ــ[396]ــ
7 ـ عقد النِّكاح
مسألة 233 : يحرم على المحرم التزويج لنفسه أو لغيره ، سواء أكان ذلك الغير محرماً أم كان محلاّ ،
وسواء أكـان التزويج تزويج دوام أم كان تزويج انقطاع ويفسد العقد في جميع هذه الصور (1) .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ــــــ
فانّ الظاهر أنّ السؤال ناظر إلى هذه الجهة ولا خصوصية للغرق والهدم .
فالمتفاهم من النص أنّ الميزان في الحكم بالكفّارة هو طلب الإمناء بأيّ نحو ومن أيّ سبب كان ولو
بالنظر والتفكر والخيال وما شاكل ذلك ، نعم لو طلب الامناء بالعبث بيده عليه كفّارة المجامع والحجّ
من قابل كما في النص (1) .
(1) لا خلاف بين الأصحاب في حرمة تزويج المحرم لنفسه أو لغيره محلاً كان الغير أو محرماً ، كما لا
خلاف في فساده ، ويدل عليه النصوص ، أظهرها صحيح ابن سنان «ليس للمحرم أن يتزوج ولا
يزوج ، وإن تزوج أو زوج محلاً فتزويجه باطل» (2) من دون فرق بين التزويج الدائم أو المنقطع ،
لصدق التزويج على كليهما ، كما لا فرق في الحكم بالبطلان بين العلم والجهل ، كما إذاجهل بطلان
العقد حال الاحرام أو نسي إحرامه ، لاطلاق النص .
ثمّ إنّ الصحيحة المتقدِّمة الّتي ذكرناها إنّما هي على طبق ما نقله في الوسائل من العطف بالواو في
قوله : «وإن تزوج ... » فحينئذ يحتمل أن يكون تأكيداً لما قبله فتكون الرواية صدراً وذيلاً دالّة على
الحكم الوضعي أي الفساد ، فلا دلالة في الصحيحة على تحريم التزويج ، إلاّ أن نسخة الوسائل غلط
جزماً ، فانّ الجملة الثانية معطوفة على الجملة الاُولى بالفاء قال : «فان تزوج» كما في التهذيب في
الطبعة القديمة والجديدة (3)
ــــــــــــــــــــــــــــ
(1) الوسائل 13 : 132 / أبواب كفارات الاستمتاع ب 15 ح 1 .
(2) الوسائل 12 : 436 / أبواب تروك الاحرام ب 14 ح 1 .
(3) التهذيب 5 : 328 / 1128 .
ــ[397]ــ
وفي الفقيه (1) وفي الاستبصار(2) فتكون دلالة الصحيحة على التحريم أظهر من العطف بالواو ، لأنّ
العطف بالواو وإن يحتمل فيه التأكيد ، وأمّا العطف بالفاء كما في الكتب الثلاثة فلا يمكن فيه التأكيد ،
لأنّ الظاهر من الفاء هو التفريع ولا معنى للتفريع على نفسه ، فإذا اُريد من الجملة الاُولى أي قوله :
«ليس للمحرم» البطلان فلا معنى لقوله ثانياً «وإن زوج فتزويجه باطل» . بل الصحيح أنّ المراد بقوله
: «ليس للمحرم» هو التحريم ثمّ فرّع عليه «فان تزوج فباطل» نظير تفريع بطلان النكاح بالمحرمات
على حرمة النكاح بهنّ .
وإذا وكّل أحداً في التزويج فزوّجه الوكيل حال الاحرام بطل ، لأن فعل الوكيل فعل الموكّل نفسه ،
نعم لو زوّجه بعد الخروج من الاحرام فلا إشكال فيه ، لأنّ الممنوع التزويج حال الاحرام لا التوكيل
في حال الاحرام ، ولو انعكس الأمر بأن وكّله في حال الحلال وزوّجه في حال الاحرام بطل ، لأن فعل
الوكيل فعل نفس الموكّل فكأنّ الموكّل بنفسه تزوج في حال الاحرام .
ولو عقد له فضولي وأجاز الزوج حال الاحرام بطل ، لأنّ التزويج يستند إليه بالاجازة حال
الاحرام ، ولو أجاز بعد الاحرام فلا مانع من صحّة التزويج ، أمّا على النقل فالأمر واضح ، لأنّ
الزوجية تحصل بعد الاحرام ، ومجرد الانشاء الصادر من الفضولي حال إحرام المعقود له غير ضائر ،
لعدم شمول أدلّة المنع له ، لعدم صدق التزويج عليه ، بل إنشاء للتزويج ، وكذا على الكشف المختار
، لأنّ التقدم للمتعلق وإلاّ فنفس الزوجية حاصلة حال الاجازة وبعد الاحرام فانّه من الآن يتزوج وإن
كانت الزوجية تحصل من السابق ، ولو انعكس الأمر بأن عقد له الفضولي حال احلال المعقود له
ولكنّه أجازه بعد الدخول في الاحرام يفسد على كل تقدير ، أمّا على النقل فواضح ، وأمّا على
الكشف فكذلك ، لأنّ الحكم بالتزويج وحصول الزوجية من زمان الاجازة الواقعة في حال الاحرام
وإن كان المتعلق سابقاً .
ــــــــــــــــــــــــــــ
(1) الفقيه 2 : 230 / 1096 .
