ــ[2]ــ
ويتحقّق الترك بالتأخير إلى زمان لا يمكنه إدراك الرّكن من الوقوف بعرفات (1) .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ــــــ
يؤت به ، من دون فرق بين كونه عالماً أو جاهلاً بالحكم أو بالموضوع ـ كما إذا طاف في مكان آخر
بتخيل أ نّه البيت ـ لأنّ العمل ناقص وهو غير مأمور به وإجزاء الناقص عن التام يحتاج إلى دليل
بالخصوص ، فان لم يكن دليل على الاجزاء فالحكم بالبطلان على القاعدة ، لعدم الاتيان بالمأمور به ،
إذ المركب ينتفي بانتفاء جزئه ولا حاجة إلى الدليل على البطلان .
مضافاً إلى ذلك يدلّنا على البطلان في فرض الجهل صحيح علي بن يقطين «سألت أبا الحسن (عليه
السلام) عن رجل جهل أن يطوف بالبيت طواف الفريضة ، قال : إن كان على وجه جهالة في الحج
أعاد وعليه بدنة» (1) ومن المعلوم أولوية العالم من الجاهل بالاعادة والفساد .
ويؤيّده خبر علي بن أبي حمزة «عن رجل جهل أن يطوف بالبيت حتّى يرجع إلى أهله ، قال : إن
كان على وجه الجهالة أعاد الحج وعليه بدنة» (2) .
ولكن موردهما الحج ولا يشمل العمرتين ، إلاّ أنّ الّذي يسهل الأمر أنّ الحكم بالبطلان على
القاعدة بعد القطع بجزئية الطّواف في الحج والعمرة ، فلا نحتاج إلى دليل خاص للحكم بالبطلان ، من
دون فرق بين ما لو تركه عالماً أو جاهلا .
وأمّا الناسي فسيأتي حكمه .
(1) ويتحقق ترك الطّواف بعدم إدراك الوقوف بعرفات ولو آناًما ، على الخلاف المتقدم في حدّ
الضيق لمن ضاق وقته عن إتمام العمرة وإدراك الحج (3) .
ــــــــــــــــــــــــــــ
(1) ، (2) الوسائل 13 : 404 / أبواب الطّواف ب 56 ح 1 ، 2 .
(3) راجع شرح العروة 27 : 228 المسألة [ 3210 ] .
ــ[3]ــ
ثمّ إنّه إذا بطلت العمرة بطل إحرامه أيضاً على الأظهر (1) والأحوط الأولى حينئذ العدول إلى حج
الافراد ، وعلى التقديرين تجب إعادة الحج في العام القابل .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ــــــ
(1) فحينئذ لا حاجة إلى المحلل بعد فساد النسك بتعمد ترك الطّواف ، ضرورة بطلان الاحرام
الّذي هو جزء من العمرة ببطلان الطّواف وفساده ، فانّ الاحرام إنّما يكون جزءاً للنسك إذا لحقه
بقية الأجزاء ، فالاحرام الملحوق بسائر الأعمال والأجزاء جزء للنسك ، فلو انقطع ولم يأت ببقية
الأعمال على وجهها ينكشف عن أنّ الجزء الأوّل لم يكن بواجب وبمأمور به أصلاً كما هو الحال في
تكبيرة الاحرام ، فانّ التكبيرة إنّما تكون جزءاً للصلاة إذا أتى المصلي ببقية الأجزاء اللاّحقة ، فجزئية
التكبيرة مشروطة باتيان الأجزاء اللاّحقة على نحو الشرط المتأخر ، وكذلك المقام ، إذ ليس مجرد قوله
: لبيك يكون إحراماً ما لم يأت ببقية الأعمال ، فاذا لبى ولم يطف ولم يذهب إلى عرفات فلم يأت
بالمأمور به من الأوّل ويكشف عن أنّ الاحرام الصادر منه ملغى لا يترتّب عليه أيّ أثر ، من دون فرق
بين العلم والجهل ، لعدم إتيانه بالمأمور به ، وما أتى به مجرّداً عن الأجزاء اللاّحقة غير مأمور به .
وبما ذكرنا ظهر فساد ما نسب إلى المحقق الكركي من بقائه على إحرامه ومحرماته إلى أن يأتي بالفعل
الفائت في محله وهو السنة الآتية (1) .
على أ نّه يسأل المحقق المذكور أن هذا الشخص يحج في السنة الآتية بالاحرام الأوّل ومن دون
تجديده ، فهذا ينافي ما ذكروه من اعتبار وقوع العمرة والحج في سنة واحدة ، وإن التزم باحرام آخر
فلا معنى لبقائه على إحرامه الأوّل ، فان تجديد الاحرام يكشف عن بطلان الاحرام الأوّل ، ولكن مع
ذلك الأحوط استحباباً أن يعدل إلى الإفراد ، لعدّة من الروايات المتقدمة في تلك المسألة (2) ، ولكن
موردها عدم الادراك اضطراراً والترك عن غير اختيار ، ولا تشمل مورد الترك الاختياري العمدي
ــــــــــــــــــــــــــــ
(1) لاحظ جامع المقاصد 3 : 201 .
(2) راجع شرح العروة 27 : 229 ذيل المسألة [ 3210 ] .
|