ــ[212]ــ
سادساً : لا يجوز بعد إحرام حجّ التمتّع الطّواف المندوب على الأحوط الوجوبي ويجوز ذلك في
حجّ الإفراد (1) .
مسألة 159 : إذا أحرم لحج الإفراد ندباً جاز له أن يعدل إلى عمرة التمتّع ، إلاّ فيما إذا لبى بعد
السعي فليس له العدول حينئذ إلى التمتّع (2) .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ــــــ
(1) أمّا حكم الطّواف المندوب بعد إحرام حجّ التمتّع فنذكره في المسألة 364 .
وأمّا جواز الطّواف المندوب للمفرد إذا دخل مكّة قبل الإتيان بأعمال الحجّ فالظاهر أ نّه لا خلاف
فيه ، ويدل عليه من الأخبار ما دلّ على رجحان الطّواف في كلّ زمان(1) ولا منع في البين ، فمقتضى
الأصل هو الجواز ولا معارض له ، والمنع إنّما يختص بإحرام حجّ التمتّع . واستدلّ على ذلك في
الحدائق (2) بحسنة معاوية بن عمار قال : «سألته عن المفرد للحج هل يطوف بالبيت بعد طواف
الفريضة ؟ قال : نعم ، ما شاء» (3) فتأمّل .
(2) لا خلاف بين العلماء في أ نّه يجوز لمفرد الحجّ الّذي تجوز له المتعة إذا دخل مكّة أن يعدل إلى
التمتّع اختياراً ، وقد ادّعي عليه الإجماع ، وتدل عليه عدّة من النصوص ادّعى صاحب الجواهر(4)
تظافرها أو تواترها .
منها : صحيحة معاوية بن عمار ، قال : «سألت أبا عبدالله (عليه السلام) عن رجل لبى بالحج مفرداً
، ثمّ دخل مكّة وطاف بالبيت وسعى بين الصفا والمروة ، قال : فليحل وليجعلها متعة ، إلاّ أن يكون
ساق الهدي فلا يستطيع أن يحل حتّى يبلغ الهدي محلِّه» (5) .
ــــــــــــــــــــــــــــ
(1) الوسائل 13 : 302 / أبواب الطّواف ب 2 .
(2) الحدائق 14 : 376 .
(3) الوسائل 11 : 286 / أبواب أقسام الحجّ ب 16 ح 2 .
(4) الجواهر 18 : 71 .
(5) الوسائل 12 : 352 / أبواب الإحرام ب 22 ح 5 .
ــ[213]ــ
واستدلّ صاحب الجواهر (1) بأخبار حجّة الوداع الّتي أمر النّبيّ (صلّى الله عليه وآله وسلّم) فيها
من لم يسق هدياً من أصحابه بذلك حتّى قال (صلّى الله عليه وآله وسلّم) : «أ نّه لو استقبلت من
أمري ما استدبرت لم أسق هدياً» (2) .
وربما يشكل على هذا الاستدلال بأنّ الظاهر منها أنّ هذا العدول على سبيل الوجوب ، حيث إنّه
نزل جبرئيل (عليه السلام) بوجوب التمتّع على أهل الآفاق وكلامنا في من تجوز له المتعة والإفراد .
والجواب : أنّ أمره (صلّى الله عليه وآله وسلّم) جميع أصحابه بذلك مع القطع بأنّ منهم من أدّى
حجّة الإسلام الّذي يجوز له الأنواع الثلاثة من الحجّ ، أوضح شيء في الدلالة على المطلوب ، ولا
ينافيه شموله لمن وجب عليه الحجّ كأكثر الأصحاب الّذين كانوا معه (صلّى الله عليه وآله وسلّم) .
وعلى كلّ حال لا إشكال ولا خلاف في أصل جواز العدول ، فما عن أبي علي من اشتراط العدول
بالجهل بوجوب العمرة (3) لا شاهد له أصلاً .
نعم ، يشترط العدول بعدم وقوع التلبية بعد طوافه وسعيه لموثق إسحاق بن عمار قال «قلت لأبي
عبدالله (عليه السلام) : رجل يفرد الحجّ فيطوف بالبيت ويسعى بين الصفا والمروة ، ثمّ يبدو له أن
يجعلها عمرة ، قال : إن كان لبى بعد ما سعى قبل أن يقصّر فلا متعة له» (4) .
والرّواية معتبرة واضحة الدلالة وعمل بها بعضهم ، فلا موجب لرفع اليد عنها أو حملها على غير
ظاهرها .
ــــــــــــــــــــــــــــ
(1) الجواهر 18 : 71 .
(2) الوسائل 11 : 213 / أبواب أقسام الحجّ ب 2 ح 4 ، 14 والظاهر أنّ ما في الكتاب منقول
بالمعنى .
(3) نقله عنه في الدروس 1 : 333 .
(4) الوسائل 11 : 290 / أبواب أقسام الحجّ ب 19 ح 1 .
ــ[214]ــ
مسألة 160 : إذا أحرم لحج الإفراد ودخل مكّة جاز له أن يطوف بالبيت ندباً ، ولكن يجب عليه
التلبية بعد الفراغ من صلاة الطّواف على الأحوط (1) . ـــــــــــــــــــ
ــــــ
(1) قد عرفت أنّ من جملة ما امتاز به حجّ الإفراد عن حجّ التمتّع عدم جواز إتيان الطّواف المندوب
بعد إحرام حجّ التمتّع وجوازه بعد الإحرام لحج الإفراد ، ولكن يجب عليه التلبية بعد الفراغ من صلاة
الطّواف المندوب ، وتدل عليه حسنة معاوية بن عمار المتقدّمة قال : «سألته عن المفرد للحج هل
يطوف بالبيت بعد طواف الفريضة ؟ قال : نعم ما شاء ويجدد التلبية بعد الرّكعتين ، والقارن بتلك
المنزلة ، يعقدان ما أحلاّ من الطّواف بالتلبية» (1) .
ولا يخفى أ نّها تدل على وجوب التلبية في بعض صور المسألة ، وهو ما لو طاف الطّواف المندوب
بعد طواف الفريضة ، وكلامنا في جواز إتيان الطّواف المندوب بعد إحرام حجّ الإفراد وإن لم يطف
طواف الفريضة ، ولذا قال صاحب الجواهر لا بأس بالاستدلال بهذه الرّواية وإن كان خاصّاً ببعض
صور المدّعى(2) .
على أ نّه حكي الإجماع على العدم ، فالإحتياط المذكور في المتن في محلِّه . ــــــــــــــــــــــــــــ
(1) الوسائل 11 : 256 / أبواب أقسام الحجّ ب 16 ح 2 .
(2) الجواهر 18 : 58 .
|