(2) الاستبصار 2 : 193 / 647 .
ــ[398]ــ
مسألة 234 : لو عقد المحرم أو عقد المحل للمحرم امرأة ودخل الزوج بها وكان العاقد والزوج عالمين
بتحريم العقد في هذا الحال فعلى كل منهما كفّارة بدنة ، وكذلك على المرأة إن كانت عالمة بالحال (1)
.
مسألة 235 : المشهور حرمة حضور المحرم مجلس العقد والشهادة عليه ، وهو الأحوط ، وذهب
بعضهم إلى حرمة أداء الشهادة على العقد السابق أيضاً ، ولكن دليله غير ظاهر (2) .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ــــــ
وأمّا حصول الحرمة الأبدية فقد تعرضنا له مفصّلاً في كتاب النكاح في فصل المحرّمات الأبدية(1).
(1) ولو كانت محلة ، ويدل على جميع ما ذكر في المتن معتبرة سماعة عن أبي عبدالله (عليه السلام)
قال : «لا ينبغي للرجل الحلال أن يزوّج محرماً وهو يعلم أ نّه لا يحل له ، قلت : فان فعل فدخل بها
المحرم ، فقال : إن كانا عالمين فان على كل واحد منهما بدنة ، وعلى المرأة إن كانت محرمة بدنة ، وإن
لم تكن محرمة فلا شيء عليها ، إلاّ أن تكون هي قد علمت أنّ الّذي تزوّجها محرم ، فان كانت علمت
ثمّ تزوّجت فعليها بدنة» (2) وموردها وإن كان عقد المحل للمحرم ، ولكن لا نحتمل اختصاص الحكم
بالمحل ، بل ذكره من باب ذكر أخفى الأفراد ، فمعنى الرواية أن تزويج المحرم محرّم شرعاً حتّى إذا كان
العاقد محلاً .
(2) الشهادة قد يراد بها الشهادة في مقام التحمل الّتي دلّ عليه قوله تعالى : (وَلاَ يَأْبَ الشُّهَدَاءِ إِذَا مَا
دُعُوْا)(3) وقد يراد بها الشهادة في مقام الأداء كما اُشير إليها في قول الله عزّ وجلّ : (وَمَن يَكْتُمْهَا فَإِنَّهُ
آثِمٌ قَلْبُهُ)(4) ثمّ إنّ العرف السائد في ذلك
ــــــــــــــــــــــــــــ
(1) شرح العروة الوثقى 32 : 244 .
(2) الوسائل 12 : 438 / أبواب تروك الاحرام ب 14 ح 10 .
(3) البقرة 2 : 282 .
(4) البقرة 2 : 283 .
ــ[399]ــ
مسألة 236 : الأحوط أن لا يتعرّض المحرم لِخطبة النِّساء ، نعم لا بأس بالرجوع إلى المطلّقه الرجعية
، وبشراء الاماء ، وإن كان شراؤها بقصد الاستمتاع ، والأحوط أن لا يقصد بشرائه الاستمتاع حال
الاحرام ، والأظهر جواز تحليل أمته وكذا قبوله التحليل (1) .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ــــــ
الوقت كان على إقامة الشهادة عند التزويج ، بل العامّة يرون اعتبارها ، وقد ورد في مرسلتين المنع عن
حضور المحرم مجلس العقد وعدم تحمله له ، ففي إحدى المرسلتين قال «المحرم لا ينكح ولا ينكح ولا
يشهد» (1) وفي مرسلة اُخرى «في المحرم يشهد على نكاح محلين، قال: لا يشهد»(2).
وبما أ نّهما مرسلتان لا يمكن الاستناد إليهما وإن ادعي الاتفاق على هذا الحكم ، ولذا كان المنع عن
حضور المحرم مجلس العقد وتحمله له مبنياً على الاحتياط .
وأمّا أداء الشهادة في حال الاحرام على العقد السابق فلم يرد دليل على المنع ، بل قد يجب لاحقاق
الحق ودفع الظلم ، وأداء الشهادة غير داخل في المرسلتين المتقدمتين ، فتحمّل الشهادة أي الحضور في
مجلس العقد ممنوع احتياطاً للمرسلتين وأمّا أداء الشهادة فلا تشمله المرسلتان .
(1) حرمة الخِطبة لا دليل عليها إلاّ المرسل المتقدِّم على نسخة الكافي فانّه زاد : «ولا يخطب» (3)
وأمّا الرجوع إلى المطلقة الرجعية فلا بأس به ، لعدم صدق التزويج عليه ، وإنّما هو رجوع إلى الزوجية
السابقة سواء كان الرجوع لرجوع الزوجة إلى ما بذلت في الطلاق الخلعي أو كان الرجوع ثابتاً في
نفسه ، بل ذكرنا مراراً أنّ المطللّقة الرجعية زوجة حقيقة ولم تحصل البينونة إلاّ بعد انقضاء العدّة ،
وإنّما إنشاء الطلاق يؤثر في البينونة بعد انقضاء العدّة .
وأمّا شراء الإماء ولو بقصد الاستمتاع فلا دليل على المنع ، مضافاً إلى الروايات
ــــــــــــــــــــــــــــ
(1) ، (2) الوسائل 12 : 438 / أبواب تروك الاحرام ب 14 ح 7 ، 5 .
(3) الكافي 4 : 372 / 1 .
|