ــ[141]ــ
مسألة 126 : لا بأس بنيابة شخص عن جماعة في الحجّ المندوب (1) .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ــــــ
قد ضاق وصار عاجزاً عن إتيان حجّ التمتّع ، فهل يتعيّن عليه العدول إلى حج الإفراد أو لا ؟ وعلى
فرض العدول هل تفرغ ذمّة المنوب عنه أولاً ؟ وعلى فرض القول بفراغ ذمّته هل يستحق الأجير
الاُجرة المسمّاة أم لا ؟ فيقع البحث في موارد ثلاثة .
أمّا الأوّل : ففيه وجهان ، من إطلاق أخبار العدول(1) وعدم اختصاصها بالحج عن نفسه ، ومن
انصرافها إلى الحاج عن نفسه .
والظاهر هو إطلاق الأخبار ، لعدم قصور بعض أخبار العدول للمقام ، فدعوى الإنصراف في
مجموع الرّوايات إلى الحاج عن نفسه ممنوعة .
وأمّا الثّاني : وهو فراغ ذمّة الميّت بما أتى به الأجير فلا ينبغي الرّيب فيه ، لأ نّه بعد الإلتزام بإطلاق
الأخبار وشموله للحج النيابي فما يأتي به النائب بدل عمّا في ذمّة المنوب عنه بحكم الشارع ، فلا وجه
لعدم الإجزاء .
وأمّا الثّالث : وهو استحقاق الأجير الاُجرة المسمّاة ، فيجري فيه التفصيل المتقدِّم من أ نّه لو كان
أجيراً على تفريغ ذمّة الميّت استحقّ الاُجرة المسمّاة لتسليم العمل المستأجر عليه ، وإن كان أجيراً على
الأعمال فلا يستحق الاُجرة المسمّاة، لعدم تسليم تمام العمل المستأجر عليه ، فلا بدّ من تقسيط الاُجرة
بالنسبة إلى الأعمال .
(1) للنصوص الكثيرة ، منها : صحيح محمّد بن إسماعيل قال : «سألت أبا الحسن (عليه السلام)
كم اُشرك في حجّتي ، قال : كم شئت» (2) .
وربما يتوهّم أنّ مورد الأخبار هو الحجّ الصادر عن نفسه لقوله : «وكم اُشرك في حجّتي» أو قوله :
«ويشرك في حجّته» وأمّا إذا كان الحجّ الصادر منه حجّاً عن الغير نيابة فلا تدل الأخبار على جواز
اشراك الغير في هذا الحجّ .
وهذا التوهّم وإن كان في نفسه غير بعيد ، إلاّ أنّ التأمّل في الأخبار يقتضي جواز
ــــــــــــــــــــــــــــ
(1) الوسائل 11 : 296 / أبواب أقسام الحجّ ب 21 .
(2) الوسائل 11 : 202 / أبواب نيابة الحجّ ب 28 ح 1 .
ــ[142]ــ
وأمّا الحجّ الواجب فلا يجوز فيه نيابة الواحد عن اثنين وما زاد (1) . إلاّ إذا كان وجوبه عليهما أو
عليهم على نحو الشركة ، كما إذا نذر شخصان أن يشترك كلّ منهما مع الآخر في الاستئجار في الحجّ
فحينئذ يجوز لهما أن يستأجرا شخصاً واحداً للنيابة عنهما (2) .
مسألة 127 : لا بأس بنيابة جماعة في عام واحد عن شخص واحد ميّت أو حي ، تبرّعاً أو بالإجارة
فيما إذا كان الحجّ مندوباً (3) . وكذلك في الحجّ الواجب فيما إذا كان متعدِّداً ، كما إذا كان على
الميّت أو الحي حجّان واجبان بنذر مثلاً أو كان
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ــــــ
التشريك مطلقاً ولو كان الحجّ عن الغير ، لأ نّه بعد الالتزام بمشروعيّة النيابة في نفسها وجواز
التشريك ورجحانه لا تحتمل الاختصاص بالحج عن نفسه .
مضافاً إلى أنّ المراد بقوله : «حجّتي» أو «حجّته» هو الحجّ الصادر منه ولو كان عن الغير .
(1) في عام واحد ، لأنّ الحجّ واجب على جميع المكلّفين مستقلاًّ فيلزم أن يكون حجّ النائب مثله
على نحو الاستقلال ، فالعمل الواحد لا يقع إلاّ عن واحد ، ووقوعه عن إثنين وما زاد يحتاج إلى الدليل
وهو مفقود .
وبعبارة اُخرى : أنّ النيابة في نفسها على خلاف القاعدة ، لعدم سقوط الواجب عن المكلّف إلاّ
بقيام المكلّف بنفسه بالواجب ، وأقصى ما تدل عليه أدلّة النيابة وقوع العمل الواحد عن الواحد ،
وأمّا وقوعه عن إثنين فلا تقتضيه أدلّة النيابة .
(2) لأنّ الوجوب إذا كان ثابتاً عليهما على نحو التشريك لا الاستقلال كما هو المفروض ، فلا مانع
من نيابة الواحد عن إثنين وما زاد .
(3) لإطلاق أدلّة النيـابة ، ولخصوص بعض الرّوايات (1) الدالّة على أنّ الرضا (عليه السلام)
استأجر ثلاثة أشخاص للحج عن نفسه .
ــــــــــــــــــــــــــــ
(1) الوسائل 11 : 208 / أبواب نيابة الحجّ ب 34 ح 1 .
ــ[143]ــ
أحدهما حجّة الإسلام وكان الآخر واجباً بالنذر ، فيجوز حينئذ استئجار شخصين أحدهما لواجب
والآخر لآخر ، وكذلك يجوز استئجار شخصين عن واحد أحدهما للحج الواجب والآخر
للمندوب(1) بل لا يبعد استئجار شخصين لواجب واحد كحجّة الإسلام من باب الاحتياط ،
لاحتمال نقصان حج أحدهما (2) . ــــــــــــــــ
ــــــ
(1) لإطلاق أدلّة النيابة الشاملة لجميع هذه الصور ، ومقتضاه جواز التعدّد في عام واحد ولو كان
أحدهما أسبق زماناً من الآخر ، لعدم الدليل على لزوم الترتيب .
(2) إذ لا مانع من تعدد النائب ، ومقتضى إطلاق أدلّة النيابة جوازه ، كما هو الحال في بقيّة
العبادات كالصّلاة والصّيام ، فيستنيب شخصين لأداء الصلاة رجاءً واحتياطاً لإحتمال بطلان أحدهما ،
فكل من العملين مشروع يحتمل كونه مأموراً به تجوز الاستنابة فيه .
|