ــ[301]ــ
مسألة 203: فراخ هذه الأقسام الثّلاثة من الحيوانات البرّية والبحرية والأهلية وبيضها، تابعة
للاُصول في حكمها(1) .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ــــــ
العصير فجعله خمراً ليس إلاّ من باب التنزيل ، وأمّا في المقام فلا موجب للالتزام بذلك ولا قرينة عليه ،
ولا مانع من حكم الشارع عليه بالميتة ، وليس في شيء من الرّوايات أ نّه كالميتة بل ورد أ نّه ميتة ،
وأيّ مانع من الالتزام بكونه ميتة حسب حكم الشارع كالمذبوح إلى غير القبلة أو بغير الحديد ، ولذا
ذكرنا في محلِّه(1) أنّ المراد من الميتة أعم ممّا مات حنف أنفه ، أو ذبح على غير الوجه الشرعي فيثبت
جميع آثار الميتة .
ومن الغريب ما استدلّ به بعضهم على عدم جريان آثار الميتة عليه بل يحكم عليه بالطهارة ، وهو
صحيح ابن مهزيار قال : «سألت الرّجل (عليه السلام) عن المحرم يشرب الماء من قربة أو سقاء اتّخذ
من جلود الصّيد هل يجوز ذلك أم لا ؟ ، فقال : يشرب من جلودها»(2) فإنّ جواز الشرب يكشف
عن الطّهارة .
ولا يخفى ما فيه : فإنّ كلامنا في مذبوح المحرم ، ومورد الرّواية هو الصّيد ، وربّما يصيد المحرم في
الحل ولا يموت فيذبحه المحل ، فمورد الرّواية أجنبيّة عن المقام .
(1) لا ريب في حلية بيض السمك ، وكذا بيض الطير الأهلي فإن حليتهما تستلزم حلية بيضهما ،
وأمّا الحيوان البرّي الّذي يحرم صيده فهل يحرم بيضه وفرخه تبعاً للأصل أم لا ؟ .
المعروف بل المتسالم عندهم هو الحرمة كالأصل أكلاً وإتلافاً مباشرة ودلالة وإعانة .
ولكن وقع الكلام في دليله ، والظاهر أ نّه لا دليل عليه إلاّ بالأولويّة حيث ثبتت الكفّارة في كسر
البيض وقتل الفرخ ، بل ورد ثبوت الكفّارة على الواسطة الّذي
ــــــــــــــــــــــــــــ
(1) في شرح العروة 2 : 447 المسألة [ 169 ] .
(2) الوسائل 12 : 430 / أبواب تروك الإحرام ب 9 ح 1 .
ــ[302]ــ
مسألة 204 : لا يجوز للمحرم قتل السباع إلاّ فيما إذا خيف منها على النفس وكذلك إذا آذت
حمام الحرم . ولا كفّارة في قتل السباع حتّى الأسد على الأظهر بلا فرق بين ما جاز قتلها وما لم يجز
(1) .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ــــــ
يشتري البيض للمحرم (1) ، فإنّ ذلك يكشف عن عظمة الأمر وشدّة الحرمة ولا سيما ذكر الفراخ
والبيض في عداد نفس الحيوان ، فإن جعلهما في عداد الحيوان يكشف عن ثبوت الحرمة لهما أيضاً(2).
ولو فرضنا قصور الكفّارة عن ثبوت الحرمة بالأولويّة المذكورة ، إلاّ أنّ كثرة الابتلاء بكسر البيض
وقتل الفراخ بواسطة وطء البعير ونحوه أو وطء نفس المحرم للحجاج في الأسفار السابقة الّتي كانت
الدواب مع التسالم على الحرمة ، توجب القطع بأخذ الحكم من المعصومين (عليهم السلام) ولو كان
جائزاً لظهر وبان .
(1) لا خلاف في حرمة قتل السباع إلاّ إذا خيف منها ، وهل هنا كفارة أم لا ؟ الظاهر أ نّه لا
كفارة في قتل السباع ماشية كانت أو طائرة إلاّ الأسد ، بل ادّعي الإجماع على عدم الكفّارة في مطلق
محرم الأكل وإن لم يكن من السباع .
