ــ[150]ــ
وعليه فلا تجب على الأجير للحج بعد فراغه من عمل النيابة وإن كان مستطيعاً من الإتيان بالعمرة
المفردة ، لكن الإتيان بها أحوط (1)
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ــــــ
أبي جعفر (عليه السلام) في حديث قال : «العمرة واجبة على الخلق بمنزلة الحجّ» (1) ومثلها صحيحة
معاوية بن عمار (2) .
كما لا ريب في أنّ وجوبها فوري على من استطاع إليها ، لأ نّها بمنزلة الحجّ فتكون محكومة بحكم
الحجّ .
ولا يخفى أنّ مقتضى الآية الكريمة والنصوص أنّ كُلاً من الحجّ والعمرة واجب مستقل لا يرتبط
أحدهما بالآخر ، فيمكن الإتيان بأحدهما في عام وبالآخر في عام آخر ، فإذا استطاع لها ولم يستطع
للحج وجبت عليه . نعم ، في خصوص عمرة التمتّع قد ثبت ارتباطها بالحج .
(1) وقع الكلام بين الأعلام في أ نّه هل تجب العمرة المفردة مستقلاًّ على من كانت وظيفته حج
التمتّع إذا استطاع للعمرة المفردة ولم يكن مستطيعاً للحج ، فلو استطاع للعمرة في شهر رجب مثلاً
وفرضنا أ نّه لم يستطع للحج فهل يجب عليه الإتيان بالعمرة أم لا ؟ .
المشهور عدم الوجوب بل أرسله بعضهم إرسال المسلمات ، وعليه فلا تجب العمرة المفردة على
النائب في سنة النيابة بعد فراغه من عمل النيابة وإن كان مستطعياً للعمرة حينئذ من مكّة .
وما ذهب إليه المشهور هو الصحيح لوجوه ثلاثة :
الوجه الأوّل : أنّ أدلّة وجوب العمرة لا إطلاق لها يشمل المقام ، لأنّ تلك الأدلّة في مقام بيان
أصل تشريع العمرة ، وأنّ طبيعي العمرة واجب على جميع المكلّفين كوجوب الحجّ .
ــــــــــــــــــــــــــــ
(1) الوسائل 14 : 295 / أبواب العمرة ب 1 ح 2 .
(2) الوسائل 14 : 297 / أبواب العمرة ب 1 ح 8 .
ــ[151]ــ
ولكن الأخبار مجملة من حيث بيان الخصوصيّات وأفراد العمرة ، إلاّ أ نّا قد عرفنا من الخارج أنّ
عمرة التمتّع واجبة على من بعد عن مكّة بمقدار معيّن ، والمفردة واجبة على القريب من مكّة الّذي
وظيفته حج الإفراد أو القِران ، فلا إطلاق للأدلّة على وجوب العمرة المفردة بخصوصها وبعنوانها على
جميع المكلّفين حتّى يتمسّك به ، ومع الشك في الوجوب فالمرجع أصالة البراءة .
الوجه الثّاني : أ نّه لو فرضنا إطلاق أدلّة وجوب العمرة وشموله للبعيد والقريب وأغمضنا عمّا
ذكرنا ، إلاّ أ نّه لا بدّ من رفع اليد عن الإطلاق للأخبار الدالّة على أنّ العمرة مرتبطة بالحج إلى يوم
القيامة ، ولازم ذلك عدم وجوب العمرة مسـتقلاًّ على المكلّفين ، وإنّما تجب منضمة ومرتبطة بالحج ،
وهذه ليست إلاّ عمرة التمتّع .
نعم ، قد خرج عن ذلك القريب من مكّة الّذي وظيفته حج الإفراد والقِران ، فإنّ الواجب عليه
العمرة المفردة الّتي لا ترتبط بالحج ، ففي كلّ مورد ثبت وجوب العمرة مستقلاًّ فهو وإلاّ فلا تجب إلاّ
المرتبطة بالحج وهي عمرة التمتّع .
ومن الأخبار الدالّة على ما ذكرنا صحيح الحلبي قال «دخلت العمرة في الحجّ إلى يوم القيامة» ونحوه
صحيح آخر له (1) .
نعم ، العمرة المستحبّة غير مرتبطة ويستحب الإتيان بها مستقلاًّ من البعيد والقريب في أيّ وقت شاء
كما في النصوص (2) .
الوجه الثّالث : استمرار السيرة القطعيّة على عدم إيجاب الإتيان بالعمرة المفردة على البعيد ، بل لم
يتعارف إتيانها من المسلمين حتّى من النائب الّذي يتمكّن من ذلك في سنة النيابة ، وأ نّه لو كان ذلك
واجباً لكان من الواضـحات لكثرة الإبتلاء بذلك مع أ نّه لم يعرف القول بالوجوب بها .
ــــــــــــــــــــــــــــ
(1) الوسائل 11 : 240 / أبواب أقسام الحجّ ب 3 ح 2 ، 14 : 307 / أبواب العمرة ب 5
ح 7 .
(2) الوسائل 14 : 298 / أبواب العمرة ب 2 ، 3 .
ــ[152]ــ
وأمّا من أتى بحج التمتّع فلا يجب عليه الإتيان بالعمرة المفردة جزماً (1) . ـــــــــــــــــــ
ــــــ
(1) بلا خلاف ولا إشكال للنصوص الكثيرة ، وقد عقد في الوسائل باباً لذلك ، ففي صحيحة
معاوية بن عمار «فمن تمتع بالعمرة إلى الحجّ أيجزئ عنه ذلك ؟ قال : نعم» (1) . ـــــــــــــــ
(1) الوسائل 14 : 305 / أبواب العمرة ب 5 ح 2 .
|