض المال بعد موت المورث لزم إخراج
الدّين كاملاً من بقيّة المال ولا ينقص من الدّين شيء ، وهذا شاهد قطعي على أنّ الدّين بالنسبة إلى
التركة كالكلّي في المعيّن لا على نحو الإشاعة ، إذ لو كان على نحو الإشاعة لزم توزيع التالف على
الدّين وبقيّة المال ولم يقل به أحد .
فإذا كانت نسبة الدّين إلى التركة نسبة الكلِّي في المعين ، فإذا اعترف بعض الورثة بالدّين وأنكره
الآخر أو لم يعترف به أخذ المنكر نصف التركة ، وكذلك المقر يأخذ النصف الآخر ولكن يجب عليه أن
يعطي تمام الدّين حسب اعترافه ويكون الباقي له
ــ[101]ــ
نعم ، إذا لم يف تمام حصّته بمصرف الحجّ لم يجب عليه الاستئجار بتتميمه من ماله الشخصي(1). ـــــــــــــــــــ
ــــــ
ويكون شريكاً مع المنكر في النصف الّذي أخذه المنكر ، فإن كان المنكر جاحداً يجوز للمعترف أن يأخذ
بقيّة حصّته منه مقاصة ، وإن كان جاهلاً يقيم عليه الدعوى عند الحاكم ، هذا ما تقتضيه القاعدة .
مضافاً إلى ما دلّ عليه موثقة إسحاق بن عمّار «في رجل مات فأقرّ بعض ورثته لرجل بدين، قال:
يلزم ذلك في حصّته»(1) وظاهرها ثبوت الدّين بتمامه في حصّة المقر.
وربّما يتوهّم معارضته بخبر أبي البختري قال : «قضى علي (عليه السلام) في رجل مات وترك ورثة
فأقرّ أحد الورثة بدين على أبيه ، أ نّه يلزم ذلك في حصّته بقدر ما ورث ولا يكون ذلك في ماله كلّه
ـ إلى أن قال ـ وكذلك إن أقرّ بعض الورثة بأخ أو اُخت إنّما يلزمه في حصّته» (2) بدعوى أنّ
المستفاد منه توزيع الدّين .
ولكن الرّواية ضعيفة سنداً بأبي البختري الّذي قيل في حقّه إنّه من أكذب البريّة . ودلالة ، لإحتمال
أن يكون المراد من العبارة عدم التتميم من ماله الشخصي ، وأ نّه يلزم على المعترف دفع الدّين من
حصّته ولا يلزم عليه دفعه من سائر أمواله الشخصيّة الّتي لم يرثها من المورث .
(1) إذ لا موجب ولا دليل على تتميم مال الإجارة من ماله الشخصي فيسقط وجوب الاستئجار
حينئذ . ــــــــــــــــــــــــــــ
(1) الوسائل 19 : 324 / أبواب الوصايا ب 26 ح 3 .
(2) الوسائل 19 : 325 / أبواب الوصايا ب 26 ح 5 .
|