فيقع الكلام في مقامين : أحدهما : في الحكم التكليفي . ثانيهما : في الحكم الوضعي .
أمّا الأوّل : فالّذي يدل على حرمة قتل السباع صحيح معاوية بن عمار الّتي تقدمت غير مرّة «اتّق
قتل الدواب كلّها إلاّ الأفعى ... » (3) .
هذا إذا لم يخف منها على نفسه وإلاّ فيجوز قتلها ، واستدلّ لذلك بخبر حريز قال : «كلّ ما يخاف
المحرم على نفسه من السباع والحيات وغيرها فليقتله ، وإن لم يردك فلا ترده» (4) . فإنّه صريح في
جواز القتل فيما إذا يخاف المحرم على نفسه ، وعلى عدم الجواز
ــــــــــــــــــــــــــــ
(1) الوسائل 13 : 56 / أبواب كفارات الصّيد ب 24 ح 5 .
(2) الوسائل 13 : 25 / أبواب كفارات الصّيد ب 10 .
(3) الوسائل 12 : 545 / أبواب تروك الإحرام ب 81 ح 2 .
(4) الوسائل 12 : 544 / أبواب تروك الإحرام ب 81 ح 1 .
ــ[303]ــ
فيما إذا لم يخف منها على نفسه ولم ترده السباع والحيات ، إنّما الكلام في سنده والظاهر أ نّه مرسل ،
لأنّ الكليني يرويه عن حريز عمّن أخبره (1) ، والشيخ يرويه عن حريز عن الصادق(2) (عليه
السلام) وقد ذكرنا غير مرّة أ نّه من البعيد جدّاً أنّ حريزاً يروي لحماد تارة مسنداً إلى الإمام واُخرى
مرسلاً ، فالرواية مترددة بين كونها مرسلة أو مسندة ، ولا ريب أنّ الكليني أضبط من الشيخ ، فالتعبير
عنه بالصحيح كما في الجواهر(3) والحدائق(4) في غير محلِّه .
فالصحيح أن يستدل بصحيح عبدالرّحمن العرزمي ، عن أبي عبدالله عن أبيه عن علي (عليهم
السلام) قال : «يقتل المحرم كلّما خشيه على نفسه» (5) .
وأمّا الثّاني : وهو الحكم الوضعي وأ نّه هل تثبت الكفّارة في قتل السباع أم لا ؟ ادّعي الإجماع على
أ نّه لا كفارة في قتل السباع سواء قيل بجواز القتل أم لا ، كما إذا قتل النمر الّذي لم يخف منه ولم يرده
، لعدم الدليل على الكفّارة ، وأمّا قوله تعالى : (... وَمَن قَتَلَهُ مِنكُم مُتَعَمِّدَاً فَجَزَاءٌ مِثْلُ مَا قَتَلَ مِنَ
النَّعَمِ ...)(6) فخاص بالحيوانات الّتي لها مماثل كالنعامة ، ومثلها البدنة والظبي ، ومثلها المعز والشاة
وبقر الوحش ، ومثلها البقرة الأهليّة وسيأتي بيان ذلك في محلِّه .
هذا كلّه في غير الأسد ، وأمّا الأسد ففيه خلاف ، فذهب بعضهم إلى ثبوت الكفّارة فيه واستدلّ بما
رواه الكليني عن داود بن أبي يزيد العطّار ، عن أبي سعيد المكاري قال : «قلت : لأبي عبدالله (عليه
السلام) رجل قتل أسداً في الحرم قال : عليه كبش يذبحه» (7) .
ــــــــــــــــــــــــــــ
(1) الكافي 4 : 363 / 1 .
(2) التهذيب 5 : 365 / 1272 .
(3) الجواهر 20 : 179 .
(4) الحدائق 15 : 154 .
(5) الوسائل 12 : 546 / أبواب تروك الإحرام ب 81 ح 7 .
(6) المائدة 5 : 95 .
(7) الوسائل 13 : 79 / أبواب كفارات الصّيد ب 39 ح 1 ، الكافي 4 : 237 / 26 .
|